لحظة الحقيقة والاستحقاق

لحظة الحقيقة والاستحقاق

المغرب اليوم -

لحظة الحقيقة والاستحقاق

بقلم - عريب الرنتاوي

ليس من الواضح حتى الآن، ما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطلع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما سيلتقيهما على هامش اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة، على خطته الخاصة بـ”صفقة القرن”، أم أنه سيكتفي باعتبار لقاءاته بالرجلين، استكمالاً للقاءاته وجولات موفديه الاستكشافية، لا بل أننا لسنا على يقين من أنه سيتلقى الرئيس الفلسطيني في نيويورك، سيما بغياب الكيمياء بين الرجلين، بعد آخر اجتماع لهما في بيت لحم، ومع تواتر الأنباء عن مسعى إسرائيلي لمنع انعقاد مثل هذا اللقاء من ضمن مسعى أوسع لـ “شيطنة” الرئيس عباس واعتباره رجلاً “ليس ذا صلة”.
ولسنا متأكدين كذلك من صدقية الأنباء التي تسربت حول ملامح خطة ترامب لـ”صفقة القرن”، والتي قيل أنها تشتمل على حكم ذاتي موسع للفلسطينيين وصلاحيات أوسع في مناطق “أ و ب” وفقاً لتقسيمات أوسلو وخطوطه الانتقالية، فضلاً عن ترك بعض الأحياء العربية في القدس الشرقية للفلسطينيين، وإبقاء كامل المدينة “عاصمة أبدية موحدة” لإسرائيل، مضافاً إليها “رزمة مساعدات مالية واقتصادية” تساعد القيادة الفلسطينية على هضم مثل هذه الصفقة المُذلة، وتجعلها أمراً ممكناً.
لكننا في ضوء ما نعرف عن هذه الإدارة وما قرأناه من السير الذاتية لموفديها “المبدعين والأذكياء” على حد وصف ترامب للثلاثي كوشنير – جرينبلات – فريدمان، المولعين بملف إعداد هذه “الصفقة”، لا نستبعد أن تكون هذه التسريبات صحيحة في مضمونها، فواشنطن في ظل ترامب، قلصت المسافة إلى أدنى حد، بين مواقفها ومواقف إسرائيل من قضايا الحل النهائي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، حتى أن بعض موفدي ترامب ومعاونيه، أظهروا انحيازاً جارفاً لرواية اليمين الإسرائيلي وسردياته، كما ظهر في وصف فريدمان للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بوصفه “احتلالاً مزعوماً”.
لن يمضي وقت طويل قبل أن تسدل الستارة على الفصل الاستكشافي في جهود ترامب وإدارته، وعندها سيصبح ممكناً التعرف على مضامين خطته للحل النهائي وملامح صفقته الإقليمية الشاملة، وقد لا ينتهي هذا العام، قبل أن تكون الصورة اكتملت، وعندها سيتعين على الفلسطينيين قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، أن يواجهوا لحظة الحقيقة والاستحقاق ... والحقيقة أنه لن يكون في جعبة ترامب ما يلبي الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم للحرية والاستقلال، أما الاستحقاق فيتمثل في الحاجة لشق طريق جديدة لاستنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية واستئناف مسيرة هذا الشعب لانتزاع حقه في تقرير مصيره بنفسه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
هي أشهر قلائل تفصلنا عن لحظة الحقيقة والاستحقاق، التي ضغط عربٌ كثيرون على السلطة وقيادتها، للامتناع عن القيام بأي تحرك من شأنه أن يحبط مسعى ترامب ويقطع الطريق على “صفقته”... نحن من جهتنا لم نكن متأكدين من أن القيادة الفلسطينية كانت ستشتق طريقاً مغايراً بكل ما للكلمة من معنى، ولم نكن نتوقع أكثر من وقفة “عتب” أو لحظة “حرد”، تنتهي مع وصول أول موفد عربي ودولي، أو بمجرد التلويج بإمكان ترتيب لقاء آخر مع الرئيس الأمريكي، وهذا ما وعد كوشنير عباس به عندما التقاه أخيراً في رام الله على أي حال.
ستنتهي الفرصة التي طُلب إلى عباس منحها لأحدث محاولة لاستنقاذ مسار التفاوض والحلول السياسية في غضون أشهر معدودات، لكن من المؤكد أن محاولات تمديد الفرصة أو طلب غيرها، لن تنتهي أو تتوقف ... وستبذل جهود إضافية من أجل إقناع القيادة الفلسطينية أو إجبارها على تمديد الفرصة وتجديدها، دون أن يرتبط بذلك بأي وعود جدية من نوع التزام أمريكي بقواعد مقبولة للحل النهائي أو بجدول زمني لإنجازه ... فتقع القيادة الفلسطينية وشعبها من جديد، في إسار عملية شراء الوقت وتقطيعه، وتتكرس المقاربة الأمريكية القائمة على إدارة الأزمة بدل حلها، والاهتمام باستمرار “العملية” السلمية دون الالتزام بالسلام المبني على إنهاء الاحتلال.
غالبية الفلسطينيين تنظر بقلق بالغ لاستمرار حالة المراوحة والدوران في المربع الأول، وهي ملّت الانتظار في قاعات الترانزيت، وتريد لقطار الحل أن ينطلق صوب محطته النهائية، وهذا ما يتعين على القيادة الفلسطينية أن تعمل بهديه، ليس بعد انتهاء المهلة الممنوحة لإدارة ترامب لبلورة مبادرتها، بل وقبل ذلك، والأصل أنها فعلت ذلك منذ زمن طويل ... فمنح الفرص للمفاوضات والمبادرات قد يكون خياراً مفروضاً على القيادة الفلسطينية، شريطة ألا يمنعها ذلك من السير على مسارات بناء القوة والاقتدار الفلسطينيين، ومن بينها تصعيد المقاومة الشعبية السلمية في القدس والضفة، ضد الاستيطان والجدران والانتهاكات، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية واستيعاب الطاقات الخلاقة والمبدعة للشعب الفلسطيني في الوطن المحتل والمحاصر والشتات، والتوجه باندفاع لترميم الانقسام الفلسطيني بوصفه خياراً لا رجعة عنه، ومطاردة إسرائيل في المحافل الدولية كافة، والتوجه إلى الشعوب والمجتمعات العربية والإسلامية والصديقة، بلغة جديدة وبرامج جديدة، وطاقم جديد، غير ذاك المترهل المبثوث في المؤسسات والوزارات والسفارات الفلسطينية ...  لا يجوز الانتظار على مقاعد النظار والمتفرجين بانتظار أن يكمل ترامب وإدارته إنجاز “وظائفهم المنزلية”، فمكتوب ترامب يُقرأ من عنوانه، والوقت الذي يتبدد ستتكشف أهميته القصوى عندما تحين لحظة الحقيقة والاستحقاق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة الحقيقة والاستحقاق لحظة الحقيقة والاستحقاق



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya