واشنطن وطهران وقواعد الاشتباك الجديدة

واشنطن وطهران و"قواعد الاشتباك" الجديدة

المغرب اليوم -

واشنطن وطهران وقواعد الاشتباك الجديدة

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

ثمة ما يشي أن إدارة الرئيس ترامب، قررت "تغيير قواعد اللعبة" مع إيران. دبلوماسية "الضغط الأقصى" القائمة على سلاح الخنق الاقتصادي، لا يبدو أنها أعطت أُكلها. "سياسة الصبر الإستراتيجي" المعتمدة منذ زمن أوباما، لم تحل دون مواصلة إيران لعمليات "التعرض الخشن" لمصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة. فهل جاء دور "الهراوة العسكرية"، علّها تنجح في تحقيق ما أخفقت الإستراتيجيات السابقة في تحقيقه؟

المؤشرات حتى الآن، تقول: إن ثمة توجهاً أميركياً لتغيير "قواعد الاشتباك". استهداف قاسم سليماني وقادة "الحشد الشعبي" محمّل بالدلالة الطافحة بالنوايا الأميركية الجديدة، لكن رغم ذلك يجب توخي الحذر عند التكهن بوجهة السياسة الأميركية الجديدة، سيما بعد أن تتالت الأنباء عن محاولات أميركية لاحتواء موجة الغضب الإيراني، وتغريدات الرئيس ترامب نفسه، النافية لوجود أي نيّة لتغيير النظام الإيراني، وقوله: إن إيران لم تكسب حرباً ولم تخسر مفاوضات.

ثم، إن هذه الحركة النشطة على القنوات الدبلوماسية الوسيطة بسويسرا والصين وغيرها، تشي بأنها تصدر عن "محرك واحد"، وأنها تتكثف وتتفاعل بطلب أميركي مباشر، يسعى لمنع الانزلاق إلى مواجهات أوسع أو حرب شاملة، لا أحد في واشنطن ولا في طهران يريدها.

نحن لا نعرف شيئاً حتى الآن، عن مضامين الرسائل الأميركية التي يحملها الوسطاء، إذ لا يكفي أن تقول واشنطن "عفا الله عمّا مضى"، بعد أن وجهت ضربة موجعة لإيران. لا يكفي أن تقتصر الرسائل على "عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل واقعة الاغتيال المزدوج لسليماني والمهندس"، ولا حتى "عرض الاستعداد لامتصاص ضربة إيرانية محدودة" نظير ما حصل في مطار بغداد، ومن باب "حفظ ماء وجه الإيرانيين"، كما تقول المصادر.

إن لم تأت واشنطن بمبادرة سياسية كبيرة من النوع الذي يقنع الإيرانيين بأن دماء "رمزهم الجهادي الأبرز" لن تذهب هدراً، فلن تكون هناك استجابة إيرانية لهذه "العروض"، سيما بعد أن انهار "آخر مدماك" في جدار الثقة بين طهران وواشنطن. ما لم تقبله إيران قبل اغتيال سليماني، لن تقبل به بعده.

ما الذي يمكن أن يقنع طهران بـ"ضبط النفس" والامتناع عن توجيه ردود أفعال مُزلزلة كما توعدت؟ ثمة خيارات عديدة يمكن أن تخطر بالبال. أحدها، أن تستجيب واشنطن لقرار محتمل عن الحكومة والبرلمان العراقيين بالانسحاب من العراق، وهنا، تكون إيران قد أنجزت معادلة "العراق مقابل سليماني"، أو أن تبدي واشنطن ليونة كبيرة في موضوع العقوبات المفروضة على طهران، أو أن تعود للتفاوض مع إيران في إطار مجموعة "5+1"، للوصول إلى نسخة شبيهة بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه. لا ندري ما الذي يمكن أن يرضي إيران ويهدئ من روعها ولكن ربما كانت مبادرات من هذا النوع كفيلة بامتصاص الغضب وخفض حدة التوتر وسحب فتيل الأزمة المتفجرة.

هل ستفعلها واشنطن؟ إن حصل ذلك، فإنها ستكون قد سجلت هزيمة نكراء لإدارة ترامب في سنة الانتخابات، وإن لم تفعل، فإنها ستكون قد غامرت بالتورط في أزمة متدحرجة قد تقضي على فرص ترامب في السباق الانتخابي. هي معضلة بلا شك، ويزيدها تعقيداً أن إيران على رأس ما يسمى "محور المقاومة"، ستسجل خسارة إستراتيجية ماحقة، إن هي سمحت لواشنطن بتغيير قواعد الاشتباك من جانب واحد، فهل ستبتلع إيران هذه "الهزيمة" أم ستعمل على ترميم صورتها الردعية وإعادة بناء قواعد اللعبة من جديد؟

 

قد يهمك ايضا
«مجاهدون جوّالون» و«بنادق للإيجار»
2020 فلسطينيًا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وطهران وقواعد الاشتباك الجديدة واشنطن وطهران وقواعد الاشتباك الجديدة



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya