مراكش - ثورية ايشرم
قالت رئيسة جمعية التضامن النسوي في المغرب عائشة الشنا " إنها امرأة تقليدية جدا اجمع بين التحرر والالتزام، وتعشق القراءة، وهي زوجة وأم وجدة وتجد راحتها في كثرة الدعاء والتوجه إلى لله سبحانه وتعالى، فمحكمته سبحانه أعدل وأكبر محكمة في الكون، لا يحتاج فيها الانسان لإثبات أو محام أو قاض، لا ابتغي من عملي الانساني لا غنى فاحش ولا ترقية ولا منصب في الوزارة"، مضيفة في حديث إلى "المغرب اليوم" أنا أحب التواصل والكلام بكل عفوية، وصفوني بالصلابة والقوة، لكن فيما يخص إرجاع حق ضائع عندها أجد نفسي وحش مفترس لدي عزيمة اعتبرها سر نجاحي في العمل الاجتماعي ، عشت طفولة وتربية تقليدية جدا وقد جاء الانفتاح على المجتمع نتيجة للظروف التي طبعت مساري حياتي ، احترم الآخر، وأقدره شعاري دائما هو علمانية في الفكر ومسلمة في القلب." وتابعت عائشة الشنا " تتلمذت في مدرسة الحياة والارض قبل ولوجي عالم المدارس استفدت من الرعاية الاجتماعية واستطعت بفضل هذه الرعاية أن أدخل إلى المدرسة واحصل على وظيفة، إلا أن هاجس السؤال، والبحث يحركني وأنا صغيرة إلى ان استطعت أن اطبق رسالتي على أرض الواقع حيث بدأت نضالي مع العصبة المغربية لحماية الطفولة وكنت من بين أوائل المناضلين في المغرب في التخطيط العائلي، ما جعلني أفكر وآخد القرار بتأسيس جمعية التضامن النسوي لدعم الأمهات العازبات وبفضل الجمعية استطعنا إخراج قصص الاغتصاب وزنا المحارم والاستغلال الجنسي للأطفال والأمهات العازبات إلى الوجود حيث نقلت جزءا من تجاربها في كتاب يحمل اسم "ميزيريا" أي معاناة ضم كل البؤس والألم والحرمان الذي كن جزء كبير من المجتمع المغربي يرفض الاعتراف به او الحديث عنه. و أكدت عائشة أنها " واجهت المجتمع المغربي بأمراضه واختلالاته بشجاعة وثقة واصرار ، من خلال تأسيس هذه الجمعية التي ساهم في رأسمالها اشخاص كثيرين كان لهم الفضل الكبير بعد رب العالمين بتحقيق النجاح الذي عرفته الجمعية والتي بدأت عند تأسيسها بإحدى عشر اما لتتوالى اعداد الاطفال والامهات وتصل إلى عدد كبير جدا خلال فترة قصيرة جدا." وتشير الشنا إلى أن " الجمعية طريق واصلت من خلاله مسيرتي النضالية التي بداتها وأنا ما زلت صغيرة ، فالجمعية تعمل على تأطير الامهات وتعليمهن حتى يواجهن واقعهن ويندمجن في المجتمع ، وتقوية رغبتهن في العيش ومواجهة ظروف الحياة والوقوف امام الرياح والتصدي لها وعدم الخوف والاختباء خلف الجدران ، كما ان التأطير يساعدهن على عدم الصمت والانحناء ، طالما الواقعة وقعت فلا مفر منها ولا خيار امامهن الا مواجهتها والوقوف امام سلبياتها وتحديها. وأوضحت عائشة أن " عملي في المجال الجمعوي والتضامني جر عليا الويلات من طرف ابنائي فعكس ما توقعت اني سأحصل على تشجيع وتنويه منهم الا انهم لم يستوعبوا ما اقوم به من عمل تضامني واجتماعي ، بالنظر إلى اختلاف الرؤى و التوجهات اليه وما ترمي به السنة