الرباط - المغرب اليوم
قلل وزير المال والاقتصاد المغربي محمد بوسعيد من تداعيات الحروب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين على مستقبل الاقتصاد العالمي الذي وصفه بـ "القوي" مقارنة بما كان عليه الحال قبل 10 أعوام خلال الأزمة المالية العالمية.
وأكد بوسعيد في تصريح إلى صحيفة "الحياة" اللندنية، أن "الاقتصاد العالمي تعلّم من التجارب السابقة، وتأثير الأزمة في حال وقوعها سيكون محدودًا بسبب مناعة الاقتصاد العالمي". ولفت إلى أن "زيادة الرسوم الجمركية على الصادرات قد يضرّ بحجم التجارة والمبادلات السلعية العالمية، ويزيد معدلات التضخم ويقلص معدلات نمو الاقتصاد العالمي، ولكن هذه فرضيات أولية".
وشدد وزير المال على أن "الاقتصاد المغربي أصبح أقوى وأكثر تنوعًا ومناعة مقارنة بعام 2008، لكن تأثر الشركاء المباشرين للمغرب في الاتحاد الأوروبي بتقلص محتمل في التجارة الدولية، قد يؤدي إلى تداعيات على الطلب الخارجي وبالتايل على الصادرات المغربية". ويُقدر عجز ميزان المدفوعات الخارجية بنحو 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ9.5 في المئة عام 2012 خلال فترة ارتفاع أسعار النفط الدولية، وتسعى الحكومة إلى خفضه إلى 3.5 في المئة خلال العامين المقبلين، مراهنة على زيادة الصادرات الصناعية واعتدال أسعار النفط التي تؤثر سلبًا في الميزان التجاري الذي بلغ فيه العجز نحو 100 بليون درهم "10.5 بليون دولار" خلال النصف الأول من العام الجاري. ويُتوقع أن تبلغ تجارة المغرب الخارجية نحو 84 بليون دولار نهاية 2018 .
وتوقع بوسعيد نمو الاقتصاد المغربي 3.6 في المئة خلال العام الجاري، وما بين 4.5 و5.5 في المئة خلال الأعوام المقبلة، على أن عجز الموازنة عند 3 في المئة من الناتج المحلي، وتنخفض المديونية إلى 60 في المئة والتضخم إلى 2 في المئة، ما قد يسمح بخفض معدلات البطالة إلى 8.5 في المئة مقارنة بـ10.5 في المئة حاليًا، واعتبر أن "تحقيق هذه الأهداف يبقى تحديًا كبيرًا للاقتصاد على المدى المتوسط ويحتاج إلى جهود كبيرة من جميع الأطراف وأوضاع داخلية وخارجية مناسبة، منها زيادة منسوب الثقة بين الفاعلين والمستثمرين". وسيتم اعتماد موازنة ثلاثية للأعوام 2019-2021 مطلع العام المقبل لتفادي الصدمات الخارجية المحتملة وتحقيق نجاعة أكبر في التدبير المالي وتحسين معدلات النمو.
وقال بوسعيد "هذا امتحان جديد يسمح بتحسين متواصل للمؤشرات والخروج بتوقعات أدقّ"، مشيرًا إلى أن "الآفاق تبدو صعبة لتدبير الموازنة في ظل تزايد الإكراهات وتقلص الهوامش المالية المتاحة".
وتتوقع الرباط توقف المساعدات والهبات المالية الخليجية العام المقبل، والتي كانت تقدر ببليون دولار سنويًا على مدى 5 أعوام، كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو الثلث خلال النصف الأول من العام الجاري. وتبدو التحديات خلال عام 2019 كثيرة على صعيد جذب مزيد من الاستثمارات، في وقت تضاعفت فيه المطالب الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والخدمات وإيجاد فرص عمل للشباب، وتحسين أوضاع العالمين وزيادة الرواتب في القطاع العام ومعالجة الصعوبات الاجتماعية للفئات الفقيرة.
وسترتفع نفقات العام المقبل 11 بليون درهم للاستجابة لشروط الإصلاح الاقتصادي ومواصلة مشاريع البناء والتطوير والإعداد لنموذج اقتصادي جديد أكثر إدماجًا للفئات المهشمة ويدرّ عائدات أعلى.