الرباط - المغرب اليوم
انتقدت مصادر نافذة في مديرية الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية، الخلل الموجود في مقترحات اعتمادات قانون المالية لسنة 2018 بين قطاعات اجتماعية أساسية موجهة لعموم الشعب، خصوصا الفئات الهشة والفقيرة، ذات حساسية عاجلة ومفرطة، وبين قطاعات موجهة خدماتها بالأساس إلى فئة اقتصادية معينة صغيرة، تسعى إلى الربح المادي الشخصي المباشر.
وأفادت المصادر المتحدثة أن القانون المذكور أصبح في مرحلة اللمسات الأخيرة قصد عرضه على البرلمان خلال شهر أكتوبر المقبل، وأنه تميز بالحفاظ على الوضع السابق للاعتمادات المالية، بدون إدخال تعديلات مهمة على القطاعات المعنية بتقديم خدمات عمومية مباشرة للمواطنين، والمتميز بترجيح كفة قطاع الفلاحة في شقه الخدماتي لكبار المستثمرين على حساب باقي القطاعات الاجتماعية.
وأضافت المصادر نفسها أنه كان من المنتظر أن يذهب محمد بوسعيد وزير المالية، الذي لا يتشاور بشكل حقيقي مع رئيس الحكومة، في اتجاه تنزيل الخطب الملكية الأخيرة المهتمة بشكل ملحوظ بدعم القدرة الشرائية والاستجابة لمطالب المواطنين الاجتماعية من خدمات وصحة وغيرهما، غير أنه فضل إبقاء ميزانية وزارة رئيسه في الحزب عزيز أخنوش فيما يفوق 17 مليار درهم، مع العلم أن وزارة الفلاحة هي ليست وزارة خدمات اجتماعية عمومية مباشرة، والإبقاء على ميزانية الصحة في حدود 12 مليار درهم، هذه الوزارة المعنية بخدمة عمومية مباشرة مرتبطة بصحة المواطنين، وتتعرض دائما لاحتجاجات نظرا لضعف التطبيب، ونقص المستشفيات وكثرة الوفيات بسبب ذلك.
وخلصت ذات المصادر الخبيرة بالشؤون الميزانياتية إلى كون وزير المالية لم يخرج من النزعة الليبرالية المحافظة، المرتبطة بالتوازنات الكبرى وبمنح السوق حرية أكبر في تدبير نفسه وتخفيض العجز على حساب رفع دعم المرافق والحاجيات الأساسية للمواطنين، وبالتالي الانحراف باقتصاد المغرب بعيدا عن التوجه الاجتماعي الذي تم التأسيس له منذ حكومة عبد الرحمان اليوسفي، والذي زكاه العهد الجديد، الشيء الذي يوضح بالملموس توجه نحو زرع مزيد من عناصر الاحتقان الاجتماعي ومزيد من الدعم للبورجوازية الجديدة ذات الامتداد التجاري على حساب الفلاحين الصغار في القرى والبوادي، في سياسة اقتصادية ينطبق عليها المثل المغربي الشعبي الساخر "زيد الشحمة فظهر المعلوف" حسب تعبير ذات المصادر.