بعد 10 سنوات على حرب تموز أين أصبح حزب الله

بعد 10 سنوات على حرب تموز... أين أصبح حزب الله؟

المغرب اليوم -

بعد 10 سنوات على حرب تموز أين أصبح حزب الله

بقلم : عريب الرنتاوي

لو كنت ممن يستمع حزب الله لنصحهم، لاقترحت أن يتخذ الحزب من الذكرى العاشرة لحرب تموز، مناسبة للتقييم والتقويم والمراجعة، بدل تحويلها إلى مناسبة احتفالية، ومنصة للانقضاض على الخصوم وتسوية الحساب معهم، كما يقترح أصدقاء الحزب ومشايعوه.

وسأبدأ باقتراح أن يجري الحزب مقارنة عميقة، بين حاله وهو الخارج مثخناً بجراحات الحرب مع إسرائيل ومجللاً بأكاليل الصمود والبسالة في ميادين القتال، وبين حاله الآن، وهو المثخن أيضاً بجراحات الحرب في سوريا وعليها، ولكن من دون أكاليل من أي نوع ... أقترح أن يقف الحزب وقفة مقارنة بين “شعبيته” قبل عشر سنوات، في لبنان والعالمين العربي والإسلامي، وبين الوضعية التي آل إليها اليوم، بعد سنوات ثلاث أو أربع من التورط في الأزمة السورية.

قد يقول قائل من الحزب: إنها المؤامرة متعددة الجنسيات التي استهدفت “شيطنة” الحزب وحرصت على “تدفيعه” ثمن صموده وانتصاره (والصمود في وجه الآلة الإسرائيلية هو انتصار محقق بلا شك) ... هنا لا نختلف أبداً مع الحزب، ولدينا ما يكفي من المعلومات، ومن أرفع المصادر، بأن أطرافاً كثيرة، هالها ما جرى في تموز، وتحديداً لجهة نجاح الحزب في البرهنة على أن هزيمة إسرائيل أمراً ممكناً، بعد أن جرى تصويرها ، عربياً قبل أن يكون إسرائيلياً، على أنها صاحبة الذراع الطويلة و”الجيش الذي لا يقهر”، ولقد تظافرت جهود كبيرة، من أجل عزل الحزب وشيطنته، تارة لحسابات تتصل بالصراع العربي – الإسرائيلي، وأخرى لحسابات تتعلق بحروب المحاور والمذاهب وصراع الأدوار، حيث إيران وحلفاؤها، هم العدو الأول، إن لم نقل (والأخير)، لكثيرين من العرب، في السلطة وخارجها.

لكننا نختلف مع الحزب تماماً حين يكتفي بإلقاء اللائمة على “الآخر” فيما آلت إليه أوضاعه، من دون أن يتوقف للحظة واحدة، أمام مسؤوليته ومسؤولية حلفائه من “محور المقاومة والممانعة”، عن التردي الذي أصاب مكانة الحزب في أوساط الرأي العام العربي، وأقله نصف الرأي العام اللبناني ... هنا وهنا بالذات، لن تنفع “حكاية المقاومة” ولا “نظرية المؤامرة” في استنقاذ صورة الحزب ووقف حالة التآكل والتردي في المكانة ... ومن يشاهد الكيفية التي يتعامل بها الجمهور الأوسع والأعرض من العرب، مع إعلام الحزب وخطابات قادته، يدرك أن هذه اللغة، ما عادت مفهومة ولا مقبولة عند كثيرين، وأنها فقدت قدرتها على الاقناع أو تغيير المواقف والمواقع.

المقاومة بحكم طبيعتها ورسالتها وأهدافها، هي فعل “وطني/ قومي”، و”إسلاميتها” في الأصل، هي بالذات موطن ضعفها، لأن تعريفها على هذا النحو، يعني إخراج بقية المكونات والقوى والعناصر، غير المسلمة، او غير الإسلامية، من رحاب المقاومة ولائحة “قواها المحركة”، فما بالك حين تُختزل “إسلامية المقاومة”، بمذهب بعينه، أو حتى بقراءة معينة لهذا المذهب، أو بمدرسة من مدارسه المختلفة؟ ... ويزداد الطين بلّة حين تطفو هذه “الهوية الثانوية” للمقاومة على هويتها الوطنية/ القوميةالأعرض، في زمن يقظة الهويات الفرعية، وانتعاش الانقسامات والاستقطابات المذهبية والطائفية في طول الإقليم وعرضه.

