سقوط «الوصفات الجاهزة»

سقوط «الوصفات الجاهزة»

المغرب اليوم -

سقوط «الوصفات الجاهزة»

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

ليس ثمة من «وصفة جاهزة» يكفي الأخذ بها، حتى تضمن ثورات الموجة الثانية من «الربيع العربي» انتقالاً آمناً، لا رجعة فيه، نحو الحرية والتنمية والديمقراطية ... بلدان هذه الموجة الأربعة (الجزائر، السودان، لبنان والعراق)، لديها ظروف مختلفة وأنظمة حكم مختلفة، ومستويات مختلفة كذلك من «الوعي والتنظيم» يميز حراكاتها الشبابية والشعبية.

قانون الانتخاب وموعد إجراء أول انتخابات بعد الثورة، كان موضع خلاف وتباين ... في السودان، رفض الثوار إجراء انتخابات مبكرة، باعتبار أن أحزاب السلطة وحدها هي الأكثر تأهيلا لقطف ثمارها، وأن قوى الثورة والمعارضة، بحاجة لثلاث أو أربع سنوات من أجل بناء قدراتها وتنظيم صفوفها ... هذه المقاربة، ليست شائعة بين ثوار لبنان والعراق الذين يستعجلون الانتخابات ويستبكرونها... في الجزائر يستسمك الجيش بالمرجعية الدستورية، ويرفض فكرة «الانتقال» من أساسها، فيما المحتجون يريدون مرحلة انتقالية، وحكومة إنقاذ من خارج السلطة البائدة، وانتخابات تجري في ظروف مناسبة لضمان الانتقال.

في لبنان ليس ثمة اتفاق على شكل ومضمون قانون الانتخابات بين صفوف المنتفضين ... على أن ثمة إجماعا نادرا بينهم (حتى الآن على الأقل) على إلغاء القيد الطائفي ورفض نظام المحاصصة الطائفية ... في العراق، يصر المتظاهرون على قانون انتخاب قائم على «الدائرة الفردية» ويرفضون القوائم الحزبية، السلطة قابلتهم في منتصف الطريق، وهي بصدد إقرار قانون مختلط، قوائم ودوائر فردية والجدل لم ينته بعد، في الجزائر والسودان، يبدو أن النقاش حول هذا الأمر، لم يبدأ على نحو جدي بعد.

في السودان، جرى التفاهم حول «خريطة طريق لمرحلة الانتقال» بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري ... حكومة التكنوقراط المدعومة بشبكة أمان من الطرفين، تبلي بلاءً حسنا بالمعنى النسبي على الأقل، وتسعى في إنجاز أهم ملفين على جدول أعمالها: السلم الأهلي ومعالجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة ... عبد الله حمدوك، ورث تركة ثقيلة من نظام البشير، البلاد على قائمة الإرهاب، وعلى شفا حفرة من الإفلاس، والحروب الأهلية المتنقلة تكاد تجهز على وحدتها الوطنية ونسيجها الاجتماعي.

أحزاب السلطة في لبنان والعراق، تقاوم الذهاب إلى حكومة تكنوقراط من المستقلين، ولديها من الميليشيات والسلاح، ما يكفي لفرض خياراتها، أو أقله منع الأخرين من فرض خيارتهم عليها ... مع أن فرص نجاح حكومة مستقلة من التكنوقراط في البلدين، تبدو أعلى وأفضل بكثير من مثيلتها في السودان، العراق عائم على بحر من النفط، ولبنان عائم على شبكة أمان إقليمية ودولية ... أما الجزائر، فقد صارت الحرب الانتقائية على بعض رموز الفساد من الحقبة السابقة، بديلاً عن الانتقال الفعلي والجذري إلى «الجمهورية الثانية».

يعني ذلك في الحالة الأردنية، جملة من الدروس والخلاصات: من بينها أن ليس ثمة من صيغة مثلى لضمان صحة التمثيل وسلامته في الانتخابات العامة، وعلينا أن نتوخى وجهة وتوجه أغلبية المواطنين بسبب تعذر الإجماع ... ويعني أيضاً، كما في التجارب الأربع، أن ثمة ظاهرة جديدة بدأت تفرض كلاعب مهم على صناع القرار في الدولة والمجتمع: الحراك ... الأحزاب تضيق بالمواطنين وتعجز عن التعبير عن إرادتهم، والحركة والتغيير تأتي من خارج السلطة السياسية ومن خارج الأحزاب كما يبدو ... أليس هذا هو درس التجارب الأربع، وكثير غيرها، في العالمين الأول والثالث، وليس عندنا وحدنا فقط.

التفكير بخريطة طريق للإصلاح السياسي في بلادنا، بحاجة دوماً لتفكير مرن، من خارج الصندوق، شريطة أن يكون سلمياً ومتدرجاً وتوافقياً ما أمكن، حتى نتمكن من تفادي الأكلاف العالية لهذه العملية، مثلما نشهد في جوارنا القريب والبعيد.

 

قد يهمك ايضا
إيران و»الربيع العربي».. من قبل ومن بعد
لبنان .. «طبعة خاصة» من «الربيع العربي»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقوط «الوصفات الجاهزة» سقوط «الوصفات الجاهزة»



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya