حرب الناقلات و «الدرونات»

حرب الناقلات و «الدرونات»

المغرب اليوم -

حرب الناقلات و «الدرونات»

بقلم : عريب الرنتاوي

 رفعت إيران قفاز التحدي في وجه الولايات المتحدة وحلفائها ... أسقطت الطائرة الأمريكية من دون طيار، وضربت الناقلات في الفجيرة وعرض البحر، وألقت القبض على ناقلتين بريطانيتين أو ترفعان العلم البريطاني (أفرجت عن واحدة)، ونفت بشدة أن تكون أي من طائراتها المسيّرة قد أسقطت بالنيران الأمريكية، بل وسخرت من واشنطن بالقول إن الطائرة المقصودة أمريكية أسقطت بنيران أمريكية ... وقبل هذا وذاك،  ... إيران تعتمد تكتيك «التعرض الخشن» للولايات المتحدة وحلفائها في الخليج، وتدفع بالأمور إلى «حافة الهاوية»، وهي لعبة طالما أتقنتها طهران ولجأت إليها، بل ويمكن القول إنها «تكتيك تفاوضي» إيراني قديم – جديد، يستهدف تخفيف الضغوط وتعظيم المكاسب.
تستطيع الولايات المتحدة، كما فعل رئيسها معاودة تكرار الاتهامات لطهران بزعزعة أمن المنطقة واستقرارها ... وتستطيع بريطانيا أن تظهر بثوب «الضحية» التي تعرض لاعتداء غادر من دون سبب ... لكن لإيران أسباب عديدة لاعتماد تكتيك «التعرض الخشن»، فواشنطن لم تبق لها من خيار سوى الموت اختناقاً بالعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، وهذه بحد ذاتها تعتبر «إعلان حرب على إيران» ... وبريطانيا التي ابتعدت عن الاتحاد الأوروبي واقتربت من واشنطن، و»تطوعت» لاحتجاز الناقلة الإيرانية في جبل طارق، وهي البادئ في التحرش بإيران والاعتداء عليها، وهي لا تستطيع اتباع خطى ترامب وإدارته من جهة، وتفادي التبعات والعواقب في الوقت ذاته، من جهة ثانية.
أبعد من ذلك، فإن مسعى واشنطن المدعوم بريطانياً لـ «تدويل» أمن الملاحقة في الخليج والمضيق، وبهدف تجريد إيران من واحدة من أهم أوراقها، قبل التوصل لاتفاق معها، ومن دون التوصل لهذا الاتفاق، تنظر إليه طهران بوصفه حلقة متقدمة في مسلسل العدوان عليها ... لندن لم تكتف بالإعلان عن رغبتها في المشاركة في هذه «القوة الدولية»، بل أرسلت أربع سفن حربية إلى المنطقة، وهي سبق لها أن أعلنت بأنها لن تتخلف عن حرب أمريكية محتملة ضد إيران ... هنا يحق لنا السؤال: من الذي بدأ بالعدوان على الآخر؟
بين الدخول في حرب لا تبقي ولا تذر، يكتوي بنيرانها خصوم إيران وأصدقاؤها والإيرانيون أنفسهم في المقام الأول، وبين الموت جوعاً واختناقاً بالحصار والعقوبات، ستفضل طهران «خيار شمشون» ... طهران لا تريد الحرب، وهي تخشاها، بيد أنها لن تقبل بخيار الموت البطيء الذي يضع مستقبل ثمانين مليون إيراني تحت رحمة الحسابات الأمريكية، المصممة أساساً بهدي من مصالح إسرائيل وأولوياتها، ومن يظن أن طهران سترفع الراية البيضاء، كما اعتادت دول عديدة من هذه المنطقة أن تفعل، فهو مخطئ تماماً، فثمة قوى إقليمية صاعدة، تبدو مصممة على احترام سيادتها وحفظ مصالحها بصرف النظر عن أساليبها وسياساتها المثيرة للجدل والخلاف ... إيران ليست وحدها من ضمن هذه الفئة، تركيا كذلك تفعل شيئاً مماثلاً.
ما زلنا نستبعد خيار المواجهة العسكرية الشاملة، وردود الفعل البريطانية والأمريكية على احتجاز الناقلتين أمس الأول، عززت هذه القناعة لدينا ولم تقلل من شأنها ... لكننا نرجح أن يكون الهدف من اللجوء إلى تكتيك «التعرض الخشن» إيرانياً، وتشديد العقوبات على إيران أمريكياً، هو مسعى جاد من الطرفين، لإنضاج شروط الوساطة وحفز الوسطاء ... ما زلنا نعتقد أن ما يجري هو ضربٌ من «التفاوض بالنار»، وأن مآلات حرب «الناقلات» و»الدرونات» ستكون حلاً سياسياً، يسعى كل فريق جاهدا في جعله مواتياً له ومنسجماً مع مصالحه، إلى أن يأتي الوسطاء بصفقة يمكن إدراجها في عداد «معادلة رابح – رابح»، مثلما حصل في فيينا قبل أربع سنوات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الناقلات و «الدرونات» حرب الناقلات و «الدرونات»



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya