عن المعارضة أو «النظام معكوساً»

عن المعارضة أو «النظام معكوساً»

المغرب اليوم -

عن المعارضة أو «النظام معكوساً»

بقلم: عريب الرنتاوي

شهدت ثلاث محافظات سورية شمالية تظاهرات شعبية حاشدة «نوعاً»، رفعت شعارات طالبت بسحب الاعتراف من هيئة التفاوض السورية وإسقاط الأجسام السياسية التي تقود المرحلة لما تحمله من خلل بنيوي وتأسيسي يتوجب هدمه وإعادة بناء صرح سياسي آخر يمثل السوريين.
نصر الحريري ويحي العريضي بادرا بالرد على شعارات المتظاهرين وهتافاتهم ... الأول قال إن هتافاتهم مسيسة ومدفوعة من قبل الأسد، ونسب إلى «جاسوس» له في أوساط النظام بأن المخابرات السورية عممت على حلفائها بدعم حملة التصويت المعنونة: «هيئة التفاوض لا تمثلنا»، من دون أن ينسى الإعراب عن تأييده للتظاهرات لو أنها كانت موجهة ضد إيران والنظام، واصفاً الجمعة الفائت، بأنه يوم سعيد للنظام.
والثاني، العريضي، ذهب أبعد من الأول، وصف الحشود بأنها «غوغائية»، وبعد أن جوبه بعاصفة من الانتقادات اللاذعة، عاد وتبرأ من تصريحاته، وصبّ جام غضبه على مساعي «تسييس» التظاهرات، من قبل فئة مغرضة ومندسّة، إذ تسامت الجماهير التي هزّت عرش الأسد، عن أن توصف بالغوغائية.
كلا الرجلين نشأ في أحضان النظام، سيما العريضي الذي تقلد مناصب إعلامية وأكاديمية، لم تكن مفتوحة سوى للبعثيين لتقلدها، وهو واحدٌ منهم على أية حال، وكلاهما يعيد انتاج خطاب النظام ذاته ... بل أنهما في توصيفها لما يجري يستعيران كافة مفردات النظام الدكتاتورية وغير الشرعية العربية.
الجماهير رائعة طالما أنها معنا وتهتف لنا وباسمنا ... وحراكها ثورة وانتفاضة ومصدر أوحد للشرعية ... أما عندما «تكفر» الجماهير بنا، وبفسادنا وتفاهتنا وتوزعنا على أجهزة مخابرات الإقليم والعالم، تصبح غوغاء ودهماء و»سواد أعظم» إلى غير ما هنالك من الأوصاف الاستعلائية و»السلطانية» ... أليس هذا بالضبط، هو جوهر خطاب أنظمة الفساد والاستبداد؟ ... أليست هذه مفردات خطاب النظام الذي يسعى «الثوريون» في هيئة التفاوض لتغييره من دون كلل أو ملل؟
الجماهير معنا، وهي معنا دائماً، فنحن الشرعية ونحن من ينطق باسمها، ونحن من يمثلها ويدافع عن مصالحها، ألسنا نحن من يعرف مصالحها أكثر منها، والأقرب إلى «نبضها» حتى من وريدها؟ ... لكن حين تخرج الجماهير بصيحات مدوية تطالب بإسقاطنا، وتحمل صورنا مجللة بإشارة «X»، كبرى، وحين تصدح بأن الائتلاف لا يمثلنا، يتهم الحراك الشعبي بـ»التسييس»، لكأن في الأمر نقيصة أو شتيمة، ومن قال أن الحراك لا ينبغي أن يكون مسيساً، وهل من العيب تسييس الحراكات الشعبية، أليس المشهد السوري برمته سياسة في سياسة؟
هنا والآن، يجري على عجل استحضار «الفئة المندسّة» لتحميلها وزر التأزم بالعلاقة ما بين الجماهير من جهة، والتي هي دائماً عريضة بالطبع، و»قيادات الصدفة المحضة»، المفروضة بقوة المال والاستخبارات على المعارضة السورية من جهة ثانية... فهذه الفئة، القليلة وغير العريضة في كل الأحوال، هي المسؤولة عن «حرف» الحراك عن مساره، أما هدفها الخبيء والخبيث، فهو تشويه صورة الائتلاف وقادة المعارضة، لكأنها ما زالت بحاجة إلى تشويه، أو إلى من يشوهها ... ألم تحضروا هذا «الفيلم» من قبل، وفي مختلف العواصم العربية، وليس في دمشق وحدها؟ ... ألم يقل النظام بكم، ما تقولونه اليوم بحق هذه «الفئة المندسة والقليلة»؟
يتحدث العريضي عن هدف التحركات قائلاً إنها تسعى في «ضرب مصداقية الهيئة العليا»، وهل بقيت لهذه الهيئة مصداقية من أي نوع ... أليست في حالة موات سريري؟ أم تطف روائح فسادهم أرجاء المعمورة الأربع؟ ... ثم ما هي المكاسب التي حققتها على حد زعم العريضي، غير التنقل من عاصمة إلى أخرى، ومن غرفة مغلقة إلى بهو فندق فاخر؟ ... ألستم خجلين مما آلت إليه أوضاعكم وأوضاع الشعب الذي من المفترض أنكم تقودنه وتسعون في تلبية تطلعاته وأشواقه؟
الرجلان تحدثا عن «حمولة زائدة» في حافلة «الهيئة»، وعن كيانات وشخصيات، هي عبء عليها لا ذخراً لها، منصات وشخصيات، لا تليق بسوريا وثورتها وانتفاضة شعبها ... كلاهما يعدان بـ «حركة تصحيحية»، لترشيق الائتلاف، لكن السوريين في إدلب وريفي حماة وحلب، باتوا يدركون، أن ملف أزمتهم قد يطوى قبل أن ينجح الائتلاف في «تنقية» صفوفه، وقبل أن يستيقظ هؤلاء على فشلهم، وقبل أن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة، ليروا صور خصومهم وأعدائهم في دمشق.
 لو أن لهذا النوع من «قيادات الصدفة»، نفوذ على الأرض في المناطق التي شهدت حراكاً شعبياً نشطاً ضدهم، لم يتوانوا عن إطلاق الرصاص الحي والمطاطي والمسيل للدموع ضد هذه الجموع المنقادة لـ»الفئة المندسة»، والتي تقف حجر عثرة بين الهيئة و»دورها التاريخي»؟ ... لكن من أسف، هيهات أن يتحول «الموظف» إلى «قائد»، وأن يخلع من تربى على ثقافة الإقصاء والإلغاء، جلده حتى بعد مرور سنوات طوال عن انسلاخه عن وظيفته في الدعاية للزعيم الفرد والحزب القائد، وفي تدبيج قصائد المديح للثالوث غير المقدس: «التمديد، التجديد والتوريث».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المعارضة أو «النظام معكوساً» عن المعارضة أو «النظام معكوساً»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya