«أقــل مـــن حـــرب أكبــر مــن مواجهـــة»

«أقــل مـــن حـــرب... أكبــر مــن مواجهـــة»

المغرب اليوم -

«أقــل مـــن حـــرب أكبــر مــن مواجهـــة»

بقلم :عريب الرنتاوي

هكذا لخص الجيش الإسرائيلي المشهد في أعقاب الغارة الإسرائيلية الكثيفة على أهداف سورية وإيرانية في سوريا، ونجاح الدفاعات الجوية السورية، للمرة الأولى طيلة سنوات الأزمة السورية السبع، في إسقاط طائرة حربية إسرائيلية من طراز إف 16.

وأحسب أنه توصيف دقيق، فانتقال الأزمة السورية من “حروب الوكالة” إلى “الحرب المباشرة” بين الدول المتورطة في الأزمة، يبدو ضرباً من “الرقص عند حافة الهاوية” ... لا أحد يريد حرباً، بيد أن أحداً ليس بمقدوره الجزم، بأن هذه الاحتكاكات والمواجهات، ستبقى مضبوطة ومسيطراً عليها، وكم من حرب اندلعت من غير رغبة المتحاربين، لسبب بسيط، هو أنك تستطيع أن تشعل فتيل اللغم، بيد أنك لن تستطيع دائماً، التحكم بحجم الانفجار وتداعياته أو المدى الذي ستبلغه شظاياه المتطايرة.

وهي ليس مجرد “مواجهة أخرى” كتلك التي اعتدنا عليها من بين إسرائيل من جهة وسوريا وحلفائها من جهة ثانية... إسرائيل نفذت أكثر من مائة ضربة جوية وصاروخية على امتداد سنوات الأزمة، استهدفت في الغالب، مواقع سورية وأخرى تابعة لحزب الله ... هي المرة الأولى التي تضرب فيها إسرائيل أهدافاً إيرانية في محيط دمشق، و”تتبجح” بذلك، وتبرر ضربتها بأن وحدات إيرانية، هي من أطلق “الطائرة من دون طيار” التي حلقت فوق سماء الجولان، قبل أن تسقطها الدفاعات الإسرائيلية ... إيران وسوريا وحلفاؤهما نفوا الرواية الإسرائيلية جملة وتفصيلاً، وقالوا إن الطائرة لم تدخل المجال الجوي الإسرائيلي، وإنها كانت بمهمة روتينية، لجمع المعلومات عن داعش والجماعات المسلحة، في جنوب سوريا وباديتها الشرقية.

وهي ليست “مواجهة عادية”، فهذه المرة تسقط الدفاعات السورية طائرة حربية إسرائيلية وتعترف إسرائيل بذلك، ويشهد على هذه العملية مواطنون من أربعة دول متجاورة، حيث سقطت شظايا الصواريخ في شمال الأردن وجنوب لبنان، وشظايا الطائرة تناثرت في الجليل الفلسطيني، والسوريون تابعوا المعركة الجوية من مواقعهم المختلفة ... المضادات السورية سبق وأن أسقطت صواريخ أطلقت من طائرات إسرائيلية حلقت في الأجواء اللبنانية ... ودمشق طالما أعلنت أنها أصابت طائرات حربية معادية دون أن تعترف إسرائيل بسقوط أيٍ منها ... هي المرة الأولى التي تُسقط فيها سوريا طائرة حربية إسرائيلية خلال هذه الأزمة، وتعترف إسرائيل بذلك.

لا سوريا ولا إيران وحزب الله، وبالأخص روسيا، يريدون حرباً شاملة مع إسرائيل، او صداماً لا تحمد عقباه مع الولايات المتحدة، كما أن إسرائيل لا تريد بدورها حرباً شاملة على الجبهة الشمالية، خصوصاً المؤسستين: العسكرية والأمنية ... لكن يبدو أن صبر طهران ودمشق، قد نفد، سيما بعد التطاول الإسرائيلي المتمادي ... وإسرائيل بدورها لن تفرط بسهولة بـ “حقها المكتسب” في العربدة في الأجواء السورية، لفرض احترام خطوطها الحمراء الثلاثة: منع حصول حزب الله على أسلحة كاسرة للتوازن، تقليص الوجود الإيراني العسكري في سوريا، منع “الميليشيات” المحسوبة على إيران، وحزب الله بالدرجة الأولى، من التواجد على مقربة من الجولان السوري المحتلنجحت إسرائيل في “انتزاع” هذا “الحق” بقوة الأمر الواقع طوال سنوات سبع عجاف، من سوريا وإيران، ونجحت في الوصول إلى تفاهمات مع موسكو حول هذه العناوين ... اليوم، تبدو المعادلة مختلفة تماماً، فالصواريخ السورية التي أسقطت الطائرة الإسرائيلية، تبعث برسالة لتل أبيب، مفادها أن ما مضى، مضى وانتهى، وأن زمن “العربدة” قد ولّى، فهل تقبل إسرائيل الانصياع لقواعد جديدة للعبة، تسعى دمشق وطهران لفرضها بقوة الدفاعات الجوية؟لا أحسب أن إسرائيل سترفع الراية البيضاء، والمؤكد أنها ستعمل على مسارات عديدة متوازية في الأيام والأسابيع القادمة: أولها، مواصلة الضربات الجوية والصاروخية ضد أهداف سورية وإيرانية، أقله لإعادة الاعتبار لسلاح الجو الذي لا يقهر ...ثانيها، تكريس قواعد اللعبة القديمة، وجر موسكو للتدخل لفرضها على السوريين والإيرانيين ... ثالثها، تصعيد الموقف الميداني من خلال تقديم مزيد من جرعات الدعم للمعارضات السورية وجبهة النصرة في محافظتي درعا – القنيطرة، وربما إنهاء منطقة “خفض التصعيد الجنوبية”، ورابعها، تشجيع الولايات المتحدة وحثها، على توسيع نطاق تعرضها للقوات السورية والقوات الرديفة في جبهتي الشمال الشرقي والشرق السوريتين.إسقاط طائرة حربية واحدة، لا يكفي لردع إسرائيل ... صحيح أنها صفعة مادية ومعنوية لسلاح الجو والجيش والمستوى السياسي في إسرائيل... لكن ما لم يصبح سقوط الطائرات، أمراً متكرراً في الغارات الإسرائيلية، فإن إسرائيل ستعيد بناء “قوتها الردعية” ويصبح خبر إسقاط الطائرة وكأنه لم يكن.نلحظ مبالغة في الجانب السوري و”المقاوم” في تقدير القيمة الاستراتيجية لحادثة إسقاط الطائرة، لكن للتذكير فقط، فقد أسقطت المقاومة الفلسطينية في لبنان وغزة، ، لكن مشكلة هذه النجاحات التي حققها الطرف الأضعف تسليحاً في المعادلة، أنها لم تتكرر لتصبح محمّلة بالدلالات الردعية ... إن كان حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية من هذا النوع، فلا ردع ولا من يرتدعون، المهم أن تكون هذه الحادثة، فاتحة لكثيرٍ منها، وأن تنتقل مفاجأة إسقاط الطائرة الإسرائيلية، من سوريا إلى لبنان، عندها وعندها فقط، يمكن الحديث عن تحول نوعي في قواعد اللعبة، وتغيير جذري في قواعد الاشتباك، فيدخل الصراع العربي الإسرائيلي، مرحلة إستراتيجية جديدة.

المصدر : جريدة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أقــل مـــن حـــرب أكبــر مــن مواجهـــة» «أقــل مـــن حـــرب أكبــر مــن مواجهـــة»



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya