لماذا الكويت  ولماذا الآن

لماذا الكويت ... ولماذا الآن؟

المغرب اليوم -

لماذا الكويت  ولماذا الآن

عريب الرنتاوي

حسنا توافقت الأطراف المتصارعة في اليمن وعليه، على استئناف المفاوضات بعد أشهر طويلة دامية من الانقطاع ... وحسناً أيضاَ، أنها اختارت الكويت لتكون العاصمة المضيفة للمفاوضات اليمنية، فللدبلوماسية الكويتية باع طويل في العمل على فض النزاعات واحتواء الأزمات، ولطالما لعبت دور “رجل المطافئ” عندما كان أمير البلاد الحالي، وزيراً للخارجية، وهو الدور الذي افتقدته المنطقة، منذ الاجتياح العراقي للكويت، وما أعقبه من ميول انكفائية، ميّزت الأداء الدبلوماسي الكويتي اللاحق. ثم أن الكويت، وعلى الرغم من مجاراتها غير المعهودة للسياسة الخارجية للجارة الكبرى (وربما من باب رد التحية بأحسن منها)، نجحت في الاحتفاظ بنكهة خاصة، ميزت أداءها في السياستين الداخلية والخارجية ... عضويتها في التحالف السعودي ضد الحوثيين، لم تُفضِ إلى قطيعة مع إيران، وخلافاتها مع طهران، لم تترجم إلى سياسات عدائية ضد “الكويتيين الشيعة” ... وتتعايش ضمن قواعد “الوحدة والصراع”، مختلف المدارس الكبرى في الإسلام السياسي المعاصر: سنية وشيعية، إخوان وسلفية، فضلاً عن دور نشط للتيار الليبرالي والتيار الاجتماعي المحافظ. وتستطيع الكويت، في مناخات الاستقطاب المحتدم في الإقليم، أن تتحدث مباشرة مع مختلف الأطراف ... وهذه ميزة قد لا تتوفر للعديد من دول المنطقة وعواصمها، التي ذهبت بعيداً في انحيازاتهاواصطفافاتها. كانت الأنظار تتجه صوب مسقط، لتكون عاصمة المفاوضات اليمنية – اليمنية، سيما وأن العاصمة العُمانية لعبت أدواراً مشهودة في تجسير الفجوات بين واشنطن وطهران حول برنامج الأخيرة النووي، وبين مختلف الأفرقاء في الأزمة اليمنية ... إليها وصل الرئيس عبد ربه منصور هادي، مرتدياً الزي العماني، في طريقه من صنعاء إلى الرياض، وفيها يُجري الحوثيون و”الصالحيون” حواراتهم السرية مع الأطراف الدولية، ومع موفدين سعوديين، وهي ملمة بالملف اليمني، ومطلة على تفاصيله ودهاليزه، ربما أكثر من الكويت. لكن المملكة العربية السعودية، وإن لجأت إلى “القناة العُمانية” في غير مناسبة، لم تكن مرتاحة أبداء لتغريد مسقط خارج سرب مجلس التعاون في عدة قضايا أساسية ... لم تنجرف في الحرب على “العدو الأول”: إيران ... ولم تقطع مع دمشق، حتى أن وزير خارجيتها المخضرم يوسف بن علوي عبد الله، كان أول وزير خليجي، وربما عربي، يزورها ويلتقي رئيسها ... وثمة قنوات تواصل ذات طبيعة أمنية ولوجستية مفتوحة مع الحكومة السورية، وهي وإن كانت رسمياً لا تعارض قرارات مجلس التعاون، إلا أنها عملياً دائماً ما كانت “تنأى بنفسها” عن المواقف والسياسات الإشكالية التي يتخذها المجلس، تارة تحت ضغط الدوحة، عندما كانت الأخيرة، في ذروة صعود دورها العربي والإقليمي، وأخرى تحت ضغط الرياض، عندما استعادت المملكة زمام قيادتها لدول مجلس التعاون. هي إذن، خطوة لا يمكن فهمها خارج سياق “التحفظ” السعودي على الدور العماني، ولعله ليس أمراً بلا دلالة، أن يمتنع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عن زيارة السلطنة، ولو لمرة واحدة، وهو الذي زار العديد من دول المنطقة والعالم بعد انفكاك أسره في صنعاء، ولو من باب “رد الجميل” ... ثمة من أراد أن يعاقب السلطنة على مواقفه المستقلة، بتحجيم دورها في الملف اليمني، ودائماً بهدف البرهنة على أن التغريد خارج السرب، ليس أمراً مستحباً، حتى وإن تأهّل صاحبة للقيام بأدوار مرغوبة ومطلوبة في أشد اللحظات حلكة واحتداماً. على أية حال، ما كان لاجتماعات الكويت أن تتقرر في السابع عشر من نيسان/ أبريل القادم، لولا حدوث تطورين هامين، الأول؛ إقليمي، ويتصل بالحوار الدائرة بين الرياض والحوثيين، والذي تمخض عن “تهدئة حدودية” و”تخفيف القصف الجوي” على مناطق شمالية معينة، وتبادلاً محدوداً للأسرى ... هنا يقال إن هذه التفاهمات، تخطت هذه التفاصيل وقد تؤسس لتسويات ومصالحات أوسع وأعمق. أما التطور الثاني، فدولي، ويتصل بما يُشاع عن تفاهمات أمريكية – روسية، تخطت سوريا إلى اليمن، وأن الموفد الدولي لليمن إسماعيل ولد الشيخ، مَثله مَثل ستيفان ديمستورا، بات يضبط ساعته على توقيت العاصمتين الدوليتين ... الامر الذي يعطي زخماً للجولة المنتظرة من المفاوضات، وربما يجعلها مختلفة عن سابقاتها. على أن الأهم من كل هذا وذاك، ان “الإعياء” و”الإنهاك” قد بلغا بأطراف الصراع، مبلغاً عظيماً ... ليس الحوثيين وحدهم من يواجه ويلات الحصار وتبعات القصف الجوي المدمر... الأطراف المقابلة، تواجه حصارً دولياً من خلال سلسلة التقارير والقرارات البرلمانية الدولية، التي تنزع عن “الحزم” طابعها الأخلاقي، وتسلط الضوء على ما استبطنته من جرائم حرب وجرائم إنسانية، فيما القاعدة و”داعش” يتفوقان في اقتطاف ثمار “الحزم” من المكلا إلى عدن. ومع دخول الحرب عامها الثاني، دون أمل بحسم عسكري وشيك، ومع ارتفاع كلفة الحرب السياسية والمالية والعسكرية والأخلاقية، يبدو أن شروط “الصفقة الكبرى”، قد بدأت تنضج، وهي بحاجة لـ “طباخ ماهر”، يضع لمساته الخاصة على فصولها الأخيرة، فهل تتوفر الكويت على الترياق المطلوب يمنياً، بعد أن عزّ الترياق على العراق وأهله؟ 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الكويت  ولماذا الآن لماذا الكويت  ولماذا الآن



GMT 16:58 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

عندما تتحرك مصر!

GMT 14:21 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

الثلث السحري

GMT 07:24 2019 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

حل خلاف الرياض ـ أبوظبي

GMT 09:22 2019 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

جنون «إخوان» اليمن

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya