هل تفعلها «النصـرة»

هل تفعلها «النصـرة»؟!

المغرب اليوم -

هل تفعلها «النصـرة»

بقلم : عريب الرنتاوي

فصائل المعارضة السورية المسلحة، من “جهادية” وغيرها، تعيش لحظة ترقب بانتظار ما قد يصدر عن “جبهة النصرة” من “مبادرات” خلال الأيام (البعض يتحدث الساعات) القليلة القادمة، وسط ترجيح بأن يعلن زعيم الفرع السوري للقاعدة “فك ارتباطه” بالتنظيم الأم، نظير قيام الفصائل الإسلامية المصنفة “معتدلة”، بالانضواء تحت راية “جيش واحد” و”راية واحدة” و”غرفة عمليات واحدة”، هنا يتحدث البعض عن قرار تم اتخاذه بالفعل ولم يتبق سوى الإعلان عنه، فيما مصادر أخرى، ما زال تدرج المسألة في باب التكهنات والترجيحات.

إن صحت الأنباء، وهي على الأرجح صحيحة، فإن الجهود التي بذلتها أطراف عربية (قطر) وإقليمية (تركيا) فضلاً عن بعض مشايخ السلفية الجهادية، ستكون قد أثمرت في إقناع قيادة التنظيم بإعلان فك ارتباطه بـ “القاعدة الأم”، ولو شكلياً، من أجل تفادي تعرضه لأوسع عملية تصفية وملاحقة، شبيهة بتلك التي يتعرض لها تنظيم “داعش” في كل من سوريا والعراق، وهي محاولات ليست جديدة على أية حال، وقد سبقتها عمليات تهيئة وتمهيد و”تلميع”، ساهمت فيها قنوات فضائية ووسائل إعلامية محسوبة على دول هذا المحور، بيد أنها أخفقت جميعها في ثني “أبو محمد الجولاني” عن بيعته لزعيم القاعدة أيمن الظواهري على الولاء والسمع والطاعة.

هذه المرة، يبدو أن جهود هذه الأطراف قد أينعت وحان قطافها، وفي توقيت شديد الدقة والأهمية، ومن ضمن مسعى لتجنيب “النصرة” المصير الذي ينتظر “داعش”، وفي محاولة لتعطيل التفاهمات الروسية – الأمريكية الأخيرة، التي وضعت الدولتين العظميين، على سكة العمل المنسق لضرب “النصرة” في مناطق تواجدها، ودفع الفصائل المسلحة الأخرى، لفك ارتباطها عسكريا وأمنيا وجغرافياً مع مقاتلي الجبهة ... وهي تفاهمات تبدو مدعومةً من قبل عواصم دولية، ظلت حتى الأمس القريب، تعارض استهداف “النصرة” و”جيش الفتح”، وتريد حصر الحرب على الإرهاب بضرب “داعش” فقط، وأخص بالذكر هنا، مواقف العاصمة والرئيس الفرنسيين الأخيرة.

“سلاح الإفتاء” يبدو جاهزاً كعادته، لتبرير الشيء ونقيضه ... فقد استخدم من قبل لتبرير رفض الجولاني فك ارتباطه بالقاعدة، وخرجت عشرات التصريحات والتغريدات التي تسوق وتسوغ موقف “أمير الجهاد الشامي” ... واليوم، ستخرج عشرات المواقف والتغريدات، وربما من الأشخاص أنفسهم، التي ستدفع بالاتجاه المعاكس، وتبرر و”تشرعن” ما سيؤول إليه موقف الجولاني من هذه المسألة، فمنهم من سيجد فرقاً جوهرياً بين فك الارتباط وفك البيعة، ومنهم من سيلجأ إلى فقه الضرورات و”المقاصد” و”ما ينفع الناس” ... لا مشكلة شرعية للجولاني إن فعل ما يطلب منه فعله، باستثناء “حفظ ماء الوجه” أمام المتربصون من نشطاء المعسكر ذاته، وبالذات جماعة “الخليفة أبو بكر البغدادي”.

ولقد بادر مشايخ القاعدة وفقهاء الظلام، على تأمين سلم للجولاني للهبوط به من على قمة شجرة الرفض التي صعد إليها خلال العامين الفائتين ... الظواهري، أجاز “فك الارتباط” طالما أنه لا يعني “فك الارتباط بالشريعة وحكم المسلمين بالإسلام” ... والمقدسي، في طلاته المتكررة، يريد لإخوانه في “النصرة” فعل ما يرونه صواباً، حفظاً لدمائهم ومشروعهم ... وسيتضح لنا خلال الأيام القليلة التي ستعقب تفجير “النصرة” لمفاجأتها، أن “التقية” ليست سمة لصيقة بمذاهب أقلوية بعينها، وأن بعض أهل السنة والجماعة، يمارسونها كذلك، مع أنهم يزعمون تمثيل الأمة بأكثريتها الساحقة.

هل سينجح “تكيتك النصرة” المدعوم إقليمياً و”جهادياً” في تفادي السيناريو الأكثر خطورة الذي ينتظر التنظيم وحلفاءه في المرحلة المقبلة؟ ... هل ستغير واشنطن رأيها، وتعيد النظر في تقيم موقع “النصرة” على خريطة القوى المسلحة العاملة في سوريا؟ ... هل ستنجح “الدول الراعية” للجبهة وحلفاؤها من فصائل إسلامية في إقناع الولايات المتحدة، بعدم التفريط بأكبر قوة عسكرية مقاتلة ضد النظام في محافظات إدلب وحلب والجنوب، تحت غطاء “فك الارتباط” المزعوم؟

أغلب الظن، أن خطوة من هذا النوع، إن تمت، ستكون متأخرة للغاية، وأنها لن تنجح في تحقيق مراميها ... لكن من يدري، فقد ترددت الولايات المتحدة طويلاً قبل الأخذ بالمقاربة الروسية حيال “النصرة”، ومن السابق لأوانه، استبعاد سيناريو أن تعود واشنطن عن تفاهماتها مع موسكو، أو تسعى في إرجاء أو عرقلة تنفيذها، أو الاكتفاء ببعض العمليات المحدودة من باب رفع العتب، وخصوصاً ضد “تنظيم خراسان” التابع للقاعدة، سيما وأن واشنطن تدرك تمام الإدراك، أن تصفية “النصرة” يعني، تمكين الجيش السوري من استرداد سيطرته على معظم المناطق في ريف حلب وإدلب والجنوب، وهو أمرٌ ادركته دمشق مبكراً بدورها، عندما رحبت بالتفاهمات الروسية – الأمريكية، وعبرت عن الاستعداد لتسهيل ترجمتها، بما في ذلك، الذهاب إلى مفاوضات جديدة، من دون قيد أو شرط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تفعلها «النصـرة» هل تفعلها «النصـرة»



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya