رائحة«طبخة» دولية لسورية

رائحة«طبخة» دولية لسورية

المغرب اليوم -

رائحة«طبخة» دولية لسورية

بقلم - عريب الرنتاوي

تفوح في الأجواء رائحة “طبخة” إقليمية – دولية، لا نعرف الكثير عن تفاصيلها، ولا عن أدوار العواصم المختلفة المنخرطة فيها ... لكن “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، وعنوان “المكتوب” الذي نحن بصدده: إقرار إقليمي – دولي بالإبقاء على نظام الأسد، مع قليل من التعديلات على شكل نظامه وسلوكه السياسيين، نظير تحجيم دور إيران في سوريا (إن تعذر إنهاؤه)، وتقطيع شرايين إمداد حزب الله بالسلاح والذخيرة، وإخراج المليشيات المذهبية من سوريا.
والمرجح أن عناصر هذه “الطبخة”، تشكل أرضية صلبة لـ”التفاهمات” الروسية – الإسرائيلية التي تظهر يوماً بعد آخر، أنها “أصلب” و”أعمق” مما يبدو على السطح، وأن جزءها الغاطس أكبر بكثير من جزئها الظاهر، فلا الاستراتيجية الروسية في سوريا منسجمة مع الاستراتيجية الإيرانية، إلا في بند واحد: محاربة الإرهاب وتثبيت دعائم النظام ... ولا الاستراتيجية الإسرائيلية، تمانع في عودة الأوضاع في سوريا إلى ما كانت عليه قبل اندلاع أزمتها في العام 2011، حيث نعمت جبهة الحدود بين الجانبين، بأطول فترات التهدئة و”صمت المدافع”، وهذا ما انتهت إليه على أية حال، واحدة من أهم توصيات تقرير أخير لمعهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، ومن منطلق تفضيل “الشيطان الأصغر: النظام” على “الشيطان الأكبر: إيران ومليشياتها”.
وربما تجيب هذه “التفاهمات” على أسئلة حائرة، دارت في أذهان كثير من المراقبين والمحللين الذين تصدوا بالتحليل والتفكيك لـ “ألغاز” الموقف الروسي من الاعتداءات الإسرائيلية، المتكررة والثقيلة، على أهداف سورية وأخرى إيرانية في سوريا، دع عنك استهداف قوافل حزب الله وعناصره ومواقعه في غير بقعة وجبهة على الأرض السورية.
في إسرائيل صدر أكثر من نداء للنظام السوري، لفك تحالفه مع إيران وحزب الله، وقبلها كشفت مصادر مطلعة، عن عروض خليجية، سعودية أساساً، بتغيير وجهة الموقف السعودي من الأزمة السورية، بل والمساهمة في إعادة إعمار سوريا، تحت الشرط ذاته ... وعن واشنطن، صدرت “نصائح” لدمشق، تدفع في هذا الاتجاه... أما أوروبا، فهي تتفق مع واشنطن وتل أبيب وعواصم الخليج، المحذرة من تزايد الدور الإقليمي لإيران، وأوروبا تدرج الجناح العسكري للحزب في قوائمها السوداء للمنظمات الإرهابية... وفي حين تبدو أنقرة على علاقة وثيقة مع إيران، إلا أن التنافس وليس التكامل والتعاون، هو ما يميز العلاقات بين البلدين الجارين منذ سنوات وعقود.
تثير “الطبخة” التي نتحدث عنها سؤالين جوهريين: الأول، ويتعلق بموقف النظام في دمشق منها، ومدى قدرته على تنفيذ التزاماتها، وكيف ينظر إليها في ميزان الربح والخسارة ... أما الثاني، فيخص توقيت إخراجها إلى دائرة الضوء، وما إذا كان “الشرط الدولي” لإنضاجها قد تحقق، سيما في ضوء التدهور المتسارع في العلاقات بين موسكو وواشنطن.
تصعب الإجابة على السؤال الأول، في ظل التنامي المضطرد للنفوذ الإيراني في سوريا ولدور حزب الله في الحرب على جبهات القتال المختلفة، وفي ظل تفشي حالة انعدام الثقة بين النظام وكافة الدول التي يمكن أن تنخرط في تسوية كهذه أو توافق عليها، لكننا لا نعرف بالضبط، ما الذي يدور في عقل النظام هذه الأيام، بعد أن شارفت المعارك الكبرى في الحرب السورية، على وضع أوزارها، وما هي الضمانات التي سيطالب بها بالمقابل، وما إذا كانت ستشمل الجولان السوري المحتل، أم لا؟ ... إخراج تركيا والولايات المتحدة من سوريا، أم لا؟.
في السابق نجح الأسد الأب، في توظيف علاقاته بإيران، لتحسين موقفه وموقعه على الخريطة السياسية العربية، لم تكن سوريا ورقة بيد إيران، ولم يكن بمقدور أي من قادتها التبجح بحكم دمشق ... الأسد الابن، رفض عروضاً أكثر سخاء، ومن كولن باول شخصياً (بعد غزو العراق)، نظير التخلي عن حماس وحزب الله ... اليوم، كيف سيكون قراره سيما بعد أن جرت مياه كثيرة في أنهار سوريا؟ ... يصعب التكهن بالأمر، بالرغم من بعض “التراشق” بالشكوك والاتهامات بين دمشق وطهران وموسكو، على ألسنة الصحفيين والكتاب، والذي لا يكفي وحده للحكم على الوجهة التي ستسلكها الأحداث.
أما بخصوص مسألة التوقيت، فترتبط أساساً وحصراً بقدرة واشنطن وموسكو على الجلوس حول مائدة مفاوضات لاجتراح الحل النهائي للأزمة السورية ... إن قبلت واشنطن بأسس هذه “الطبخة”، أو دفعت للقبول بها، من طرف إسرائيل أساساً، ساعتئذ يمكن الحديث عن نضجها واكتمال شروطها... وهذا احتمال ليس مستبعداً ولا مستعجلاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة«طبخة» دولية لسورية رائحة«طبخة» دولية لسورية



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء

GMT 01:05 2012 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حناج عيين با بنيه - نقوش بحرينية يتناول انواع نقوش الحناء

GMT 13:28 2015 الأربعاء ,18 شباط / فبراير

أفضل ستة فنادق في مراكش للاستمتاع بالرفاهية

GMT 03:24 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بالتعامل مع زملاء العمل

GMT 00:53 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد سعد يعود للغناء مرة أخرى بعد ثبوت صحة موقفه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya