تونس - أزهار الجربوعي
خفضت وكالة " ستاندارد اند بورز" التصنيف الائتماني لتونس، بالنسبة للقروض على المدى الطويل والقصير ليبلغ درجة BB-/B، في حين أعرب البنك المركزي التونسي عن قلقه من تفاقم العجز التجاري وهو ما انعكس على تراجع مخزون البلاد من العملة الصعبة إلى 96 يوما، جاء ذلك فيما حذر وزير المال التونسي إلياس الفخفاخ من ارتفاع قيمة الأجور في الوظيفة العمومية
بنسبة قدرها 33%، بخاصة من حيث انعكاساته على استنزاف الموارد المالية وموازنة الدولة.
وأكدت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، أنها قامت مجددا بتخفيض التصنيف الائتماني لتونس بالنسبة للقروض على المدى الطويل والقصير ليبلغ درجة BB-/B مع الإبقاء على نظرة سلبية للتصنيف.
يأتي هذا التخفيض من الوكالة بعد أن كان البنك المركزي التونسي قد أعلن عن تراجع مخزون العملة الصعبة ليبلغ 96 يوما توريد، معربا في الوقت نفسه عن قلقه من تفاقم العجز التجاري.
ويعتبر هذا الإجراء الثاني من نوعه في غضون 4 أشهر بعد أن عمدت الوكالة نفسها إلى تخفيض التصنيف الائتماني لتونس خلال شهر شباط/فبراير الماضي حيث مر التصنيف من درجة BB إلى درجة BB- بسبب توتر الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد عقب حادث اغتيال الأمين العام السابق لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد.
وتصدر وكالة "ستاندرد اند بورز" تصنيفها لتقيس مدى قدرة حكومة أو شركة أو مؤسسة ما مقترضة، على الوفاء بالتزاماتها المالية لدى الجهة المقرضة، وهو ما يعتبر شهادة بشأن الوضع المالي للجهة المعنية، وهي إحدى وكالات التصنيف الائتماني المعتمدة من قبل مجلس أوراق المال الأميركي.
وأعرب البنك المركزي التونسي عن قلقه من تفاقم العجز الجاري، مشددا على أهمية تحقيق التوازن بين القطاع الخارجي والمدخرات من العملة الأجنبية.
وفي ما يتعلق بالقطاع الخارجي، فقد سجل البنك المركزي تواصل تفاقم العجز التجاري خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، حيث ارتفع العجز بنحو 5,5? مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، نتيجة تراجع تغطية الصادرات بالواردات، وهو ماساهم في تواصل الضغوط على العجز الجاري ليبلغ 3,7% من الناتج المحلي الإجمالي مما أدى بدوره إلى انخفاض الموجودات الصافية من العملة الأجنبية التي بلغت 10.263 مليون دينار أي ما يعادل 94 يوما من التوريد بتاريخ 21 حزيران /يونيو في ضوء تراجع فائض ميزان العمليات المالية نتيجة تقلص كل من الاستثمار الأجنبي وعمليات السحب على القروض الخارجية متوسطة وطويلة الأجل.
وفي سياق متصل، أعلن البنك المركزي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير.
ومقابل ارتفاع قيمة العجز التجاري التونسي، أكد وزير المال التونسي إلياس الفخفاخ ،أن قيمة الأجور في الوظيفة العمومية ارتفعت منذ سنة 2010 من 6500 مليون دينار إلى 9700 مليون دينار سنة 2013، أي بنسبة قدرها 33% من موازنة الدولة، على خلفية تطور زيادات أجور العاملين في القطاع العمومي منذ ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011.
وحذر الفخفاخ من تواصل الرفع في أجور الوظيفة العمومية باعتبار أنها ستأخذ نسبة أكبر في موازنة الدولة، وهو ما سينجر عنه عجز في الموازنات المالية.
كما أوضح إلياس الفخفاخ أن أغلب الزيادات المسجلة في أجور الموظفين، شملت المنتمين لقطاعات الوظيفة العمومية، وهو ما أثر في موازنة الدولة، مشيرا إلى أن أغلب هذه الزيادات كانت ضرورية لتحسين الظروف الاجتماعية للموظفين، الذين عانوا خلال العهد السابق من تواضع وضعياتهم الاجتماعية.
وأكد وزير المال التونسي أن القرض الذي تحصلت عليه تونس من بنك النقد الدولي بقيمة 2.7 مليار دينار، سيساعد في تحقيق ثلاثة أهداف أساسية وهي جلب الاستثمار الخارجي، وتحقيق التوازن المالي للبلاد، وكسب ثقة الممولين الدوليين بعد الاطمئنان على وضع تونس المالي.
وتعيش تونس ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، وضعت فيها الحكومة بين سندان المطلبية الاجتماعية والنقابية ومطرقة الموارد المالية المحدودة للدولة، بخاصة بعد ارتفاع نسبة البطالة بعد الثورة التي ناهزت المليون عاطلا عن العمل، ويرى مراقبون أن سبب هذه "النكسة الاجتماعية" يعود إلى الظروف الأمنية المتوترة التي دفعت بالعديد من المستثمرين التونسيين والأجانب إلى تصفية مؤسساتهم والبحث عن وجهة أكثر استقرارا من تونس.