الأردن حين يتسع الخرق على الراتق

الأردن: حين يتسع الخرق على الراتق

المغرب اليوم -

الأردن حين يتسع الخرق على الراتق

بقلم : عريب الرنتاوي

للمعلمين مطالب محقة، لا يكاد يختلف اثنان على هذا الأمر ... نختلف حول جدوى الإضراب من عدمها، ويقلق جُلنا على مصير الأبناء إن استمر الاضراب ... لا أحد يريد للعام الدراسي أن يُضرب، وإن كان التعبير عن الهلع على العام الدراسي، سابق لأوانه بكثير.
لكن لقطاعات أخرى من العاملين في ميادين الوظيفة العامة حقوقاً محقة كذلك ... وللعاملين في القطاع الخاص الحق في زيادة الحد الأدنى للأجور، والذي لا يوفر للناس خبزهم كفاف يومهم ... الأردن من أغلى الدول في العالم، ورواتب العاملين فيه، من أدناه في العالم كذلك ... الفقر لم يعد يرتبط بالبطالة، فالكادحون وصغار الكسبة، استقروا منذ زمن في أسفل قائمة الفقراء في هذه البلاد.
ثوب اقتصادنا الوطني اتسعت خروقه، وبات صعباً على الراتق أياً كان، أن يخيطه ويرقعه ... فما بالك وحكوماتنا المتعاقبة، أوكلت مهمة رتق الثوب لرهط من «الخبراء» الذين وأن تلقوا علومهم في أرقى جامعات العالم، إلا أن بعضهم سقطوا في أول اختبار لقياس «حساسيتهم الاجتماعية» لبرامجهم ومقترحاتها الإصلاحية في الحقلين المالي والاقتصادي.
قد تنتهي الحكومة إلى اتفاق مع المعلمين، وينفض الاضراب وتعود المدارس إلى يومياتها وطوابيرها الصباحية .... لكن من أين ستأتي الحكومة بالمال، سيما بعد أن ذهبت حتى نهاية الشوط في فرض الضرائب والمكوس، حتى باتت عائداتها منها تتناقص، فقبل «منحى لوفر» الشهير بكثير، قالت العرب: لكل شيء إذا ما زاد نقصان، وسنكون على موعد مع عجز جديد متصاعد، ومديونية جديدة لا تعرف التوقف عند أي منحنى أو ذروة.
ليست لدى هذه الحكومة ولا من سبقتها أو ستلحق بها «عصا سحرية» تضرب بها البحر فتتدفق أنهار اللبن والعسل ... و»الترقيع» أو «الرتق» لم يعد سياسة صالحة أبداً سيما بعد أن اتسع الخرق واستعصى على الراتق ... وحكاية «خطط الطوارئ» التي تُستنفر حكومات لوضعها للخروج من عنق الزجاجة أو تجاوز الاستعصاء، ليست سوى مضيعة للوقت ... لا بد من وقفة مصارحة ومصالحة مع الرأي العام ... لا بد من إشراك الرأي العام في تحمل المسؤوليات الجسام التي تنهض أمامنا، بدءاً باقتصاد الوطن ولقمة عيش المواطن.
والرأي العام لن يكون شريكاً في حمل المسؤولية وتحمّل الأعباء، ما لم يُشرك على نحو جدي في عملية صنع القرار ... ما لم توضع الحقائق، كافة الحقائق، عن حال اقتصادنا ومالنا وأعمالنا بين يديه ... المواطن لا يدعى إلى «حفلة زفاف معدة سلفاً»، يجب أن يكون له رأي مسموع وعبر قنوات وأطر ملزمة ... يجب أن يخرج على الناس من يعرض عليهم واقع حالنا، وأن يدعوهم إلى انتخابات عامة، تضمن كفاءة ونزاهة تمثيلهم، وأن يخرج من بينهم من يدير دفة السفينة ... الأردن، بحاجة لمرحلة انتقال تراوح ما بين ستة أشهر وسنة، نتوافق فيها على خطة وطنية للإنقاذ، وتديرها حكومة ذات «أكتاف عريضة»، فتنتهي إلى برلمان ذي أكتاف أعرض ... حكومة لن تتردد في اعتماد سياسات تقشفية صارمة، وتطارد الفساد كما طاردت الصين كونفوشيوس زمن الثورة الثقافية ... حكومة تستند إلى قاعدة شعبية، ولا يتلعثم أحدٌ في نطق أسماء وزرائها ... حكومة بأعلى درجات الحساسية الاجتماعية لكل قرار أو إجراء تتخذه ... حكومة تؤمن أن أسوأ أنوع إدارة الأزمات، هو تحويل «الحبة إلى قبة» ... حكومة تستعيد ولايتها العامة، ولا يكون وزراؤها  وسطاء ومراسلين، ينقلون شكاوى الناس وتظلماتهم، ليعودوا إليهم بالخبر اليقين، وإن بعد، هذا إن عادوا إليهم أصلاً ... حكومة تشرع في استعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة وسيادة القانون ... حكومة إن قالت للأردنيين اصبروا وصابروا، وجدت أوسع الاستجابة ومن على قاعدة «ليس بالإمكان أبدع مما كان» ... لقد اتسع الخرق على الراتق، ولم يعد أمامنا سوى تجريب الخيار الوحيد الذي لم نجربه حتى الآن، فهل نحن فاعلون؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن حين يتسع الخرق على الراتق الأردن حين يتسع الخرق على الراتق



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور

GMT 02:13 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

الصين تكشف عن دورات مياه جديدة ذات تقنية عالية

GMT 09:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

"المرسيدس" من أغرب الفنادق في ألمانيا

GMT 04:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

وائل جسار يستقبل العام الجديد بأغنية "سنين الذكريات"

GMT 17:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

إيران تواجه الجزائر استعدادًا لمباراة المغرب

GMT 05:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

بغداد صباح الجمعة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya