الرياض - عبد العزيز الدوسري
خَسِرت " الزوجة السرية " لعاهل المملكة العربية السعودية الراحل فهد بن عبد العزيز، جولتها الأخيرة من المعركة القضائية مع نجله الأمير عبد العزيز، وذلك من أجل الحصول على نصيبها الذي قضت به المحاكم ويقدر بنحو 20 مليون جنيه إسترليني. وزعمت الفلسطينية المولد جنان حرب البالغة من العمر 68 عاماً زواجها من الملك الراحل فهد عندما كانت في 19 من العمر، بينما وعدها نجله الأمير عبد العزيز بمنحها المال " لشراء سكوتها ".
وحكم القاضي في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي بمنحها 12 مليون جنيهاً إسترليني، إضافةً إلي الفوائد، وإثنين من العقارات في "تشيلسي" تقدر قيمتها بنحو 5 ملايين جنيه إسترليني. إلا أن الأمير عبد العزيز طلب من محكمة الإستئناف نقض حكم التعويض الذي لا يمكن تحمله، حيث إدعى فريق الدفاع بأن القاضي لم يحلل الأدلة قبل إصدار حكمه، وربما يكون قد إنحاز بسبب خلاف علني مع أحد المحامين من ممثلي الأمير.
وبناءً على طعن الأمير عبد العزيز، فقد حكم القضاة اللورد دايسون ومعه اللورد مور بيك و اللورد مكفرلين، بإحالة ملف القضية أمام قاضي المحكمة العليـا لإعادة النظر فيه. وقال قضاة الإستئناف بأن نهج القاضي بيتر سميث في الإطلاع على الأدلة لم يكن مرضياً في عدد من الجوانب المهمة، كما أشار اللورد دايسون إلى فشل القاضي في إعطاء تفاصيل كافية وإختصر الطريق بإعتبار السيدة حرب شاهدا موثوقا فيه. وأشار اللورد دايسون إلى وجود قصور في الحكم تستتبع معها تحويل ملف القضية إلى المحكمة العليا من أجل إعادة النظر.
وخلال جلسات الإستماع السابقة، ذكرت السيدة حرب للقاضي بأنها كانت تبلغ من العمر 19 عاماً حينما تزوجت من الملك فهد في حفلٍ سري وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية في آذار / مارس عام 1968 داخل قصر الشرفية Al Sharafiya. ، إلا أن أفراد العائلة المالكة عارضوا هذا الزواج، لأنها من عائلة مسيحية فلسطينية. ومع تعرضها للنفي من المملكة العربية السعودية في عام 1970، فقد تزوج كلاهما مرةً أخرى، وحصلت على وعود برعايتها لبقية حياتها.
وقالت السيدة حرب إن الإتفاق المالي تم التوصل إليه عندما تقابل معها الأمير في 20 من حزيران / يونيو لعام 2003 داخل فندق دورتشستر Dorchester في لندن، في الوقت الذي كان يعاني فيه الملك من مرض خطير. وهو ما ينفيه الأمير جملةً وتفصيلاً.
وجاء في حكم القاضي بيتر سميث بأنه وعلى الرغم من سلوك السيدة حرب " غير اللائق "، إلا أنها كانت تقول الحقيقة بشأن الإتفاق. وقضى بأحقيتها في الحصول على مبلغ 12 مليون جنيه إسترليني، إلى جانب الفائدة التي تقدر بنحو 3 ملايين جنيه إسترليني، فضلاً عن إثنتين سكنيتين فاخرتين في تشيلسي Chelsea جنوب غرب لندن بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني. وهو الحكم الذي طعن به اللورد غرابينر لصالح الأمير، زاعماً بأن القاضي كان متحيزاً عقب كتابته " رسالة صادمة " ضد دوائر بلاكستون Blackstone، وهي المكاتب القانونية التي وفرت المحامين الذين يمثلون الأمير، فضلاً عن عدم حضور الأمير بشخصه إلى المحكمة لتقديم الأدلة.
وقال اللورد غرابينر بأن النزاع قد نشب لأول مرةٍ في أعقاب نشر مقال في صحيفة التايمزThe Times كتبه اللورد بانيك الذي كان عضواً في دوائر ضمن فريق دفاع الأمير في بداية أحداث القضية. وإنتقد المقال القاضي عقب تنحيه عن القضية المتورطة فيها الخطوط الجوية البريطانية، بعد طلبه معرفة ماذا حدث لأمتعته على رحلة العودة إلى بلاده قادماً من فلورنسـا Florence، وهو ما يعرقل سير القضايا المهمة التي تحتاج إلى النظر فيها بصورةٍ عاجلة.
ورداً على ذلك، كتب القاضي إلى أنطوني بيتو وهو أحد رؤساء دوائر بلاكستون الإثنين قائلاً بأن المقال المشين الذي كتبه بانيك تسبب له في الكثير من الحزن والإضطراب، مضيفاً بأنه لم يعد داعماً للدوائر، ولا يرغب في التعاون معها في ظل وجود بانيك ضمن أعضائها.
وشدد تشارلز هولاندر من فريق دفاع السيدة حرب على ضرورة رفض الطعن المقدم من الممثلين للأميرعلي الحكم الصادر لصالحها بناءً علي الأدلة، مع عدم وجود تحيز. وأشار اللورد دايسون إلى تقبل القاضي بأنه ما كان ينبغي عليه كتابة الرسالة، مؤكداً على أنه من الصعب الإعتقاد بإمكانية قيام أي قاضٍ بإستثناء قضاة المحكمة العليـا القيام بذلك. وهو ما يظهر إفتقار بمعرفة الدور الحقيقي للقاضي.
وإدعى الأمير عبد العزيز بأن الإتفاق الذي توصل إليه مع السيدة جنان حرب لم يكن ملزماً، وقد إستمعت المحكمة إلى كيفية دعم الملك للأم لإبنتين بالمال الطائل طوال حياتها. بينما تدعي السيدة حرب التي تزوجت من محامٍ لبناني في عام 1974 بأن الملك الراحل أعطاها المال لرعاية بنتيها، إلى جانب مليون جنيه إسترليني من أجل شراء إحدى الشقق السكنية في تشيلسي. كما قامت بشراء وحدة سكنية أخرى وأعادتهما في وقتٍ لاحق إلى الملك مقابل 1,9 مليون جنيه إسترليني.
وإستمعت المحكمة إلى حصولها من الملك الراحل في عام 2001 على 5 ملايين جنيه إسترليني عبر وكيله فايز مارتيني، والذي أبقى على 100 ألف جنيه إسترليني لترتيب إجراءات التحويل. وفي حيثيات حكمه، ذكر القاضي سميث بأنها إستخدمت 3 ملايين جنيه إسترليني في سداد الديون، بما فيها أحد ديون المقامرة التي تقدر بنحو 85,000 جنيه إسترليني.
وأنفقت بعدها السيدة حرب ما يعادل 1,9 مليون جنيه إسترليني خلال عامين على حياة رغيدة كانت تحظي بها. بينما وفي معركتها القضائية، هددت بإفشاء أسرار علاقتها مع عاهل المملكة العربية السعودية الراحل، وقامت بكتابة إثنين من الكتب لم يتم نشرهما حتى اليوم.