«وطنيون لإنهاء الانقسام»

«وطنيون لإنهاء الانقسام»

المغرب اليوم -

«وطنيون لإنهاء الانقسام»

بقلم عريب الرنتاوي

منعت حماس نشطاء فلسطينيين من تنظيم مؤتمر لهم في غزة تحت عنوان “وطنيون لإنهاء الانقسام”، بعد أن كانت حكومة الأمر الواقع “منحت” المنظمين إذناً بإتمام الفعالية ... أعضاء المؤتمر، وعددهم 350 عضواً، تحدروا من مختلف المناطق  في القطاع المحاصر، فضلاً عن عشرات الضيوف والمراقبين، فوجئوا صبيحة يوم انعقاد المؤتمر، بانتشار كثيف لقوات أمن حماس في الموقع، وتعامل غليظ وفظ مع المؤتمرين، كاد ينتهي إلى اشتباك مباشر، لولا “صبر” و”حكمة” المنظمين، ومعرفتهم المسبقة، بأن معركتهم خاسرة، مع فريق يمكن أن يتقرب من الله بضربهم واعتقالهم.

المشاركون في حملة “وطنيون لإنهاء الانقسام” ينتمون إلى شرائح اجتماعية مختلفة، فنانون ومثقفون وحقوقيون ونشطاء سياسيون ومدنيون، رجال ونساء، كهول وشباب، جمعتهم قضية واحدة، تدعي مختلف الأطراف أنها قضيتها المركزية الأولى، وأعني بها: “المصالحة وانهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية” ... والأصل، أن هذا الحراك يخدم توجه حماس ووجهتها المعلنة على أقل تقدير، بيد أن قيام الحركة بالتصدي للتحرك ومنعه، واعتقال ثمانية من أعضاء اللجنة التحضيرية للتحقيق معهم، قبل أن تفرج عنهم في اليوم التالي، يطرح أسئلة حول جدية ادعاء الحركة بالحرص على المصالحة واستعادة الوحدة.

لست هنا أتهم حماس بأنها تقف “ضد المصالحة وتسعى في تأبيد الانقسام”، بيد أنني على يقين متأسس على تجارب سابقة، بأن الحركة لن تفرط بنفوذها المهيمن على القطاع، لا لحركة فتح والسلطة الفلسطينية، ولا أي “طرف ثالث” يمكن أن ينشأ أو يتبلور تحت شعار “انهاء الانقسام” أو تحت أي شعار آخر ... وهذا ما يفسر إقدام الحركة في مرات متتالية سابقة على منع مهرجات فتح بما فيها تلك التي تخلد ذكرى رحيل مؤسس الحركة الوطنية الفلسطينية وزعيمها ياسر عرفات، مثلما تمنع أنشطة أخرى لفصائل أخرى، وتصادر أية تحركات مستقلة لأطراف شعبية مستقلة، تحت شعارات “إنهاء الانقسام” أو “الدمقرطة” أو “حقوق الإنسان”.

حماس تريد المصالحة؛ لأنها الحصان الذي ستمتطي صهوته للقفز من فوق أسوار العزلة والحصار التي تلف القطاع، و”تحشرها” فيه ... لكنها تريد المصالحة حين تكون “آخر الحلول” وبعد استنفاذ فرص الرهان على الأحصنة القطرية والتركية وغيرهما، وتريدها بشروطها هي، ومن دون أن يترتب عليها تقويض “ملكها غير السعيد” في القطاع المحاصر، ودائماً ستتوافر للحركة الحجج والذرائع لتسويغ وتسويق موقفها هذا.

وكأي نظام شمولي، وغير ديمقراطي، فلن تعدم الحركة من الحجج/ الاتهامات، التي ستسوقها وتبرر بها قرار منع هذا النشاط الجماهيري المبادر، بما في ذلك، ارتباطه بالضابط المنشق محمد دحلان، مع أن الحركة تقيم معه أوثق الصلات حين تحتاج ذلك أو ترى فيه وسيلة للخروج من شرنقة الحصار، ويقيني أن عدداً كبيراً من “وطنيون لإنهاء الانقسام”، لا يمكن تصنيفهم أبداً على الضابط المذكور، وفي المعلومات، أن المشاركين في الحملة، جمعوا من جيوبهم الخاصة، تكاليف إعداد المؤتمر ونفقاته، وبواقع 100 شيكل عن كل عضو.

في المقابل، وفي توقيت متزامن، عجّت وسائل التواصل الاجتماعي بتقارير وفيديوهات، توثق “حفلات الاستتابة” التي تقيمها الحركة لطلاب لم يبلغوا الخامسة عشرة من أعمارهم (لا ندري أية معاص قد اقترفوا حتى يُستتابوا)، ويقوم وعاظ حماس والسلفية، بشحن عقول وقلوب هؤلاء الفتية، بثقافة الغلو والتطرف والخرافات والأساطير، إلى حد أودت بكثير من الأطفال إلى الانهيار والبكاء والذعر والهلع  ... مثل هذه الأنشطة، مسموحة ويُشجع عليها، حتى وإن أشرف وهابيون متطرفون عليها، لكن نشاطاً وطنياً ديمقراطياً، يجري منعه، بلغة التهديد والوعيد وأقذع العبارات والاتهامات.

ما الذي تريد حماس في غزة، وكيف انتهى القطاع في سنيّ حكمها العشر الفائتة؟ ... وهل هي جدية في أمر المصالحة، وما الذي يقلقها من “الحراك الشعبي المستقل”؟ ... وكيف لها أن تنتقد ممارسات السلطة في رام الله وتضييقها على الحراك الشعبي المستقبل هناك، وهي تقوم بفعل الشيء ذاته في غزة، وربما بطريقة أكثر سفوراً؟

لسنا هنا بصدد توزيع المسؤوليات واللائمة على الأطراف، لكننا نستهجن هذا السلوك وندينه، ونطالب بإطلاق سراح المجتمع المدني والنشطاء في القطاع المحاصر، ليتمكنوا من التعبير بحرية عن آرائهم وممارسة حقهم في الاجتماع والتنظيم ... أصدقاء حماس في الأردن وأقرانها يشكون التعديات الحكومية على قانون الاجتماعات العامة، فيما سلطة حماس وحكومة الأمر الواقع، التي لا يكفون عن التغني بهما، تأتي بممارسات أشد فتكاً بالحريات العامة وحقوق المواطنين، مما يحصل في كثير من الأقطار والأمصار العربية.

تحية للمجتمع الفلسطيني، ولكل ناشط وناشطة في الضفة والقطاع والقدس وداخل الخط الأخضر وفي الشتات، يرفع صوته عالياً مطالباً بإنهاء الانقسام المدمر، وإيقاف سياسة “نهش القطط” المتبعة من فريقي الانقسام، وصراعهما المخجل على سلطة لا سلطة لها، لا في الضفة ولا في القطاع ... تحية لهؤلاء إذ يقررون أخذ زمام قضيتهم بأيديهم، بعد أن باتت كثرة الفصائل الكاثرة، عبئاً على الحركة الوطنية وقضية شعب فلسطين، بدل أن تكون ذخراً لهما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وطنيون لإنهاء الانقسام» «وطنيون لإنهاء الانقسام»



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya