الطلقة الأخيرة في جعبة «الشرعية»

الطلقة الأخيرة في جعبة «الشرعية»

المغرب اليوم -

الطلقة الأخيرة في جعبة «الشرعية»

بقلم : عريب الرنتاوي

المبادرات الأممية والدولية حول اليمن، لم تعد تلحظ – منذ عدة أشهر – أي دور للرئيس اليمني “الشرعي” عبد ربه منصور هادي في مستقبل البلاد … بعضها يقترح عليه دوراً رمزياً انتقالياً … بعضها يطلب إليه تفويض صلاحياته لنائب رئيس توافقي وحكومة وفاق وطني موسعة … وجميعها، يُخرج نائبه الحالي، “الشرعي” أيضاً، علي محسن الأحمر، من التداول السياسي، وهو المعروف بدوره كجزء من المشكلة لا كجزء من الحل، ويعطي الحوثي وصالح أكثر مما حلموا به وتطلعوا إليه.

وهذه المبادرات، التي تكاثرت بعد اجتماع لندن للرباعية الدولية الخاصة باليمن أواسط أكتوبر الفائت، بحضور وزيري خارجية كل من السعودية والإمارات، الحليفتين الرئيستين في الحرب على اليمن، لم تعد تستند إلا شكلاً إلى مرجعية القرار الدولي 2216، وتتجاهل فعلياً لمطلب “الشرعية” وشرطها الأساس لأي حل سياسي، والمتمثل في انسحاب الحوثي / صالح من المدن وتسليم السلاح للسلطة “الشرعية”، ومن بعدها يأتي وقت الحديث عن تسوية سياسية إلى ما هنالك… .المبادرات ذاتها، أعطت الأولوية للسياسي على الأمني، بخلاف ما كان يريد هادي وداعموه العرب، بأولوية الأمني على السياسي.

من هذا المنطلق، يبدر الرئيس و”الشرعية” في موقع لا يحسدان عليه، فالمطلوب منهما على وجه التحديد هو تيسير عملية سياسية والانخراط فيها، مع إدراكهما المسبق والعميق، بأن رأسي الرئيس ونائبه، مطلوبان كشرط لإنجاح هذه العملية، منذ بدايتها أو في سياقها … وهذه وضعية غريبة عجيبة، تفسر إلى حد كبير، حالة “النرفزة” و”العصبية” التي طبعت مواقف هادي وحكومته في الآونة الأخيرة، وتعاملهما الفج مع مبادرة ولد الشيخ ابتداءً وجون كيري في المقام الأخير.

هو – هادي – يدرك بلا شك، أن تطورات الأزمة اليمنية السياسية قبل الميدانية، تخط الصفحة الأخيرة في سيرته السياسية … لكنه مع ذلك، يجاهد في سبيل إطالة أمد حكمه وحكومته ودوره … وهو يعرف أن حلفائه وداعميه، قد تخلوا عنه منذ أن توافقوا مع لندن وواشنطن على مبادرة ولد الشيخ، ومنذ أن وقعت السعودية، ، اتفاق مسقط مع الحوثيين… هو يدرك، أن حليفته الثانية، الإمارات، كانت أعلنت مبكراً عن انتهاء حربها في اليمن وعليه، وأن لها أجندة يمنية، لا تلتقي مع أجندة الرئيس و”الشرعية” … بيد أنه ما زال “يقاوح”، علّ التطورات في الميدان، تُحدث تغييراً في السياسية وأولوياتها وأجنداتها … لكن هامش الوقت المتبقي للرجل يضيق باطراد.

رفض استلام مبادرة ولد الشيخ، قبل أن ينصحه أحدهم بالإعلان عن “قبولها شكلاً ورفضها مضموناً” … رفض اتفاق مسقط ومبادرة جون كيري الأخيرة، وقال على لسان وزير خارجيته”إننا لا نعلم بها، وهي لا تعنينا” … لكن الرجل وجد نفسه متورطاً في التراجع عن أقواله، والعودة للقبول بوقف إطلاق النار، مع فاصل زمني لا يتعدى الساعات الثماني والأربعين عن الموعد الأول المقرر لصمت المدافع … رهان هادي أن المدافع لن تصمت، وأن وقف النار السابع، ليست لديه حظوظ أفضل من سابقاته الست.، نجح تكتيكياً بيد أنه لم يبدد مأزقه ولم يغير في مسار العملية السياسية قيد أنملة.

آخر طلقة في جعبة هادي، على ما أظن، هي قراره بالانتقال من الرياض إلى عدن، العاصمة المؤقتة لملكه غير السعيد …. هنا لا ندري إن كان الانتقال قراراً يمنياً اتخذه هادي وصحبه، أم أن الرجل قد طُلب إليه المغادرة لكيلا تُتهم الدولة الراعية والداعمة، بـ “نكث” تعهداتها والتراجع عن تواقيعها من جهة، ولكيلا تتحمل وزر قرارات حليفها، المتعاكسة مع نص وروح مبادرتي ولد الشيخ وكيري من جهة ثانية.

الأرجح، وهنا نفتح قوسين للحديث عن “سيناريو متخيّل”، أن الرجل وعد حلفاءه بأنه سيحدث خرقاً عسكرياً نوعياً على جبهة تعز، وأنه سيستغل الموقت المتبقي لكيري وأوباما في الخارجية والبيت الأبيض لتحقيق اختراق عسكري نوعي، بانتظار مجيء ترامب وإدارته بأجندتهما المعادية لإيران، وبما يعيد ترتيب سلم الأولويات ويحسن شروطه التفاوضية، ويعطي حلفاءه ما يحتاجونه من مكاسب ميدانية، تبرر قرار الحرب

لكن الأسئلة التي تتقافز في الأذهان، تضفي علامات استفهام كبرى حول جدية هذا الرهان وجدواه … فما الذي تبدل حتى تأتي جولة التصعيد الجديدة، بالذات في مناطق التماس الساخنة، وبالأخص حول تعز، بثمار ونتائج أخفقت جولات عديدة سابقة في توفيرها؟ … وكيف يمكن بعد 20 شهراً على الحرب، المضي في “تجريب المجرب”، بل وبناء خطط وسياسات على هذا الأساس؟ … ومن قال إن حظوظ هادي وحلفائه مع دونالد ترامب ستكون أفضل من حظوظهما مع أوباما – كيري؟
مرة أخرى، في ظني أن الرجل يلعب بآخر أوراقه على الإطلاق، فلم يعد لديه ما يخشاه أو يخشى عليه..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطلقة الأخيرة في جعبة «الشرعية» الطلقة الأخيرة في جعبة «الشرعية»



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya