تونس - وكالات
تتخذ رواية «الغوريلا» الصادرة حديثا للكاتب التونسي كمال الرياحي، من الواقع الذي أفرزته الثورة التونسية ساحة لأحداثها، التي تبدأ قبل اندلاع الثورة وتنتهي بعدها. وتعتمد الرواية تقنية الكتابة السينمائية المشهدية، فتروي كل شخصية من شخصياتها بعضا مما عرفته عن الغوريلا الذي يتمسك بمكانه فوق البرج إلى أن يأتي علي كلاب ضابط الشرطة الفاسد المعروف بتاريخه الأسود في قضايا التعذيب ويقرر انزاله بالصعقات الكهربائية. يصاب الغوريلا بصعقة كهربائية قوية فيسقط احتراقا. تتحرك الجماهير وتهجم على الشرطة التي ترد عليها بالرصاص الحي وتبدأ عملية تمرّد بمظاهرة يحمل فيها الغوريلا المحترق على الاكتاف وتندلع الثورة في كل الشوارع. تنفتح الرواية على مكان عام هو شارع الحبيب بورقيبة، في قلب العاصمة التونسية، وهو نفس الحيز الذي تنغلق عليه تقريبا، مما يؤكد على أن المكان الروائي دائريّ في شكله العام. لا يختلف بناء الرواية المكاني عن البناء المعماري للعاصمة تونس فإذا كانت المدينة متكونة من شارع رئيسي وأحياء خلفية وسجون وإصلاحيات ومعسكرات فإن الرواية متكونة من حيز رئيسي وأماكن حافة تؤسس للوحات مختلفة وأطُر متباينة تبرز التماهي بين اللغة والصورة. وقد حاول الرياحي أن يوظف الأماكن بشكل جيد في البعد السياسي حتى لا تسقط الرواية في النقد السياسي المباشر، فقد جمعت الحكاية بين التسجيلي والتخييلي وخاصة في مشهد الثورة في شارع الحبيب بورقيبة. كمال الرياحي الذي شارك في مسابقة «بيروت 39» التي نظمتها «مؤسسة هاي فستيفال» عام 2009، يبني مناخات روايته الكابوسية المليئة بالعنف والقسوة والاستبداد انطلاقاً من برج الساعة الذي يتسلقه صالح متغلباً على خوفه، ومعلناً ألمه بصراحة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستستخدم الثورات العربية كموضوع في الروايات التي ستكتب لاحقاً؟ أم أن الثورة ستصوغ هذه الروايات وفق لغتها وأسلوبها وأدواتها الفنية الجديدة؟ كيف تغير الثورات مجتمعاتنا الحالية من دون أن تغير ما يروى عن هذه المجتمعات كتابةً وشعراً ومسرحاً؟