مراكش ـ ثورية ايشرم
يعدُّ حي "سيدي ميمون" من أقدم الأحياء المراكشيّة، وهو حي صغير، إذا ما قورن مع باقي أحياء المدينة، له منفذ واحد، من الشارع الذي يمتد من مسجد "الكتبية" إلى "باب الرب".ويأتي اسم الي نسبة إلى الإمام الصوفي "سيدي ميمون الصحراوي"، تلميذ الإمام عبد الله بن ياسين، ويتواجد الحي داخل "السور الموحدي" الجديد، وخارج "السور المرابطي" القديم،
الذي هدم في عهد السلطان الموحدي أبو يعقوب يوسف، ليوسع الحي نحو الغرب، وبذلك يصبح الحي، الذي كان يسمى "حي باب الشريعة"، مجالاً حضريًا جديدًا، أضيف إلى مراكش، بعد هدم "السور المرابطي".
ويقع الحي بين قصر "الحجر" و"تامراكشت" (أي دارالخلافة) القديم، أضيف إلى المدينة السلطانية الجديدة، بغية توسيع مجال الإسكان للخدم والتابعين لدار الخلافة، عندما ضاقت الأرض في "تامراكشت" في فترات الازدهار.
وبني حي سيدي ميمون في عهد يوسف بن علي بن عبد المؤمن، في عام 1183، وهي الحقبة التي أسكن فيها السلطان، داخل مراكش، ما يقارب 30000 نفر من قبائل "هسكورة" و"صنهاجة"، ومن الوافدين من منطقة عبد المؤمن قرب تلمسان، إثر محاولة اغتياله.
ويشمل الحي أربعة دروب، هي درب "الفندق"، ودرب "الجديد"، و"سيدي مبارك"، و"سيدي ميمون"، الذي يأوي ضريح الولي "سيدي ميمون الصحراوي"، إضافة إلى السويقة، التي تمتد من مدخل الحي حتى مستشفى ابن زهر.
ويتميز موقع حي سيدي ميمون بخاصيات عدة، فهو يقع وسط عرصات عدة، هي "عرصة ابن إدريس"، التي تقع بين "باب الرب" وحي سيدي ميمون، وكانت في ملكية مولاي عبد السلام بن السلطان سيدي محمد بن عبد الله، اشتراها منه الوزير الشاعر ابن إدريس في عهد السلطان مولاي عبد الرحمن، وتحوّلت هذه العرصة إلى إقامة ملكية خاصة، جنوب حي سيدي ميمون.
ويحاذي الحي أيضًا عرصة "مولاي مصطفى"، قاضي مراكش، وتقع بين مدخل حي سيدي ميمون والشارع، أمام حديقة "الكتبية"، وهي مغروسة بمختلف الأشجار، لاسيما أشجار الزيتون والبرتقال، ولها بابان، واحد داخل الحي، والآخر على طريق "باب الجديد"، وقد اقتطع الجزء الأكبر من أرض هذه العرصة، ليتحول إلى دور، ومحلات تجارية، تمتد من ضريح يوسف بن تاشفين إلى الباب الرئيسي والوحيد لحي سيدي ميمون، قبالة رياض المنيعي.
ويوازي الحي عرصة "المأمونية"، نسبة إلى مولاي المأمون ابن السلطان سيدي محمد بن عبد الله، الذي أمر بغرس أشجارها، أو ربما نسبة إلى الخيمة المصنوعة من القصب "المأموني"، بغية أن تستعمل كمكان للتظلل من حر شمس الزوال، وتحول الجزء الغربي منها، منذ 1915، إلى فندق "المأمونية"، ومستشفى ابن زهر.
وتحتوي بساتين فندق "المأمونية" الفخم على 150 صنفًا من أنواع الأشجار والنباتات، تمّ جلبها من جميع بقاع العالم، وغرست على مساحة 3 هكتارات، وهي مجال أخضر شاعري سلب لب مشاهير العالم.
ومن بين المعالم التي يحتضنها هذا الحي هناك مستشفى ابن زهر، أو مستشفى المأمونية كما يسميه المراكشيون، وهو من أقدم المستشفيات، التي شيدت في مراكش، فضلاً عن ضريح مؤسس المدينة يوسف بن تاشفين، وضريح أحد رجالات مراكش السبعة.