الأسد وخصومه ومفارقات الرحيل والترحيل

الأسد وخصومه ومفارقات الرحيل والترحيل

المغرب اليوم -

الأسد وخصومه ومفارقات الرحيل والترحيل

بقلم : عريب الرنتاوي

تعود بي الذاكرة إلى أواسط العام 2012، حين انخرطت في حوار مع عدد من المعارضين السوريين على هامش أحد المنتديات ... يومها عرضت عليهم أن تتقدم المعارضة بمشروع للانتقال السياسي في سوريا، يقضي ببقاء الأسد في السلطة حتى نهاية ولايته الثانية (2014)، على أن تجري خلال هذين العامين، حوارات موسعة بين السوريين للتفاهم حول دستور جديد للبلاد، برعاية دولية، تصاحبها إجراءات لبناء الثقة وحلول لملفات إنسانية كالمعتقلين والمخطوفين، ولم تكن الملفات الإنسانية الأكثر مأساوية قد تفجرت بعد.

هبَّ فيّ القوم، هبّة رجل واحد: تريدنا أن ننتظر لعامين إضافيين تحت “الحكم الأسدي”؟، وسط صيحات استنكار واستغراب، كادت تنتهي إلى إدانتي بالعمالة للنظام، وبأنني أحد “شبيحته” لولا معرفتي الشخصية بالأصدقاء، ومعرفتهم بي، الممتدة لسنوات سابقة لاندلاع الأزمة السورية.

انتهى العامان، ونظم الأسد انتخابات لولاية ثالثة، وفاز فيها بنسبة 89 في المائة من الأصوات (؟!)، وقضى ما يقرب من نصف ولايته الجديدة في الحكم، وكافة المشاريع المتطايرة اليوم لحل الأزمة السورية سياسياً، تلحظ بقاء الأسد في السلطة حتى نهاية ولايته الحالية في العام 2021 ... أي أنه سيتعين على أصدقائي، أن يعيشوا ويتعايشوا مع “الحكم الأسد” لتسع سنوات، وليس لعامين فقط ... أليست هذه هي الحقيقة؟
على أي حال، ليس هذا موضوعنا.

على امتداد سنيّ الأزمة السورية التي ستكمل في الخامس عشر من آذار/ مارس القادم عامها السادس، وتدخل السنة العجفاء السابعة، لم يبق سوى القليل من القادة والزعماء، من خصوم الأسد، ودعاة رحيله وترحيله، في موقعه، وهؤلاء مرشحون بدورهم لمغادرة مواقعهم في القريب العاجل، والمؤكد أنهم سيرحلون قبل رحيل الأسد، كما يقول “التحليل السياسي” و”نبوءات العرافيين والفلكيين”.

أهم الراحلين عن مواقعهم، الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والمفارقة أن خلفه يأتي إلى البيت الأبيض، بمشروع تعاون مع أهم حليف للأسد: موسكو، وبنوايا لا تستبعد التعاون مع النظام في دمشق ... طويت صفحة الوزيرة كلينتون والوزراء والسفراء والجنرالات الذين طالما تهددوا وتوعدوا ... غادروا جميعاً وبقي الأسد.

 “الحَمَدَان”، ابن خليفة وابن جاسم، يطويان صفحة ولايتهما في حكم إمارة قطر، حمد الثاني (بن جاسم) على وجه الخصوص، كان ملأ الأرض والفضاء تحركات وتصريحات ومواقف، وقاد بنفسه المنظومة العربية ضد نظام الأسد، أغدق المال وأرسل السلاح، وعمل على حشد جبهة دولية ضد النظام ... “الحمدان” يراقبان المشهد السوري من “تقاعدهما المريح”، فيما الأسد ما زال يحتسي قهوته الصباحية على شرفة تطل على قاسيون.

الرئيس المصري المعزول، الدكتور محمد مرسي، الذي أعلن “الجهاد المقدس” على الأسد ونظامه، من قلب القاهرة، وبحضور حشد هائل من قادة الإخوان والسلفية الجهادية، لم يمكث طويلاً في الحكم ... هو الان في السجن، والأسد في قصر الشعب، وخليفته المشير السيسي، تحيط بها “الاتهامات” المتعلقة بدعم النظام في دمشق، ومدّه بالخبراء والمستشارين.

ديفيد كاميرون، زعيم المحافظين البريطانيين، الذي تولى الحكم عشية اندلاع ثورات الربيع العربي، واتخذ ووزير خارجيته فيليب هاموند مواقف شديدة العداء لـ “الحكم الأسدي”، رحلا عن موقعيهما، لتأتي تيريزا ماي إلى 10 داوننيغستريبت ومعها بوريس جونسون، لينشغلا بملف “البريكسيت”، بانتظار ما سيصدر عن إدارة ترامب من إشارات حول وجهة السياسة الأمريكية الجديدة حيال سوريا، فيما الأسد ومن خلفه وليد المعلم، ما زالا يمارسان أعمالهما المعتادة في دمشق.

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وصحبه سيمكثون في قصر الإليزيه حتى أيار/ مايو القادم، “مائة يوم وازدادوا تسعة”، وسيغادر معه الوزير أريك جان مارك إيرولت، الذي حل محل لوران فابيوس، وجميعهم، تولوا طوال سنوات الأزمة، لعب أكثر الأدوار تشدداً ضد الأسد ونظامه ... كافة المعلومات المتواترة من باريس، تؤكد أن معظم مرشحي الرئاسة الأكثر حظاً بالفوز، يريدون “التعاون” مع الأسد في الحرب على الإرهاب، أو على الأقل، يريدونه شريكاً في المفاوضات القادمة الهادفة الوصول إلى حلٍ سياسي للازمة السورية.

من زعماء المنطقة الذين أظهروا عداءً شديداً للأسد، وتولوا “التبشير” و”التحضير” لرحيله المؤكد والوشيك، لم يبق سوى رجب طيب أردوغان ... الرجل باق في السلطة لعشرية قادمة من السنين، ستكون كافية بلا شك، لإحداث الكثير من الاستدارات، ما لم تصدق “نبوءة” العراف البريطاني باتريك مور بخصوص مصير أردوغان شخصياً، أو تكهنات نوسترداموس الكاهن اليوناني قبل أكثر من خمسمائة عام بخصوص مستقبل تركيا، حفظ الله تركيا وأطال في عمر رئيسها.

المصدر: الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسد وخصومه ومفارقات الرحيل والترحيل الأسد وخصومه ومفارقات الرحيل والترحيل



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya