حين تختزل حلب الأزمة السورية برمتها

حين تختزل حلب الأزمة السورية برمتها

المغرب اليوم -

حين تختزل حلب الأزمة السورية برمتها

بقلم : عريب الرنتاوي

تكاد المعركة في حلب وحولها، تختزل الحرب الدائرة في سورية وعليها منذ أزيد من خمسة أعوام ... البعض ذهب أبعد من ذلك، ناظراً إلى “أم المعارك” في حلب، بوصفها معركة الإقليم برمته، كما ورد في آخر خطاب للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ... هي إذن، معركة من طبيعة “استراتيجية”، سيتقرر في ضوء نتائجها، ميزان القوى على الأرض وفوق موائد التفاوض في فيينا وجنيف وغيرها.

ولأنها كذلك، فإن كلاً من الفريقين المتحاربين، يعد لهذه المعركة ما استطاع من “قوة ومن رباط الخيل” ... مصادر النظام في دمشق، تتحدث عن قرار استراتيجي قد اتخذ بالفعل من قبل القيادة السورية بعزل المسلحين في الأحياء الشرقية للمدينة، حيث هم الآن، وبسط سلطة الجيش على الأرياف المحيطة، وصولاً للحدود مع تركيا ... نصر الله قال شيئاً مماثلاً، إذ دعا حلفاءه لحشد كل قواهم في حلب، متعهداً بزيادة عدد وعديد عناصر حزبه على طول جبهات القتال هناك وعرضها.

روسيا ليست بعيدة عن هذا “المزاج”، وإن كانت تصدر عنها مؤشرات متناقضة بين الحين والآخر، فهي ترسل إلى طهران بوزير دفاعها للقاء نظيريه السوري والإيراني، ثم تستتبع اللقاء، بزيارة غير مسبوقة للوزير الروسي إلى سوريا، وقاعدة حميميم على وجه الخصوص، وسط تصعيد في النبرة الاتهامية – التهديدية للخطاب الروسي ... لكنها في المقابل، ما زالت الأنشط في اقتراح “الهدن” وعرض “المهل الزمنية”.

في المقابل، ثمة من المعلومات ما يكفي للقول، أن المعسكر الآخر لا يدخر شيئاً من وسعه، إن لم يكن لتحقيق الانتصار على تلك المحاور الساخنة، فأقله لمنع النظام وحلفائه من تحقيق انتصار ذي طبيعة استراتيجية، او تسجيل خرق جدي ملموس على جبهات القتال .... وإن صحت المعلومات التي نُسبت إلى الوفد الروسي في محادثات جنيف لمجموعة الاتصال الخاصة بمراقبة وقف الأعمال العدائية في سوريا، والتي كشف فيها عن تسلم جبهة النصرة أكثر من مائة صاروخ مضاد للطائرات والدبابات عن طريق تركيا، فإننا سنكون على موعد مع “مواجهة استراتيجية”، يسعى كل فريق لكسبها بأي ثمن، وفي أسوأ السيناريوهات، منع الطرف الآخر من تحقيق نصر واضح.

ظاهرياً، تبدو واشنطن بعيدة نسبياً عن غبار المعارك في حلب وجوارها، فهي منشغلة بكثافة في معارك استراتيجية أخرى تدور على جبهات أخرى: منبج في سوريا والفلوجة في العراق ... لكن عيون العاصمة الأمريكية شاخصة صوب حلب، ترقب كل شاردة وواردة، والأرجح أن الإدارة الأمريكية ليست في عجلة من أمرها لحسم المعركة بترجيح كفة فريق على حساب فريق آخر، فالاستنزاف الدامي الجاري هناك، من دون توقف، يصيب خصومها جميعاً في مقتل، وينهك الأطراف المتحاربة من دون هوادة .... وفي حلب، يبدو “القاتل والقتيل في النار” من زاوية النظر الأمريكية، أو “فخار يكسر بعضه” كما يقول المثل الشعبي الدارج.

لكن هناك من يقول، إن الأمر في حلب مختلف تماماً بالنسبة لموسكو، فهي هنا، بخلاف واشنطن، “تضع يديها بالنار”،فهزيمة حلفائها في حلب، تعني هزيمة لها في حميميم ... خياراتها صعبة للغاية، إن هي انتصرت لحلفائها، قامرت بتبديد “التفاهمات الأمريكية الروسية” التي تشتد حاجتها للإبقاء عليها وتطويرها وتعميقها ... وإن هي ظلت على “ترددها” الظاهر، غامرت بخسارة حلفائها، وربما انقلابهم عليها، ولقد رأينا مؤخراً موجة انتقادات واسعة من قبل هؤلاء الحلفاء، لميل موسكو الجارف لـ “التهدئة” و”وقف الأعمال العدائية”... في حلب، أكثر من غيرها، ستُختبر قوة ومتانة التفاهمات الروسية –الأمريكية، وسيكون الحفاظ على “الستاتيكو” هو المعيار الأبرز للحكم على “صلابة” هذه التفاهمات ... ولأن بقاء الحال على خطوط التماس من المحال، فإن هذه “التفاهمات” ربما تكون الضحية الأولى لـ “ام المعارك” في الشمال السوري.

ثمة وقت مستقطع في الأزمة السورية، من غير المستبعد أن يمتد حتى الربيع، وربما الصيف القادم، والأطراف جميعها، ستعمل على “ملء فراغ الدبلوماسية”، التي لم يعد لها من وظيفة سوى تسهيل إجراءات الإغاثة الإنسانية، ودائماً بصعوبة بالغة ... يبدو أن الطريق إلى سلام سوريا، لم يُعبد بعد بما يكفي من أنقاض وأشلاء، وأن الأصعب ما زال في انتظار السوريين وجوارهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تختزل حلب الأزمة السورية برمتها حين تختزل حلب الأزمة السورية برمتها



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya