تورنز ريفر - أ.ف.ب
يبدو دون روبرتسون غير مستعد للتراجع امام الثلوج المتساقطة في اول يوم من موسم الربيع في ولاية نيوجيرزي... ففي داخل سيارته الرباعية الدفع الدافئة، هذا الرجل البالغ 66 عاما لا يزال يتمتع بميزة يفقدها الفرد مع تقدمه بالسن الا وهي قيادة السيارات.
وقال روبرتسون الذي كان يعمل سائق شاحنات في الجيش إن "القيادة تسمح بالحفاظ على التحفيز"، وذلك خلال اطلاقه جولة ستقوده الى شمال شرق الولايات المتحدة لحساب جمعية محلية تعنى بالمسنين الذين لم يعودوا قادرين على القيادة.
وفي هذا البلد، يجتاز 20 الف اميركي يوميا عتبة سن الخامسة والستين، وقد باتت مسألة استمرار الاشخاص في قيادة المركبات في سن السبعين والثمانين والتسعين قضية شائكة.
اذ ان ما يقارب 85 % من الاشخاص فوق سن 65 عاما كانوا حائزين رخص سوق سنة 2010، في مقابل نحو نصف هذه النسبة في السبعينات، بحسب دراسة لرابطة السيارات الاميركية (ايه ايه ايه).
وأكد المسؤول عن الرابطة المكلفة مسائل السلامة المرورية جاكوب نيلسون لوكالة فرانس برس ان "السائقين المسنين هم من بين اكثر الاشخاص حذرا على الطرقات. هم اكثر ميلا لوضع حزام الامان وعدم تجاوز الحد الاقصى للسرعة وعدم شرب الكحول" قبل القيادة.
الا ان الاحصائيات تظهر انهم "اكثر عرضة" ولديهم مخاطر اكبر للاصابة او الموت جراء حوادث السيارات بالمقارنة مع الشباب وفق نيلسون الذي اشار الى ان التقدم في السن يزيد من نسبة الاصابة بمضاعفات طبية تهدد قدرة السائقين على قيادة السيارات. ومن بين هذه الامراض مشاكل النظر والسمع وباركنسون والخرف... وأكثر من 90 % من المسنين الذين يقودون مركبات يتناولون نوعا على الاقل من الادوية.
وفي نزلها الفاخر، تنتظر ماري روبرتس البالغة 88 عاما سائقها متذكرة بحسرة اليوم الذي خسرت فيه قدرتها على القيادة قبل تسع سنوات. فقد تعرضت لحادث عندما كانت تجلس الى جانب السائق وارتطم رأسها بالزجاج. وبعد اسبوع من الراحة، كانت ماري روبرتس تعتقد انها ستعاود قيادة السيارات وستستأنف عملها كمساعدة شخصية الذي كانت مستمرة في مزاولته في سن التاسعة والسبعين.
واستذكرت حالتها قائلة "كنت اجد نفسي اقود على الارصفة واذهب في كل الاتجاهات. اصبح الامر كأنني لم اعد استطيع السيطرة على السيارة ولم اكن اعلم ماذا افعل في حال تغير لون اشارات المرور الى الاحمر... في النهاية نجحت في الوصول الى مكتبي واجهشت في البكاء".
وشرح لها الاطباء انها تعرضت لصدمات دائمة في الدماغ.
وقالت روبرتس عند جلوسها في السيارة الى جانب سائقها المتطوع ان "عدم التمكن من القيادة غير حياتي بالكامل".
وتنظر ماري روبرتس في سن 88 ربيعا حاليا باعجاب الى فكرة قيادة اي من السيارات التي تسير على الطرقات من دون سائق والتي تطورها مجموعة "غوغل" وتستهدف من خلالها بشكل رئيسي المسنين.
وفي انتظار مثل هذه الثورة التكنولوجية، تنتشر في الولايات المتحدة حاليا حصص تعليم الكترونية او دورات تدريبية للحفاظ على مهارات القيادة مع تخفيضات على قيمة التأمين للاشخاص الذين يحوزون شهادات اثر مشاركتهم بنجاح في هذه الدورات.
وفي ولاية ايلينوي (شمال)، يتعين على الاشخاص فوق سن الخامسة والسبعين الخضوع لاختبار عملي عند اي تجديد لرخص السوق بما انها غير محددة زمنيا في الولايات المتحدة -- ويصبح الخضوع لهذا الاختبار الزاميا بشكل سنوي اعتبارا من سن السابعة والثمانين.
كما ان موضوع السائقين المسنين تتم دراسته في عدد من البلدان المتقدمة.
ففي اليابان، وهو البلد الذي يشهد اكبر ازدياد لمعدل اعمار السكان في العالم، تعتزم السلطات ان تفرض على كل السائقين فوق سن الخامسة والسبعين والذين يشتبه في انهم فقدوا قدرتهم على القيادة بأن يقدموا للشرطة شهادة طبية للتأكيد على امكانية استمرارهم في ممارسة هذا النشاط.
كذلك ادخلت بلدان عدة في اميركا الجنوبية مثل الارجنتين واوروغواي فحوصا دورية للسائقين تبعا لاعمارهم.
وفي اوروبا حيث من المتوقع ان يتضاعف عدد السائقين فوق سن الخامسة والستين بين 2010 و2050، ثمة تباين في التشريعات بحسب البلدان. ففي حين تفرض ايطاليا والبرتغال على السائقين فوق سن الخمسين الخضوع لفحوص طبية، رد البرلمان الفرنسي مشروع قانون مماثل يتعلق بالسائقين فوق سن الخامسة والسبعين باعتباره ينطوي على "تمييز".
وحفاظا على سلامة السائقين المسنين، فرضت سلطات بلدان عدة اجراءات مراقبة لتجديد رخص القيادة. لكن لا شيء يسمح حتى اليوم بالتأكيد على فعالية هذه الاجراءات الرقابية في تقليص المخاطر بحسب تقرير صادر حديثا عن مرصد السلامة المرورية في بريطانيا.