لندن - سليم كرم
كشفت "منى جوهري" (58 عامًا) وهي أم لطفلين والتي انتقلت من الأردن إلى بريطانيا من أجل أسرتها ووظيفتها أن الموقف تجاه المرأة في بريطانيا، لا يختلف كثيرًا عن الشرق الأوسط، حيث نشأت جوهري في الوطن العربي، وتعرضت للمضايقات والضغط حتى تكون ربَة منزل لكنها قررت الهجرة إلى بريطانيا عندما كان عمرها 30 عامًا. وبيّنت في كتابها الجديد أن الأمر انتهى بها إلى ترك وظيفتها وهو ما أرجعته لتوقعاتها الجنسية.
وأوضحت جوهري لـFEMAIL""، انتقلت من الأردن إلى بريطانيا واعتقدت أن لدي فرصة أفضل بكثير في النجاح في مسيرتي كامرأة عن وجودي في مكان تقليدي مثل الأردن، ولكني بدأت ألاحظ غياب الرجال عن تربية الأبناء وتضحية الكثير من النساء بحياتهم من أجل العائلة، وذا هو التمييز على اساس الجنس، إنهم يرون النساء باعتبارهم مقدمي رعاية وليست رؤية على قدم المساواة، لقد هربت من الأردن لكني واجهت هنا نفس الشيء في بريطانيا نفس التمييز الجنسي في الأردن، وتعد العوامل الكامنة وراء التمييز الجنسي هي نفسها في جميع أنحاء العالم".
وبدأت جوهري بالبحث في هذا الموضوع حتى ألفت كتابًا يناقش القضية بعنوان "النساء والاختيار الكاذب: حقيقة التمييز الجنسي"، ونشأت جوهري في عمان عاصمة الأردن، وهي ليست محافظة مثل مناطق الشرق الأوسط، وأضافت جوهري "الأردن بلد مفتوحة إنها مزيد بين الانفتاح والتقليدية حيث النساء لا تغطي شعرها ويمكنهن ارتداء الثياب القصيرة"، إلا أن عائلة جوهري كان لديها قيم تقليدية شائعة حيث كانت والدة جوهري مقدمة الرعاية الروحية للأطفال.
وبيّنت، "كانت والدتي ذكية جدا وكان لديها عقل نشط ولكن لم يكن وارد لها الخروج والعمل، ولكني قررت ألا أتبع خطى والدتي"، وحصلت منى على شهادة في الهندسة من الجامعة الأردنية وأصبحت خادما مدنيا قبل الانتقال إلى الولايات المتحدة في عمر 27 عاما للعمل ودراسة الماجستير في الهندسة في جامعة جورج واشنطن في واشنطن.
وأفادت جوهري بأن عائلتها كانت تهتم بالتعليم كثيرا، مضيفة "عشت في الولايات المتحدة عامين ثم عدت إلى العمل في الأردن أكثر تحمسا للعمل، ولكن ربما كانت والدتي تفكر وتقول: متى ستستقر وتتزوج؟، وكان ذلك هو المتوقع في فترة الثمانينات في الشرق الأوسط". وكانت المفاجئة بالنسبة لجوهري عندما انتقلت إلى انجلترا في عمر 30 عاما، مشيرة إلى أن "الناس هنا يتزوجون في سن صغير ومعظمهم يتزوجون في عمر 30 عاما ويحصلون على الطفل الأول في عمر 32 عاما على الرغم من أن لندن هي الاستثناء".
وعملت جوهري كمحلل للمدينة في لندن بعد دراسة الاقتصاد في جامعة كامبريدج وصدمت بهيمنة الذكور على المهنة، مضيفة "كنت المرأة الوحيدة التي تسافر والمرأة الوحيدة في فريق الأبحاث وكان هناك عدد قليل حولي من النساء، وكنت أتوقع رؤية المزيد من النساء في العمل". والتقت جوهري بزوجها عام 1998 وتزوجا بعد عام وحصلا على طفلين هما إيمري (10 أعوام) وفرح (15 عامًا)، ولاحظت جوهري سريعا الفرق بين الجنسين مضيفة، "كان دائما هناك سيدات عند أبواب المدارس ولم يتواجد رجال، كنت أتوقع أن يكون الامر على قدم المساواة"، وشعرت جوهري أن المرأة لا يجب أن تظل دائما تلعب دور مقدم الرعاية وأن هذا يعيق طموحها المهني.
وذكرت، "تضطر النساء إلى ترك العمل لجلب الأطفال من المدرسة وعادة ما يأخذن اجازة أمومة، ولماذا يفترض على النساء تحمل هذه المسؤولية تلقائيا؟ حتى أصبح الناس يعتبرونها أمرا مفروغ منه، زوجي يشاركني في رعاية الأطفال لكنه لا زال يفعل القليل". واضطرت جوهري حاليا إلى ترك وظيفتها لتصبح أما بدوام كامل من أجل القضايا الخاصة برعاية الأطفال لكنها تعتقد أن التمييز الجنسي كان السبب وراء قراراها".
وأردفت جوهري "أعتقد أنها مسؤوليتي في رعاية أطفالي، وفكرت أنه في حالة تعارض عملي مع رعاية الأطفال فيجب على التخلي عن العمل، لقد غادرت الأردن لتحقيق فرص أكبر في عملي وأطفالي في نفس الوقت، وأعتقد أنني اخترت نفس الخيار الذى فعلته أمي، إنه سلوك شرطي تعلمناه، نحن حتى لا نسأل ما إذا كان الزوج يمكنه البقاء في المنزل، إنها معتقدات خفية في اللاوعي، وتعتقد النساء أنهن أحرار ولكن في الحقيقة المجتمع يقيدهن بما يتوقعه، هناك حكم اجتماعي على النساء اللاتي لا يضعن أزواجهن في المرتبة الأولى، ولذلك المرأة تتقدم بشكل بطئ للغاية".
ونوَهت جوهري التي حصلت على الدكتوراه من كلية الدراسات الشرقية الأفريقية في كامبرديج إلى أن انتشار التحرش الجنسي في بريطانيا كما هو الحال في وطنها، مضيفة "في الأردن كنت أتعرض للمضايقات بلا رحمة في وسائل النقل العامة، حيث يتظاهر الرجال بحك أرجلهم حتى ينظروا إلى قدمت أو يحدقون في ملابسك، حقا لا أرى فرق بين الأردن وبريطانيا". وانفصلت منى عن زوجها عام 2013 وانقسمت رعاية الأطفال بينهما بالتساوي ما أعطاها الفرصة لتأليفها كتابها الجديد، وتعمل جوهري أيضا كمدربة للنساء فضلا عن تحدثها في الخطابات حول موضوع عدم المساواة بين الجنسين، مضيفة " عند اعتناق الطيف المؤنث في كلا الجنسين ستحدث المشاركة والمساواة في تقاسم العمل والرعاية بشكل طبيعي وهو ما يساعد في حل التمييز على أساس الجنس".