وجدة - عبد القادر محمد
تسبب مقتل مهرب شاب جزائري برصاص الدرك الإثنين 5 آب/أغسطس الجاري، في مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وعناصر الدرك بمدينة "بير العاطر" على بعد 89 كلم من "تبسة" الحدودية لجهة(الشرق)، استمرت لأكثر من أربع ساعات استعملت فيها الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم . وقامت عناصر الدرك المكلفة بمراقبة الحدود بمطاردة الضحية الذي كان يقود شاحنة صغيرة محملة بأطنان عدة من العنب المجفف (الزبيب) قادمة من تونس . وخلفت المواجهات حوالي عشرة جرحى من الجانبين، ولم تهدأ الأوضاع إلا بعد يوم الثلاثاء بعدما تم استقدام تعزيزات أمنية .
ويأتي الحادث المأسوي بعد أيام قليلة على منح وزارة الدفاع الجزائرية، في سابقة تعد الأولى من نوعها، الضوء الأخضر لأفراد الجيش وحرس الحدود لإطلاق النار على أي شخص يحاول التسلل إلى الأراضي الجزائرية عبر الحدود، سواء المشتركة مع تونس أو المغرب أو ليبيا.
وعاشت مدينة مغنية حالة طوارئ ليلة الاثنين - الثلاثاء5/6 آب/أغسطس 2013، بفعل حريق ضخم تم إضرامه في مقر مفتشية الجمارك، في ذروة "الحرب" التي أعلنتها الحكومة الجزائرية "الحلابة" على مهربي الوقود على الحدود الغربية والشرقية. وتصاعد دخان أسود داكن في السماء من مفتشية أقسام الجمارك لمغنية، والتي تمت محاصرتها من طرف أعداد هائلة من أعوان الأمن والدرك الوطنيين، كما انتقل المسؤولون الولائيون لهذه الهيئات من عاصمة الولاية تلمسان لمعاينة الحادث.
وقد سادت حالة من الذعر في أوساط السكان عندما شاهدوا عشرات سيارات وشاحنات الإطفاء للحماية المدنية تتنقل في اتجاه غرب المدينة، وهو الطريق المؤدي إلى الحدود مع المملكة المغربية وكذلك أقصى شمال غرب الولاية "مرسي بن مهيدي". وقد صارع أعوان الحماية المدنية النيران أكثر من 3 ساعات في حظيرة المحجوزات ولم يتمكنوا من توقيف ألسنة اللهب من بلوغ المكاتب والمصالح الإدارية.
ويذكر هذا حادث، بمظاهرات صاخبة وعنيفة، ليلة السبت 22 مايو/آيار 2010، لأكثر من ألف مواطن جزائري من بلدة "بوكانون" وسكان البلدات المجاورة لها، الواقعة على الشريط الحدودي الجزائري المغربي، حيث قاموا بإضرام النيران في المركز الحدودي الجزائري التابع لمصالح الجمارك وشرطة الحدود الجزائرية بصب البنزين عليها، وتم إحراق أكثر من 300 سيارة منها أربع سيارات تابعة لمصالح الجمارك وأربع أخرى ملك خاص لجمركيين والبقية سيارات محجوزة لمواطنين جزائريين.
وفجّر هذه المظاهرات الصاخبة والاحتجاجات الغاضبة ليلة السبت وتواصلت طيلة يوم الأحد، مصرع مهرب شاب جزائري لا يتجاوز عمره التسعة عشر عاماً بعد انقلاب سيارته من نوع "رونو إكسبريس" بعد صدمها لإيقافها من طرف سيارات الجمارك الجزائرية خلال مطاردتها، بعد أن رفض الشاب الهالك التوقف عند حاجز جمركي للمراقبة على بعد بضعة كيلومترات من بلدة بوكانون.
ولقد سبق للمنطقة ذاتها أن تعرضت لغضب السكان وقاموا كذلك بنفس العملية بإحراق المركز الحدودي المغلق الذي تحول إلى محجز خلال السنة ما قبل الماضية على خلفية مقتل شاب برصاص حرس الحدود وفي ظروف مشابهة.
وكلما قررت السلطات الجزائرية تطبيق إجراءات بحجة محاربة التهريب وتشديد الخناق على المهربين بالشريط الحدودي الجزائري ،تقوم الاحتجاجات والمظاهرات بالمدن والقرى الجزائرية بالشريط الحدودي الجزائري المغربي، كما حصل خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2005 وقبله بالمناطق المقابلة للنقط الحدودية المغربية بني ادرار وبني خالد والشطايطة والعراعرة والشراكة وربان والدغمانية لمرات عديدة.
وجاءت تلك الاضطرابات والاحتجاجات التي قام بها السكان الجزائريون بالمناطق الحدودية خصوصا بمناطق مدن"كولوم بشار" و"مغنية" رددوا خلالها شعارات تنديدية واستنكارية بالإجراءات للحكومة الجزائرية التي مست لقمة عيشهم وحَدَّتْ من نشاطاتهم التجارية ومنها الزيادة في المواد الاستهلاكية. وكانت القوات الجزائرية قد تدخلت بعنف لإخماد نيران المظاهرات التي اتسمت بأعمال الشغب وإضرام النيران وقامت باعتقالات في صفوف المتظاهرين من السكان الجزائريين الذي يعيش أغلبهم من التجارة الحدودية.