والمقاومة بحكم طبيعتها، هي فعل الجماهير المقهورة والمغلوبة على أمرها، وهي بحكم وظيفتها ودورها ورسالتها، منحازة بالضرورة، سياسياً وأخلاقياً، إلى جانب الشعوب المستضعفة والمقهورة والمغلوبة على أمرها ... وفي ظني أن “التأييد غير المشروط” الذي منحه الحزب للنظام السوري، مهما كانت دوافعه ومبرراته، سيسجل في تاريخه، بوصفه واحدة من “الخطايا الكبرى”، المسؤولة عن المآلات الراهنة التي بلغها الحزب ... سيما وأن الحزب يدرك، في داخله على الأقل، أن الأزمة السورية، ما كان لها أن تتطور على النحو الذي آلت إليه، لو أن النظام في دمشق، تعامل مع إرهاصاتها وبداياتها الأولى، بغير سياسة “القبضة الأمنية الحديدة”، ولو أنه أصغى لنصائح أصدقائه الكثر آنذاك، بضرورة العمل على تقديم التنازلات لشعبه، بدل أن يضطر لتقديمها للقاصي والداني.

علاقة الحزب بإيران، لم تكن خافية على أحد منذ تأسيسه، ولطالما جاهر الحزب بها في مختلف المناسبات، لكن الحزب حرص في سنوات ما قبل الأزمة السورية، على إبراز “المكونات/ الهويات” الأخرى، التي تشكل مجتمعة هويته وتقرر مكانته وترسم دوره، منها الدائرة الوطنية اللبنانية، والقومية العربية، والإسلامية / الإنسانية الأوسع والأعرض ... حالة الاستقطاب التي انتهت إليها المنطقة في السنوات الخمس الأخيرة، دفعت الحزب عن وعي أو من دونه، كفعل أو ردة فعل، لا فرق، إلى تظهير المكون المذهبي/ الإيراني، وتقزيم بقية “المكونات” التي تشكل هوية الحزب وتقرر موقعه وموقفه، فانبرى مقاتلاً على كل جبهات الحروب المذهبية، وأصبح نوري المالكي محمد عبد السلام الحوثي والشيخ قاسم أحمد عيسي أركان رئيسة في “محور المقاومة والممانعة” من دون أن ندري نحن، بل ومن دون أن يدري هؤلاء أنفسهم أو يستفتوا بهذا الشأن ... شيئاً فشيئاً، يكاد محور المقاومة والممانعة، أن يقتصر على مكون مذهبي واحد، ومن هم من خارجه ليسوا في واقع الحال، سوى أجرام تدور في هذا الفلك، لغاية في نفس يعقوب، ويكاد كل من ينتمي لهذا المذهب، أو لمدرسة “ولاية الفقيه” فيه على وجه الحصر والتحديد، أن يصبح عضواً فاعلاً في هذا المحور، حتى من دون تقديم استمارة أو الخضوع لفترة ترشيح أو تدريب.

والحقيقة أن الحزب يجد نفسه في موقع حرج للغاية، لا يحسد عليه ... فإن هو سعى في النأي بنفسه عن حلفائه الأقربين، قامر بخسارة شريان الحياة ونسغها ... وإن هو تماهى معهم، تحمل أوزار كل ما فعلوه ويفعلونه بحق شعوبهم وفي المنطقة، واستحق عداوة كل خصومهم في الداخل والخارج.

وكلما توغل الحزب أكثر في حروب هذا المحور، متعددة الجبهات والساحات، بعيداً عن جبهة الصراع العربي الإسرائيلي، كلما وجد نفسه متورطاً في ثنايا الخطاب المذهبي ومندرجاته... ففي الوقت الذي لن يجد فيه الحزب صعوبة في إقناع مناصيره ومقاتليه بالاستشهاد على محور النبطية أو الخيام، أو على حدود فلسطين المحتلة، فإنه سيجد صعوبة في إقناعهم بالموت على تخوم الكاستيلو أو في صفوف الحشد الشعبي وجماعة الحوثيين، من دون اللجوء إلى القاموس المذهبي، بمفرداته وشعاراته وطقوسه وذاكرته الكارثية المعروفة.

في الذكرى العاشرة لحرب تموز، يتعين على الحزب أن يذهب إلى ما هو أبعد من المهرجانات والاحتفالات والخطابات ... فالوقت من دم، ومكانة الحزب لا تقاس بعدد ما يمتلكه من صواريخ موجهة صوب إسرائيل، بقدر ما تقاس بأعداد المؤيدين والداعمين له في لبنان وعلى امتداد المنطقة ... والمراجعة العاقلة والمسؤولة والجريئة، البعيدة عن أضواء الإعلام وكاميراته، باتت اليوم، مسألة حياة أو موت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد 10 سنوات على حرب تموز أين أصبح حزب الله بعد 10 سنوات على حرب تموز أين أصبح حزب الله



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya