فاس - حميد بنعبد الله
رسمت السكرتارية الوطنية لتيار الأساتذة الباحثين التقدميين في النقابة الوطنية للتعليم العالي المغربية صورة قاتمة عن العام الجامعي الجديد، والذي قالت إنه اتسم بنفس الضغوطات للسنوات السابقة، خاصة فيما يتعلق بالازدحام وضعف البنية التحتية لغالبية مؤسسات التعليم العالي في مختلف المدن، وضعف وتراجع التكوين التربوي والعلمي، فيما تأسف تيار الأساتذة الباحثين التقدميين للنقص الكبير في هيئة التدريس في الجامعات المغربية.
وسجلت في بيان أصدرته إثر اجتماع عقدته، الخميس في مدينة الرباط، لتدارس مستجدات الدخول الجامعي الحالي، استمرار الدولة في نهج سياسة الارتجال والترقيع المتسرع والشكلي في مقاربة إصلاح التعليم بمختلف مراحله، ومحاولة التملص من مسؤوليتها تجاه التعليم العمومي، وغياب ضمان الحق المتكافئ لجميع الطلاب المجازين في دراسات "الماستر" الأساسية.
وكشفت عن غياب إستراتيجية واضحة ناجعة لدى الحكومة من أجل إصلاح بيداغوجي (تربوي) حقيقي وشمولي، والنهوض بالبحث العلمي بصفته قاطرة للتقدم والنمو الحقيقيين، وتعنت وتسلط المسؤولين على إدارة بعض مؤسسات التعليم العالي، واستمرارهم في نهج أسلوب التعسف في استعمال السلطة، والانفراد بالقرارات بتجاوز هياكل المؤسسات، وانعدام الشفافية في الإدارة.
واستحضرت بأسف الفراغ الكبير في هيئة التدريس والتدريب والتزايد المستمر في أعداد الطلاب وهشاشة البنيات التحية للجامعة المغربية، وما لها من انعكاسات سيئة وسلبية على جودة التكوينات والبحث، حيث أصبح الانحدار البنيوي لوضع التعليم مُهدِّدًا بمزيد من التفاقم، مع خطورة انعكاساته الوخيمة على التنمية وتطور المجتمع.
وأشارت في بيانها الذي تضمّن عبارات "نارية" تخللتها جرأة كبيرة، إلى غياب رؤية إستراتيجية طويلة المدى واضحة شاملة وناجعة تعمل على إخراجه من الوضعية المزرية التي آل إليها، حتى يتسنى له القيام بالدور المنوط به، عِوضًا عن ترديد الشعارات الرنانة والوعود الكاذبة، وعن الإصلاحات الارتجالية التي قهقرت مستوى التعليم إلى الوراء.
واستعرضت ما تشهده جامعات عدّة من تخبط في تدبير شؤونها ومن تسلط في التسيير وتجاوزات في حق بعض الأساتذة الباحثين زادت من تفاقم الوضعية في غياب تسيير شفاف ونزيه، وفي انعدام الرغبة والعزم على القطع مع كل التصرفات التعسفية، واعتماد دمقرطة حقيقية للجامعة يكون انتخاب كل المسؤولين فيها من أولوياتها مع ربط المسؤولية بالمحاسبة.
واتّهم تيار الأساتذة الباحثين التقدميين في نقابة التعليم العالي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، بالتمادي منذ بداية ولايته في "التصريحات الديماغوجية (الفوضوية) الشعبوية المتضاربة واللامسؤولة، والمستخفة بالجامعة والجامعيين وبتضحياتهم الجسيمة"، مستنكرًا محاولة الإجهاز على المكتسبات الاجتماعية، وفي مقدّمتها صندوق المقاصّة وصندوق التقاعد.
وبدا غاضبًا من عدم توفير الإمكانات المادية المناسبة والبشرية القارة والمؤهلة التي تمكن من استيعاب الأفواج المتزايدة من الطلاب، وغياب التعويض الاستباقي المستمر والسريع للأساتذة الباحثين المحالين على التقاعد؛ وعدم تنفيذ الوزارة لالتزاماتها وعدم استجابتها لكل مطالب الأساتذة الباحثين، بما فيها حذف المادة 17من القانون 01.00 والموادّ المرتبطة بها.
وقرّرت السكرتارية الوطنية الدعوة إلى اجتماع اللجنة الوطنية لتنسيق تيار الأساتذة الباحثين التقدميين سيتم الإعلان عنه قريبًا، من أجل تقييم شامل ودقيق للمرحلة في أفق تأصيل برنامج نضالي دفاعًا عن المطالب المشروعة للأساتذة الباحثين، ومن أجل جامعة شعبية عمومية، وصونًا لحرمة الجامعة، وتصديًا لكل ما من شأنه المساس بكرامة الأساتذة الباحثين أيًا كانت مواقعهم.