حين يستيقظ ترامب متأخرًا على «حل الدولتين»

حين يستيقظ ترامب متأخرًا على «حل الدولتين»؟!

المغرب اليوم -

حين يستيقظ ترامب متأخرًا على «حل الدولتين»

بقلم : عريب الرنتاوي

بعد مرور عامين على ولايته، أدرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يكتسب أهمية خاصة بالنسبة لأمن المنطقة واستقرارها، وأنه يرتبط ويتداخل بشكل من الأشكال، مع بقية الصراعات والأزمات المحتدمة في الإقليم... كما أنه بات «يشعر بأن حل الدولتين» ربما يكون الأفضل والأكثر واقعية من حل الدولة الواحدة، الأمر الذي اعتبره البعض تطوراً نوعياً في موقف الرجل وإدارته، فهل نحن فعلاً أمام تطور من هذا النوع، يستحق كل هذا الترحيب والحفاوة، بل والتسابق على نسبة هذا «الإنجاز» لهذه العاصمة أو تلك؟

والحقيقة أن عودة ترامب إلى «حل الدولتين» جاء بعد إقدامه على خطوات ثلاث رئيسة، تكفي كل واحدة منها لإفراغ هذا الحل من مضمونه، وتحويله إلى ضرب من «إعادة انتاج» خطاب بار إيلان لبنيامين نتنياهو في العام 2009 ... اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وقراره نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها ... موقفه من قضية اللاجئين والأونروا، وضوءه الأخضر للتوسع الاستيطاني، و»تفهم» أركان إدارته للزحف الاستيطاني الذي انفلت من كل عقال في العامين الأخيرين، يدرج حل الدولتين، في سياق آخر، ويهبط به إلى شكل من أشكال الحكم الذاتي للفلسطينيين حتى وإن جاء تحت مسمى «دولة أو امبراطورية» مستقلة.

دع عنك مسلسل الإجراءات العقابية التي اتخذها الرجل ضد منظمة التحرير الفلسطينية من إغلاق مكتب المنظمة التي صنفها الكونغرس «إرهابية» إلى وقف برامج المساعدات الإنسانية لسكان القدس واللاجئين الفلسطينيين، إلى وقف المساعدات عن السلطة ... عن أي «دولتين» يتحدث الرجل، وهو الذي محض إسرائيل دعماً غير مسبوق، تجاوز التحالف إلى الشراكة في الاحتلال، وخص الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي الوحيد، بكل السياسات والإجراءات العدائية.

دعونا لا نسترسل كثيراً أو نذهب بعيداً في التفاؤل، ذلك أن «حل الدولتين» الذي «خفق له قلب ترامب» و»ارتعشت» له غرائزه وأحاسيسه وإن بعد طول انتظار، لن يتجاوز ما ذهب إليه نتنياهو في بار إيلان أو أفيغدور ليبرلمان في مطالعاته المتكررة ... الأرجح أن الرجل يتحدث عن «دويلة» تحت اسم «دولة» مجردة من السيادة ومن دون القدس واللاجئين، وبعد «خصم» المستوطنات كبيرها وصغيرها، وربما مع مجالها الحيوي الذي طالما توسع في رسم خرائطه، المفاوضون الإسرائيليون في جولات التفاوض المتعاقبة.

دعونا لا نستبشر خيراً، ولا «نرش السكر على جرح صفقة القرن المتقيّح»، فنبدأ التكبير والتهليل للتحولات في مواقف ترامب، فيما حبر قراراته بخصوص القدس واللاجئين والأونروا والمستوطنات، لم يجف بعد ...وآخر تصريحاته حول «تأييد إسرائيل بدرجة 100 بالمائة»، لم يبددها الأثير بعد ... دعونا لا نستبق الأمور، فكثيرون من الإسرائيليين، يتراقصون لحل الدولتين، الذي يكفل لهم الخلاص من عبء الديموغرافيا الفلسطينية بعد أن يمكنهم من أوسع المساحات من الجغرافيا الفلسطينية المحتلة، قديمها وجديدها.

وسنذهب أبعد من ذلك للقول، بأن مجرد نطق ترامب بـ «حل الدولتين» سيوف يزيح عن كاهل إدارته عبء الاعتراضات والانتقادات الدولية، وربما يمهد لجولة جديدة من الضغوط على الفلسطينيين للتمشي والتساوق مع «التحول الجديد» في موقف الإدارة، فيما نعلم وتعلمون ويعلم المجتمع الدولي برمته، بأن هذا الحل من منظور الإدارة الحليفة «مائة بالمائة» لليمين المتطرف، الديني والقومي، في إسرائيل، هو أقرب ما يكون للحكم الذاتي، لمعظم السكان الفلسطينيين على أضيق مساحة ممكنة من أرضهم، ودائماً من دون القدس واللاجئين والمستوطنات، هذا إن قُدّر لها أن يمتلك أقداماً يسير عليها، لا أن يصاب بالكساح المبكر، كما هو شأن مختلف المبادرات الأمريكية، بما فيها أكثرها انحيازاً لإسرائيل.

لست متفائلاً بما أسماه البعض، أو قد يسميه، تطوراً «نوعياً» جديداً في مواقف ترامب وإدارته ... وأخشى أنها «نصيحة» قدمت لإدارته، لكي تتحول إلى «مذكرة جلب» للفلسطينيين للالتحاق من جديد بمائدة المفاوضات العبثية ذاتها، وربما نكون أمام «سلم» لتمكين السلطة الفلسطينية من النزول عن شجرة مواقفها الرافضة للوساطة الأمريكية المنفردة في عملية السلام، وعودتها إلى «بيت الطاعة» من جديد.

هو تطور «مفخخ» وملغم» في مواقف هذه الإدارة اليمينية، لا أحسبه يعبر عن تفهم لحقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم الوطنية، بقدر ما هو خطوة للخلف من أجل خطوات للأمام على طريق قضم ما تبقى من هذه الحقوق، ومحاولة إضافية لتدوير الزوايا الحادة في مواقف السلطة والمنظمة، وتوطئة قد تكون ضرورية لاستخراج «الناتو العربي» إلى دائرة الضوء، والأيام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يستيقظ ترامب متأخرًا على «حل الدولتين» حين يستيقظ ترامب متأخرًا على «حل الدولتين»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya