الرباط - كونا
أنعشت المهرجانات سوق السياحة الداخلية في المغرب الذي تضررت وجهته السياحية جراء تداعيات الازمة المالية والاقتصادية في بعض بلدان اوروبا. وتستقطب المهرجانات جمهورا واسعا من السياح المغاربة والأجانب لا سيما في فصل الصيف حيث يكون لكل مدينة شاطئية مهرجان خاص. وتنشط مع ايام المهرجانات حركة الرواج الاقتصادي وتزدهر سوق تأجير البيوت المفروشة وترتفع نسب الحجز وليالي المبيت في الفنادق المصنفة كما يكثر التسوق. لذلك فإن المجالس البلدية والجمعيات الاهلية والسلطات تراهن على جعل المهرجانات في المغرب داعمة للتنمية وللترويج للوجهة السياحية في المغرب سواء في الداخل أو في الخارج. وتتعدد موضوعات المهرجانات التي تستمر على مدار السنة بتعدد الاهتمام بتنوع الثقافة المغربية وغناها وبالانفتاح الحضاري على ثقافات الامم الأخرى لتجسير التواصل معها على الصعيدين الفني والثقافي ولبحث الروابط المشتركة بين الثقافات وتثمين الحوار في ما بينها. واكتسب عدد من مهرجانات المغرب صيتا عالميا كمهرجان (موازين ايقاعات العالم) في الرباط الذي تم تصنيفه مؤخرا في المرتبة الثانية بين أكبر مهرجانات الموسيقى في العالم والمهرجان الدولي للفيلم في مدينة مراكش والذي أصبح ينافس اهم المهرجانات الدولية للسينما في العالم. ومن المهرجانات ايضا مهرجان (تيميتار) في أغادير الذي اختار التراث الأمازيغي موضوعا له ومهرجان (الموسيقى الروحية والغناء الصوفي) بمدينة فاس ومهرجان (فنون الراي) بمدينة وجدة. ويعد مهرجان (حب الملوك وملكة جمال الكرز) في مدينة صفرو أقدم مهرجان في المغرب حيث تعتبره منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) تراثا للانسانية وكذلك مهرجان (أصوات نسائية) في مدينة تطوان وغيره. وتحظى كل المهرجانات برعاية العاهل المغربي وبدعم المؤسسات الاقتصادية الوطنية والجهات الحكومية ويسهر على تنظيمها أطراف من المجتمع المدني أو المجالس البلدية أو جمعيات النفع العام وترصد لتنظيمها ميزانيات كبرى تثير أحيانا مواقف الرفض من المتشككين في جدوى تنظيم المهرجانات. وفيما حددت مهرجانات هوياتها وتخطت مشاكل التمويل وضبطت البرمجة السنوية لدوراتها وأصبح بامكان منظميها المراهنة على استقطاب جمهور كبير الى فعالياتها ما تزال مهرجانات أخرى تتلمس طريق الصعود والشهرة الدولية عبر السعي الى دعوة نجوم عالميين وأسماء عربية ودولية في المجالات ذات الصلة بموضوع المهرجان. ويعتبر مهرجان (اصوات نسائية) لمدينة تطوان شمالي المغرب أحد المهرجانات التي استطاعت خلال عمر قصير لا يتجاوز ست سنوات فرض نفسها ضمن قائمة المواسم الثقافية والفنية والاجتماعية المغربية الكبرى وذلك بحصر موضوعه في قضية المرأة ضمن أفق تحقيق المناصفة التي أقرها الدستور المغربي الذي اعتمده الشعب في يوليو من عام 2011 . ويدعو هذا المهرجان الذي رسخ فعليا مدينة تطوان في خريطة الرصيد الحضاري العميق باعتبارها كانت عبر تاريخها منذ أكثر من عشرة قرون ملتقى الثقافات المتوسطية والافريقية والعربية-الأندلسية الى جعل كل ما يتعلق بالنساء ابداعا وتعبيرا وانتاجا وفنا وموسيقى وشعرا موضوعا له. وقالت كريمة بنيعيش رئيسة (جمعية أصوات نسائية) وسفيرة المغرب لدى البرتغال في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) هنا اليوم على هامش انطلاق مهرجان اصوات نسائية ان هذا المهرجان يحاول الى جانب طابعه الاحتفالي التنشيطي أن يبرز الدور الريادي للمرأة في صنع تاريخ مدينة تطوان والمساهمة في حضارتها التي تفاعلت فيها وحيث انصهر عدد من الثقافات. وأكدت بنيعيش ان أهداف المهرجان لا توجهها مرجعيات متعصبة للمرأة ولا تؤطرها النظرة الضيقة لعلاقة النساء بالرجال مشددة على أن المهرجان وان كان بصيغة المؤنث فالرجال شركاء في فعالياته لا سيما أولئك المناصرين للقضايا العادلة للنساء أينما كن والمدافعين عن قيم المناصفة وعدالة النوع الاجتماعي. وبينت ان الدورات المقبلة على غرار الدورة الحالية والدورات السابقة ستعزز المكاسب المحققة وسيعمل المنظمون على تحسين برامج المهرجان وفقراته وتنويعها وسيجتهدون في الانفتاح على الاخر سواء في الخليج العربي والشرق الاوسط أو في أوروبا وآسيا والقارة الافريقية وذلك "حتى تبلغ أصوات نسائية مداها ويكون في العالم التجاوب مع ندائها لمستقبل تسود فيه المساواة والحقوق والعدالة والانصاف للجميع". وتطلعت الى مشاركة وازنة لدول الخليج في مهرجان (اصوات نسائية) لا سيما من دولة الكويت مؤكدة ان المرأة الكويتية تنعم بحقوق لا تنعم بها النساء في عدد من البلدان وخاصة في المنطقة العربية مشيدة بحضارة الشعب الكويتي وقيمه الثقافية المؤمنة بالتعايش والحق في الاختلاف والانفتاح على الاخر. وشددت بنيعيش على أن الثقافة والفن في العصر الراهن يعتبران قاطرة للتنمية يجب استثمارهما من خلال المهرجانات مقللة من أهمية أصوات المعارضة للمهرجانات ما دام الاقبال الجماهيري يضمن لها النجاح "الذي هو الرد الانسب على احتجاج المعارضين ودعواتهم للمقاطعة". واستطاعت المهرجانات أن تنقل مدنا كانت مغمورة وشواطئ مهجورة وأقاليم مهملة ومناطق متخلفة الى مصاف العواصم الكبرى والمناطق النامية والشواطئ الحيوية وان كان هناك جهات تنكر ذلك وتعتبره هدرا للمال العام وتبديدا للجهود في ما لا ينفع تنمية المواطن ولا يرفع نسب جلب السياح الى المغرب.