بعض الافراد من المجتمع المغربي، من كوني اشجع الرذيلة والفساد والزنا ، مما يفيد ان ابنائي ذاقوا مرارة الواقع الاجتماعي وتعرت الصورة القاتمة امامهم منذ صغر سنهم ، كما تعرضوا للانتقاد والتعنيف اللفظي والمعني ، من طرف اصدقائهم وكذلك من طرف المجتمع الذي لم يفهم الا بعد سنوات عدة ان تجاوز المشاكل والصعوبات التي كان يغطيها وبفضل جمعية التضامن النسوي ونضال افرادها بات يكشفها ويعريها قصد معالجتها." وواصلت عائشة إنه " رغم الهجوم الذي تعرضت له في المجتمع واللوم المتواصل من طرف ابنائي الذين لم يستوعبوا قيمة العمل الذي اقوم به الا بعد نضجهم حيث ادركوا قيمة العمل الانساني والرغبة الجامحة في التغيير للأحسن، وهذا ما جعل الشجرة تثمر في النهاية حيث تم الاعتراف بمجهوداتنا اخيرا وحظيت بتقدير كبير من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي قدر العمل الذي نقوم به في خدمة هذه الفئات من المجتمع مقدم مساعدات مادية استفادت منها الجمعية ودعم كذلك معركة الجمعية في محاربتها لداء السرطان ، بالإضافة إلى الاستحسان الذي لقيه هذا العمل الذي نقوم به من جهات عدة كرجال الاعمال الذين لا يبخلون على تقديم مساعدات مادية او معنوية وكذا وسائل الاعلام والصحافة التي تواكب انشطتنا دائما. وتبين عائشة أن " العمل التضامني والانساني الذي اقوم به لم ابدا به لتوي انما مسيرتي منذ الطفولة كانت حافلة بالأعمال والاجتهادات التي تفوقت فيها بحكم العديد من الاشخاص ورغم كل الجوائز التي حصلت عليها سواء في المغرب او خارجه وحتى الاوسمة التي حصلت عليها لا تضاهي ابدا رؤية هؤلاء الامهات وهؤلاء الاطفال والبسمة مرسومة على شفاهمهم ومصدره القلب ، فانا لست عرافة ولا او عالمة اجتماع انا فقط امارس علم الاجتماع في مدرسة الحياة وعلى ارض الواقع فقد وصلت إلى ما انا عليه بفضل الكد والجهد وكثرة التساؤلات في وقت كان فيه المجتمع لا يتجاوب معي ولا يعلم معنى ام عازبة او طفل متخلى عنه ، لكن ورغم كل ما قمنا به فواقعنا الاجتماعي ومشاكلنا واقع قائم يفرض تكاثف الجهود من اجل تجنب الوقوع في زنا المحارم المقنن." وتختم عائشة الشنا قائلة إن " مساري الذي دام 50 سنة في العمل التضامني اراه قليل جدا الا انني فخورة به جدا واتمنى ان يأخذ شخص قادر على تحمل المسؤولية الشعلة بعدي ، والاعتناء بعمل الجمعية والامهات اللواتي يلجن اليها طلبا للمساعدة واللواتي اعتبرهن بناتي واطفالهن احفادي، فانا اصبحت اعيش معركة شخصية لمقاومة السرطان ، فقد وهبت نفسي وحياتي للنضال الجمعوي ولقضية الامهات العازبات واوجه النداء الان إلى كل مغربي ومغربية انه لا احد يختار والديه ولا واقع يجعلنا نستسلم، لذا اتمنى ان يمنح كل طفل الحنان منذ صغره وان يغرس فيه الخير ، لأنه حينما يكبر سيرد الخير بالخير ، اما في حالة تهميشه والتخلي عنه فلن ينتج الا فردا سلبي المشاعر والاحاسيس يفقد القدرة على العطاء والتضحية."