أنقرة وواشنطن اتفاق على تأجيل «الانفجار»

أنقرة وواشنطن: اتفاق على تأجيل «الانفجار»

المغرب اليوم -

أنقرة وواشنطن اتفاق على تأجيل «الانفجار»

بقلم : عريب الرنتاوي


الاحتفالية التركية باتفاق «المنطقة الآمنة» مع الولايات المتحدة، جاء مبكراً، وسابقاً لأوانه، إذ تبين أن نقاط الخلاف الرئيسة بين الجانبين لم تحسم بعد، فلا اتفاق حول «عمق» المنطقة الآمنة وطولها قد جرى التوصل إليه، ولم يتوافق الطرفان حول «هوية» القوى التي ستتولى أمن هذه المنطقة، كما أن البحث ما زال جارياً في مصير السلاح والمسلحين، بالذات من وحدات الحماية وقوات سوريا الديمقراطية ... كل ما جرى التوافق بشأنه – على ما يبدو – هو خلق آليات للتفاوض، ونقل الملفات الخلافية ذاتها، إلى مركز عمليات أمني، سيتخذ من أنقرة مقراً له، لكأننا أمام اتفاق لتنظيم الخلاف أو تأجيل البت بقضاياه الأكثر تعقيداً...
 الأمر لا يستحق الاحتفال، إن كان هذا هو الحال.
لكن الاتفاق المجزوء والإجرائي على ما يبدو، كان مهماً للجانبين، ومطلوباً بذاته ولذاته ... فقد تعقدت المفاوضات بعد أن طالت واستطالت، ومدد الوفد الأمريكي إقامته لأربع وعشرين ساعة إضافية في أنقرة ... وانتقلت من الغرف المغلقة إلى الساحات والميادين والمؤتمرات الصحفية ... أردوغان يتوعد باجتياح الحدود باتفاق أو من دونه، ووزير دفاعه خلوصي أكار يؤكد أن جيشه وحده المؤهل لإنجاز هذه المهمة، فيرد عليه وزير الدفاع الأمريكي الجديد مارك إسبر، بتهديد غير مسبوق: سنمنع تركيا من تنفيذ عملية أحادية الجانب في الشمال الشرقي لسوريا.
الاتفاق كان مهماً، بل وضرورياً، لتمكين الطرفين من الهبوط الآمن عن قمم الأشجار التي صعدا إليها مؤخراً، والابتعاد خطوة واحدة على الأقل، عن حافة الهاوية التي كادا أن ينزلقا إلى قعرها ... لكن مشوار أنقرة وواشنطن للوصول إلى اتفاق بشأن هذه المسائل، يبدو شائكاً، بل وطويلاً جداً، ما لم يقرر أحد الطرفين تقديم تنازل «دراماتيكي» هائل للآخر، كأن تتخلى أنقرة عن مطلبها بتفكيك وحدات الحماية والقضاء على الكيانية الكردية الناشئة، أو أن تقرر واشنطن التخلي مرة وإلى الأبد، عن حليفها الكردي الموثوق، ورأس حربتها في مشروع ابتزاز دمشق وموسكو وطهران، وربما تقسيم سوريا.
الأكراد الذين وقفوا على رؤوس أقدامهم لأيام طوال، واسترجعوا صفحات مؤلمة عديدة من «الخذلان» الدولي والإقليمي لحركاتهم الوطنية، عادوا لتنفس الصعداء على وقع الأنباء المتلاحقة التي قللت من شأن ما جرى الاتفاق بشأنه ... موسكو ودمشق وطهران، العواصم «الحليفة» التي تفاءلت بنتائج القمة الثالثة عشرة لمسار أستانا، عادت لتحبس أنفاسها على وقع الانباء عن اتفاق تركي – أمريكي، تعلم العواصم الثلاثة، أن إتمامه سيعرض مشروعها في إدلب وجوارها لتحديات جمّة، سيما وأنه كان ليعطي أنقرة جرعة تشدد فائضة في مواجهة الضغوط الروسية عليها في هذا المحور.
الأوضاع شرقي الفرات عادت ليلفها الغموض وانعدام اليقين ... التسريبات من واشنطن لا تطمئن أنقرة، وإن كانت تنجح في تأجيل «انفجار» موجات الغضب التي تعتمل في صدور قادتها ...  تركيا ستواصل لعبتها المفضلة منذ أيلول 2015، في الرقص على حبلي واشنطن وموسكو المشدودين ... إن تقدمت مفاوضات حول المنطقة الآمنة مع واشنطن، تشددت في إدلب، وإن تعثرت هنا، تراخت هناك ... وهي إذ تحاور وتناور مع مختلف الأطراف، فإنها تنطلق من إدراك عميق لمكانتها لدى الأطراف جميعها، فواشنطن ليست بوارد دفع أنقرة إلى حضن موسكو، والأخيرة سجلت «اختراقات» في علاقاتها مع تركيا واستدراجها أكثر نحوها، أما إيران القابعة تحت نير حصار جائر وعقوبات غير مسبوقة، فليست في وارد المقامرة بعلاقاتها مع أنقرة التي يمكن أن تكون رئةً تتنفس منها.
لا يهم إن أصدرت دمشق بياناً نارياً ضد الاتفاق الأمريكي – التركي، بوصفه خرقاً لسيادتها وتجاوزاً على القانون الدولي وعدواناً سافراً عليها ... فدمشق من دون موسكو وطهران، لن تقوى على فعل الكثير، والأخيرتان وإن كانتا بغير وارد التخلي عن الأسد، إلا أن لنظرتهما للشمال السوري حسابات مختلفة عن دمشق، فهي تبقى «تفصيلاً» صغيراً إذا ما قورنت بحجم المصالح الأكبر مع تركيا، والأمر بالنسبة لهما ليس مسألة حياة أو موت، نصر أو هزيمة، بقدر ما هو معركة تكتيكية، يجب أن ينظر لها من المنظور الاستراتيجي الأكبر الذي يلزمهما بإبقاء حبال الود ممدودة مع «الباب العالي» في أنقرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنقرة وواشنطن اتفاق على تأجيل «الانفجار» أنقرة وواشنطن اتفاق على تأجيل «الانفجار»



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya