خطــوة فــي مسيرة الألف ميل

خطــوة فــي مسيرة الألف ميل

المغرب اليوم -

خطــوة فــي مسيرة الألف ميل

عريب الرنتاوي

الخلافات بين الأطراف المنخرطة في “مسار فيينا” لم تمنعها من التوصل إلى اتفاق حول “خريطة طريق” لحل سياسي للأزمة السورية ... تبدأ بوقف لإطلاق النار مدعوم بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وتمر بتشكيل حكومة بصلاحيات واسعة، ولا تنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، تلتئم بعد إقرار دستور توافقي جديد للبلاد ... أما القضية الكبرى المتصلة بمستقبل الرئيس الأسد ومصير دوره الخاص في “الانتقال وما بعده”، فقد ظلت رهينة المفاوضات اللاحقة التي ستقرر نتائجها توازنات الميدان كما قال جون كيري نفسه.
من يتأمل مفاصل “خريطة الطريق” الجديدة، يجد أنها تكاد تتطابق مع “الورقة الروسية” التي قيل إن موسكو عرضتها على “الشركاء” في الأمم المتحدة، وصدرت بشأنها تصريحات رافضة ومنددة عديدة ... كما أنها (خريطة الطريق) تأخذ من مبادرة إيران ذات البنود الأربعة، ثلاثة بنود على الأقل، من وقف النار وإجراءات بناء الثقة، إلى الدستور الجديد والانتخابات المبكرة، رئاسية وبرلمانية. 
في الظاهر، يبدو أن الخلاف الرئيس الذي يباعد ما بين مختلف الأطراف، إنما يتمركز حول “شخص” الأسد ومستقبله ودوره ... وهذا أمر صحيح بالنسبة للأطراف التي تورطت في “شخصنة” الصراع، وهي بالأساس أطراف عربية  وبدرجة أقل تركيا – أردوغان ... لكن بالنسبة للاعبين الدوليين فإن الخلاف على الأسد، يخفي وراءه خلافات حول المصالح والأولويات ... وسوف يتضح ذلك، عند الشروع في “فرز” القوى المسلحة ما بين إرهابية وغير إرهابية، واستعراض قوائم المرشحين للانضمام إلى وفد المعارضة الذي من المفترض أن يشرع في حوارات مع وفد النظام، قبل نهاية العام الحالي وفقاً لخريطة الطريق المذكورة. 
روسيا قدمت قوائمها، التي يغلب عليها اللون “الموالي” للنظام ... بعض الأسماء المدرجة عليها، يصعب توصيفها بالمعارضة، بل أن بعض عناصرها هم وزراء في الحكومة السورية الحالية ... مصر لها قوائمها المستمدة من لائحة المشاركين في مؤتمر القاهرة ... بين القائمتين الروسية والمصرية، ثمة قاسم مشترك: استبعاد الحركات الإسلامية، بمن فيها المعتدلة، وبالأخص الإخوان المسلمين، وهذه ستكون واحدة من قضايا الخلاف بين الأطراف. 
في المقابل، تدعم تركيا وقطر والسعودية، الائتلاف السوري المعارض، بمكوناته المختلفة، بمن فيها – أو بالأخص – الإخوان المسلمين ... وهي طالما سعت في تكريسه ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السورية، أو أقله للمعارضة السورية، لكن هذا المسعى اصطدم ويصطدم بمواقف رافضة و”مستنكرة” من قبل أطراف أخرى: مصر، إيران وروسيا على سبيل المثال، فضلاً عن كون الائتلاف أخفق في البرهنة على جدارته بهذه الصفة، وعجز حتى عن تحصيل “موافقة أمنية” لرئيس حكومته بالدخول إلى الأراضي السورية “المحررة”، فعاد على عقبيه، بعد أن منعته الفصائل الإسلامية المسلحة من اجتياز الحدود بين تركيا وسوريا. 
للسعودية قوائمها ولفرنسا قائمتها المختصرة، وللولايات المتحدة قائمة أكثر اختصاراً ... وإذا كانت هناك أسماء عابرة للقوائم، فإن من المرجح أن تكون بقية الأسماء الخلافية، موضع شد وجذب، مقايضات ومساوات، حتى الوصول  إلى “القائمة المشتركة” التي من المؤكد أن خلافاتها الداخلية، لن تقل خطورة واتساعاً عن خلافاتها مع وفد النظام.
أما حين تأتي لحظة الفرز بين غث الفصائل المسلحة وسمينها، وهي المهمة التي أوكل للأردن أمرُ تنسيقها والمبادرة إلى تقديم الاقتراحات بشأنها، فهنا ستندلع خلافات أعمق وأشد، فالأطراف الإقليمية استثمرت الكثير من الوقت والمال والجهد في “تسمين” هذه الفصائل، وهي رؤوس جسور لنفوذها وأدوارها في سوريا، وهيهات أن تتخلى عنها، أو أن تقبل بإدراجها على القوائم السوداء. 
وستجري مقايضات ومساوات صعبة ومكلفة ... السعودية وقطر وتركيا إلى حد معين، ستسعى في إدراج حزب الله والفصائل الشيعية المختلفة واللجان الشعبية الموالية للنظام في عداد القوى الإرهابية، مقابل دفاع مستميت ستبديه هذه الأطراف، ضد إدراج أحرار الشام وجيش الإسلام، وعشرات الفصائل الإسلامية التي تحمل أسماء شبيهة في قوائم الإرهاب السوداء ... تركيا ستخوض معركة “كسر عظم” للتأكد من “فك ارتباط” وحدات الحماية الشعبية الكردية بالتحالف الدولي المناهض لداعش، باعتبارها فصيلاً إرهابياً وذراعاً لحزب العمال الكردستاني ... سيتحقق الإجماع حول تصنيف “داعش” كمنظمة إرهابية، وربما تقبل أطراف عربية وتركية على مضض، اعتبار “النصرة” كذلك، وأبعد من ذلك، ستكون هناك مواجهات وعمليات شد وجذب معقدة وصعبة. تشكيل قوائم المفاوضين من المعارضات المختلفة، وفرز المعارضة المعتدلة عن الإرهابية، هي المهمة الأصعب التي يتعين إنجازها قبل الاجتماع المقبل لمجموعة الاتصال الدولية الخاصة بسوريا، والتي تضم الدول والمنظمات التي التأمت بالأمس في فيينا ... وأحسب أن التوافق على “الوفد المشترك” وعلى القوائم السوداء والبيضاء للفصائل المسلحة، سيكون أحد أكثر المعايير جدية، لاختبار مدى استعداد وجاهزية المجتمع الدولي بكل مكوناته الإقليمية والدولية لخوض غمار المسار السياسي لحل الأزمة السورية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطــوة فــي مسيرة الألف ميل خطــوة فــي مسيرة الألف ميل



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya