ليست حربنا

ليست حربنا

المغرب اليوم -

ليست حربنا

عريب الرنتاوي

تتبارى العواصم العربية في حشد جيوشها على "جبهة مأرب"، توطئة لـ "أم المعارك" في صنعاء، في حربٍ مفتوحة قيل فيها أنها حرب استنهاض الأمة وعودة الروح لعروقها المتيبسة، مع أنها حرب وقودها فقراء اليمن من نساء ورجال وشيوخ وأطفال، اليمن الذي لم يكن يوماً، ألا في موقع المناصر لقضايا أمته والمنافح عنها.
 
"القوة المشتركة" العربية التي تقرر تشكيلها بموجب ميثاق الدفاع العربي المشترك، الذي أكل الدهر عليه وشرب، ولم يجر تفعيلها منذ نصف قرن، برغم حروب إسرائيل وعدواناتها على الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين ... "القوة المشتركة" هذه، تشكلت فعلياً، بمعزل عن قرار الجامعة العربية، وتقررت وجهتها صوب اليمن، فيما المقترح المصري، يظل حبراً على ورق، تحول دون ترجمته، "فتيوات" عديدة، تصدر عن عواصم عديدة.
 
دولٌ لا ناقة لها ولا جمل، في حرب "البسوس" التي تدور رحاها، تتعهد بإرسال القوات، رغم أنفها وبالضد من مصالحها ... بعضها يذهب خوفاً على مصالح اقتصادية ومالية قائمة، ليست خافية على أحد، وبعضها الآخر، طمعاً في المزيد منها، وإلا ما الذي يدفع السودان على سبيل المثال، للزج بستة آلاف عسكري في حرب بعيدة عن حدوده، وهو الذي بالكاد يطفئ جبهةً حتى تنفتح عليها جبهات أخرى.
 
من على بعد آلاف الكيلومترات، تتحضر قوات مغربية للدخول في بوتقة الحرب على "إمبراطورية الحوثيين، الفارسية الشيعية"، رأس جسر طهران المغروز في خاصرة الأمن القومي العربي... طهران التي حلت محل تل أبيب، بوصفها العدو الأول للأمة، ومصدر التهديد الأساس لأمنها واستقرارها ومستقبلها، في الوقت الذي يكيل فيه فرسان هذه الحرب، المدائح والإشادات بحكمة نتنياهو وواقعيته، ويعظمون فرص التعاون معه، من أجل مواجهة "التهديد الإيراني المشترك"، أي بؤس وانحطاط هذا؟
 
الأردن ومصر، المنخرطتان في حرب ضد الإرهاب، باعتبارها "حربنا"، بل وأولويتنا الأولى، يجدان نفسيهما تحت المطرقة والسندان، فإن هما تورطتا، قامرا بتبديد الجهد وحرف الأنظار عن "أولويتهما الأولى"، وإن هما استنكفا جازفتا بخسران ميزة "التحالف الاستراتيجي" مع مصادر النفط والثروة وأسواق العمال ومصادر التحويلات الخارجية وعوائده ... إنها معادلة مؤسفة إلى درجة الحرج.
 
لكننا ومن الموقع المتحلل من صفة النطق باسم أحد، أو التعبير عن وجهة نظر حكومة، نرى أن الحرب في اليمن وعليه، ليست حربنا ... نقولها بالفم الملآن، وبضمير مرتاح ... فلدينا من الأولويات ما يتخطى هذه المغامرات والحروب المثقلة بالأجندات المتناحرة، حتى للقوى المنخرطة فيها ... فمن متورط، عينه على ميناء عدن، إلى شريك عينه على حقول النفط المشتركة ومخزونها الهائل، لكأن ما حظي به من مخزونات هائلة لم تشبع نهمه لمزيد من المال والسلطة ... إلى آخر، أراد استدراك ما قد يكون فاته، وقرر الدخول في الحرب دفاعاً عن حلفه المقدس مع جماعة الإخوان المسلمين، الذين يواجهون تشدد بعض الحلفاء واستخفاف بعضهم الآخر، وبصورة قد لا تمكنهم من الحصول على "الحصة" التي يتطلعون إليها، ويتطلع إليها رعاتهم الإقليميون، في كعكة السلطة في "يمن ما بعد الحرب".
 
ليست معركتنا على الإطلاق، ولا يتعين علينا التورط فيها، وعلينا أن نتذكر أن عمان هي عاصمة العهد والاتفاق، عاصمة الوفاق والاتفاق اليمنيين ... ولست أتخيل أننا سنكون طرفاً في حرب فريق من اليمنيين ضد فريق آخر، أياً كانت الضغوط، ومهما بلغت صعوبة الحسابات.
 
ولا يظنن أحدٌ، أن حرب اليمن ستضع أوزارها قريباً، وأن الأوان قد آن، لنكون إلى "الجانب المنتصر"، فندخل صنعاء دخول الفاتحين والمحررين، نفتح ماذا ونحرر مَنْ مِنْ مَنْ؟ ... فالحروب من هذا الطراز والشاكلة، قد تشهد اختراقات على جبهات عدة، تقوم بها قوات نظامية متفوقة عدداً وعتاداً، لكن العبرة تظل في النتائج الختامية دائماً، وما يبدو انتصاراً باهراً في البدء (وهو ليس كذلك في اليمن على أية حال)، قد يتحول إلى هزيمة نكراء فيما بعد، ولنا في تجربة السوفييت في أفغانستان، والولايات المتحدة في العراق، ما يعطي الدليل على ما نقول، واليمن ظل على مر التاريخ، عصياً على "الأجنبي" ومقبرة للغزاة، فلا يستعجلن أحدٌ في إطلاق صيحات النصر.
 
إنه المستنقع اليمني، وقد بدأ يجذب قعره الكتائب والأولية متعددة الجنسيات، مثلما يجلب "الجهاديين" من أربع أرجاء الأرض، وهو الساحة المرشحة لأن تكون بديل عن العراق وسوريا، إذا ما قدر للحرب على الإرهاب في هذين البلدين أن تحقق تقدماً ذات يوم، فالحذر الحذر من مجريات القادم من الأيام، والحذر الحذر من الوقوع في مطب القراءات "الخفيفة" للآخرين، المنبثقة من مقتضيات التنافس وصراعات القوى، داخل البلد الواحد، أو بين بلدان التحالف ... فلا ناقة لنا في كل ذلك ولا جمل، و"حرب الإخوة الأعداء" ليست حربنا، ولدينا من التحديات، ما يفيض عن قدرتنا وطاقتنا، لنضيف إليها تحديات وتهديدات جديدة.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليست حربنا ليست حربنا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya