«الإنساني» بدلاً عن «الوطني» و«تهدئة» غزة بدلاً عن «تثوير» الضفة

«الإنساني» بدلاً عن «الوطني» و«تهدئة» غزة بدلاً عن «تثوير» الضفة

المغرب اليوم -

«الإنساني» بدلاً عن «الوطني» و«تهدئة» غزة بدلاً عن «تثوير» الضفة

بقلم - عريب الرنتاوي

لم يهدأ غبار المسيرات الشعبية في غزة، ولم تتبدد سحب الدخان المنبعث من قنابل إسرائيل السامة والإطارات المشتعلة ... لم تجف دماء شهداء غزة بعد، ولم تتوقف أعدادهم عن التزايد ... لكن سقف التوقعات من «مسيرة العودة الكبرى»، انخفض كثيراً، وربما بأسرع مما ظننا وظن غيرنا ... لم تعد الأهداف «الوطنية» المتعلقة بإسقاط مشروع ترامب واستنقاذ القدس من قرار ترامب ونقل السفارة الأمريكية وافتتاحها، مدرجة على جداول أعمال قنوات تفاوض خلفية، محورها حماس وتنخرط فيها كل من الأمم المتحدة وقطر ومصر، الحديث يدور حول عناوين أخرى، يمكن حصرها في الإطار «الإنساني»... لم يعد «تثوير» الضفة، «هدفاً جانبياً» للحراك الشعبي غير المسبوق في القطاع، بل باتت «تهدئة غزة» هي العنوان الرئيس للحراك السياسي النشط الدائر هذه الأيام.
مثل هذه المآلات، لم تكن مستبعدة تماماً عند انطلاق المسيرات الشعبية في القطاع، وتردد صداها بخجل وتواضع في الضفة الغربية ... ولطالما حذرنا من خطورة إدراج الحراك الشعبي الملهم، في سياق الانقسام الفلسطيني الداخلي، وحرب «الإخوة الأعداء» على «الشرعية» و»الشعبية» ... يبدو أن أسوأ مخاوفنا وهواجسنا، يكاد يطل برأسه، تحت عنوان «رفع الحصار» و»الهدنة طويلة الأمد»، ومعادلة «رفع الحصار مقابل المقاومة».
في الأنباء، أن الوسطاء الذين يتحركون على نحو منفرد ولكن في الاتجاه ذاته، يحملون في جعبهم عناوين منها: (1) هدنة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل (10 – 15 سنة) ... (2) معالجة مفردات الملف الإنساني لغزة، من غذاء ودواء وكهرباء ومعابر ... (3) عودة السلطة إلى القطاع على نحو منسق ومتفق عليه ... (4) تحتفظ حماس بسلاحها أو معظمه، ويحظر عليها الحصول على المزيد منه، أو تطويره، وفقاً لآليات رقابة وتحقق يجري البحث بها.
لا شك أن حماس اليوم، باتت في مكانة أفضل مما كانت عليه قبل انطلاق مسيرات العودة، وانها أصبحت في وضع يمكنها من تحسين شروط المصالحة مع السلطة وتطبيع علاقاتها بعدد من الدول العربية، تأتي مصر في مقدمتها، وبما يبقيها «سيدة» الأرض وما تحتها في القطاع ... ربما هذا كل تحتاجه حماس في هذه المرحلة، سيما وأن العروض «المغرية» المقدمة لها من غير مصدر، تأتيها مقرونة بتهديدات جدية باستهداف قادة الجماعة بالتصفية والاغتيال، في استعادة مكرورة، لتكتيك «العصا والجزرة».
في المقابل، لم تنجح محاولات فتح والسلطة المتكررة، في إثبات «أبوتها» للانتفاضة الشعبية الفلسطينية... فتح فقدت قدرتها على التحشيد الشعبي بعد عقود من الجلوس المريح على مقاعد السلطة الوثيرة ... والسلطة، وإن رفعت سقف مواقفها المناهضة لواشنطن، وواصلت تلويحها الذي لا يتوقف بالذهاب إلى خيارات وبدائل أخرى، ألا أنها «خسرت» هذه الجولة في «سباق المسافات الطويلة» مع حماس، أقله على «الشعبية»، طالما أن «الشرعية» ما زالت مضمونة في جيب محمود عباس... والمرجح أنه لن يكون بمقدور «أبو مازن» بعد «الاثنين الأسود»، أن يملي شروطه القاسية ذاتها، على حماس: «ترك القطاع كاملاً أو أخذه كاملاً».
وقد تنتهي هذه الجولة الكثيفة من الاتصالات السياسية إلى «تهدئة» و»تطبيع» الأوضاع في قطاع غزة، وتخفيف المعاناة الإنسانية الثقيلة التي يرزح مليونا فلسطيني تحت نيرها منذ أزيد من عشر سنوات عجاف ... لكن السؤال الذي يقفز على السطح هو: هل من أجل هذا، سُيّرت المظاهرات، وقُدمت قوافل الشهداء؟ ... ألم يكن بمقدور الفلسطينيين الوصول إلى النتيجة ذاتها، من دون الاضطرار لدفع هذه الفاتورة الباهظة والكلفة الإنسانية الثقيلة؟
لولا الانقسام الداخلي، لكان بالإمكان فعل ذلك بتكاليف أدنى وخسائر أقل ... فالمسألة لم تكن يوماً، تتعلق بخلاف بين طرفي الانقسام حول «الحاجة لرفع المعاناة الإنسانية» عن أهل القطاع ... المسألة الرئيسة، كانت على الدوام، وستبقى حتى إشعار آخر: تحت أي قيادة وفي ظل أي سلطة، يتعين رفع الحصار ووقف المعاناة ... مع فتح والسلطة أم مع حماس وحلفائها؟ ... حماس دفعت بكل هذه التضحيات، وكثير منها من صفوفها، كما تقول مصادرها، من أجل أن يكون لها حصة ودور، إن لم نقل «سلطة»، في مرحلة ما بعد «التهدئة» و»رفع الحصار» و»وقف المعاناة»... ولو كانت «المقاومة» و»المشروع الوطني» هي المحفّز الأول للحركة في سعيها لتحريك مئات ألوف الغزيين، لكان عليها التفكير بـ»تثوير» الضفة» بدل «تهدئة» غزة، ولا أدري كيف ينسجم خيار «تصعيد المقاومة» مع مشروع «التهدئة طويلة الأمد»، وما تحيط به من تدخلات عربية وإقليمية ودولية، تسعى في توفير منظومات الرقابة والتحقق على المعابر والانفاق والتسلح وكل وارد أو صادر من القطاع أو إليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الإنساني» بدلاً عن «الوطني» و«تهدئة» غزة بدلاً عن «تثوير» الضفة «الإنساني» بدلاً عن «الوطني» و«تهدئة» غزة بدلاً عن «تثوير» الضفة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya