أول الرقص «دردشة»

أول الرقص «دردشة»

المغرب اليوم -

أول الرقص «دردشة»

عريب الرنتاوي


يقول المثل الشعبي: “أول الرقص حنجلة”، ويقول خبراء المفاوضات، إن أول خطوة على طريقها تبدأ بـ “دردشة” ... أحمد يوسف، رجل حماس الجدلي، يكشف عن “دردشات” تفاوضية غير مباشرة بين الحركة وإسرائيل، تراوح موضوعاتها ما بين “التهدئة” والمعابر والحصار والأسرى، تتولى جهات أوروبية وشخصيات ومنظمات غير حكومية، دور الوسيط وناقل الرسائل فيها. المتحدث الحمساوي، يقوم اليوم بما سبق لشخصيات فلسطينية أن قامت به من أدوار و”دردشات” لصالح المنظمة وفتح والرئيس الراحل ياسر عرفات... هل تذكرون عصام سرطاوي وغيره من الشخصيات التي اضطلعت بأدوار تمهيدية، قادت لاحقاً إلى مفاوضات أوسلو، ومن ثم إلى الاتفاق الذي حمل اسم العاصمة النرويجية... وبقية القصة المعروفة. إن أثمرت دردشات يوسف كان به، وإن أخفقت فهو لا يمثل الحركة ولا ينطق باسمها ... أليس هذا ما كان يفعله الراحل عرفات بالراحل السرطاوي؟!، ألا تذكرون ما حصل في المجلس الوطني الخامس عشر، آخر مجلس يعقد في دمشق، عندما حاول الرئيس أبو عمار التنصل من “دردشات” السرطاوي؟، فما كان من الأخير إلا أن لوّح بكشف الطابق وفضح المستور ... شيء مماثل قد تكون حماس مقبلة على اختباره. نقول ذلك وفي الذاكرة الطازجة تصريحات أحد “صقور” حماس، الدكتور محمود الزهّار قبل عدة أسابيع، والتي كشف فيها عن استعداد الحركة للقبول بهدنة مديدة (15 عاماً) وعن إدارة مدنية أو حكم إداري/ ذاتي لغزة، وهي مصطلحات سحبت من تداول الفلسطينيين، ولطالما كانت في قاموسهم مرادفة للتفريط والاستسلام و”بيع القضية” بثمن بخس ... أقله في سبعينيات القرن الفائت وثمانينياته. “دردشات” السرطاوي، جاءت والثورة في عزّ “كفاحها المسلح”، في الداخل والخارج ... لم يكن بعد “نهج المفاوضات” قد شق طريقه ... كذلك “دردشات” يوسف، تأتي في ذروة الحديث عن “خيار المقاومة” الاستراتيجي ... “الدردشات” الأولى لم تمنع وقوع عمليات كبرى ومواجهات عنيفة وحروب ضخمة ما بين المنظمة وإسرائيل (1982 مثالاً) وما رافقها وأعقبها من صفقات كبرى لتبادل الأسرى ... “الدردشات” الأخيرة، لا تقلل من أهميتها وخطورتها، أحاديث المقاومة ولا التبشير بصفقات تبادل الأسرى، ما انقضى منها وما هو قيد الإنجاز. في تجربة “الدردشات” جميعها، يلعب الوسطاء دوراً محورياً، ويستعين “المدردشون” على قضاء حوائجهم بالكتمان، ولطالما لعب هؤلاء دور “دوريات الاستطلاع المتقدمة”، وبعضهم على طرفي “الدردشة” دفع أثماناً شخصية كبيرة ... السرطاوي سقط شهيد “دردشاته” ووسطاء آخرون تعرضوا للنقد والتجريح والنبذ والعزلة، ... يوري أفنيري تعرض للسجن والتحقيق في كل مرة التقى فيها وفداً من منظمة التحرير... لا ندري أية مصائر ستواجه من سيتولى “الدردشة” من جانب حماس. “الدردشات” القديمة كانت سبباً في انقسامات فلسطينية عميقة، أنشأت جبهات رفض وصمود وأخرجت فصائل من اللجنة التنفيذية، وكانت موضوع تجاذبات ساخنة على امتداد سنوات طوال ... “الدردشات” الجديدة، تأتي في ذروة الانقسام الفلسطيني الأخطر والأعمق والأطول، وهي بدل أن تقرب حماس بخطها “المقاوم” من السلطة بخطها “المفاوض”، ستسهم في المباعدة ما بينهما، فحماس في زحمة صراعها مع فتح على “كعكة السلطة”، ستطرق جميع الأبواب، بما فيها بوابة “الدردشة” مع إسرائيل، وهي تراهن على نتائج “عاصفة الحزم” والتقارب السعودي – القطري - التركي، لا لتحقيق المصالحة مع فتح، بل للخروج من شرنقة العزلة والحصار في غزة، من دون تفريط بسلطة الأمر الواقع، حتى وإن استلزم ذلك، إخراس المدافع لعقد أو عقدين من الزمان. في “العقل الباطن” لحماس، لا صوت يعلو فوق صوت “التمكين”، تماماً مثلما كان عليه “الجماعة الأم” ... “التمكين” كان سبباً في تأخر انضمام الجماعة للمقاومة الفلسطينية المسلحة أكثر من عقدين من الزمن ... “التمكين” هو ما دفع الدكتور موسى أبو مرزوق في تصريح نادر لاقتراح “وراثة” السلطة في رام الله إن ارتأت فتح التخلي عنها بدل حلّها ... “التمكين” هو ما يقود الحركة إلى “الدردشة” وما ورائها، ويدفع الحركة لطرق جميع البوابات باستثناء بوابة “المصالحة الوطنية. خلال السنوات العجاف الثمانية الفائتة قيل، إن سبب الانقسام الرئيس يعود لافتراق خطي “المقاومة” و”المفاوضات”، وهو افتراق جوهري – عقيدي ... اليوم، يتأكد لنا أننا قد نكون أمام سنوات ثماني عجاف أخرى، حتى وإن تلاقت المسارات وتقاطعت الطرق والتقى الخصمان على موائد “التفاوض” و”الدردشة” ... اليوم يتأكد لنا أننا أمام صراع ضواري على كعكة سلطة خالية من الدسم، لا أكثر ولا أقل، وهو صراع مفضوح ومكشوف، لن تنجح الرطانة الثورية والدينية والوطنية والديمقراطية في التغطية عليه ... كان الله في عون شعب فلسطين الذي يرزح تحت نير احتلال بغيض ووطأة فصائلية ثقيلة باتت عبئاً عليه بدل أن تكون ذخراً له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول الرقص «دردشة» أول الرقص «دردشة»



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya