تعددت الحلول والنتيجة واحدة

تعددت "الحلول" والنتيجة واحدة

المغرب اليوم -

تعددت الحلول والنتيجة واحدة

بقلم : عريب الرنتاوي

بالنسبة للفلسطينيين، لا يبدو أن “حل الدولتين” أو “حل الدولة” كما يجري تداولهما في أوساط الترويكا الإسرائيلية اليمينية الحاكمة ودوائرهما، سيأتيهم بشيء مختلف ... نتنياهو سبق وأن صرح قائلاً: “لو يعرفون ما الذي أعنيه بحل الدولتين لما عارضوني” في إشارة إلى انتقادات “البيت اليهودي” و”لوبي الاستيطان” لتصريحاته المؤيدة لهذا الحل.

“حل الدولتين” من منظور نتنياهو، يعني قيام إسرائيل بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والقدس، بما فيها الكتل الاستيطانية (والبؤر الاستيطانية كذلك بعد أن تمت شرعنتها)، يعني الإبقاء على “القدس عاصمة أبدية موحدة” للدولة العبرية ... يعني بسط سيطرة إسرائيل على غور الأردن (28 بالمائة من الضفة الغربية)، ما يبقي للفلسطينيين مجموعة منفصلة من الكانتونات والمعازل، المنفصلة جغرافياً، المجردة من كل مظاهر السيادة ومقومات البقاء... أمس القريب، ومن البيت الأبيض، ذهب نتنياهو خطوة أبعد في شرح معنى “الدولة” التي سيمنحها للفلسطينيين: كل ما يتصل بأمن المعابر والحدود والأجواء، سيبقى في يد إسرائيل وحدها... ومع ذلك، فالرجل – والحق يقال – لا يمانع في إطلاق تسمية “إمبراطورية عظمى” على “دولة البقايا” هذه.

وزير دفاعه ليبرمان، أوضح موقفه منذ زمن طويل، وآخر مرة في مؤتمر ميونخ للأمن قبل يومين، عندما “عمّق” فكرة نتنياهو عن “الدولة” الفلسطينية، فاقترح تبادلاً للأرض والسكان معاً ... ليبرمان يريد ضم مناطق واسعة من الضفة الغربية، قليلة السكان، وفي المقابل، “منح الفلسطينيين أجزاء من منطقة المثلث ذات الكثافة السكانية الفلسطينية، للتخلص من هاجس الديموغرافيا الفلسطينية، ووفقاً لليبرمان، لا يجوز أن تكون “الدولة” الفلسطينية “نقية” من اليهود، فيما دولة إسرائيل، ثنائية القومية ... هنا يتوسع ليبرمان في تطوير مفهوم “دولة البقايا” ويضيف إلى سكانها، عدداً كبيراً من فلسطيني الخط الأخضر.... ولا فوراق تذكر من زاوية “المنظور الأمني” و”السيادة” بين وزير الدفاع ورئيس حكومته.

ثالث الثلاثة في الترويكا، له مقاربة مختلفة، فهو يرفض “الدولة” حتى وإن كانت على ما سيتبقى من الضفة الغربية، ويفضل عليها مشروع “دولة واحدة بنظامين”... دولة إسرائيلية مكتملة المواصفات والمقاييس من جهة، و”دولة” فلسطينية لا تتوفر على أي من مقومات الدولة والسيادة والقابلية للحياة، لكنها مهمة من وجهة نظر نفتالي بينيت، من أجل خدمة هدف “يهودية الدولة”، فهؤلاء ستكون لهم هويتهم ونظامهم، ولا حقوق مدنية أو سياسية لهم في إسرائيل .

.. إسرائيل ستظل دولة يهودية – ديمقراطية، يهودية بالنسبة للفلسطينيين وديمقراطية بالنسبة لليهود على حد تفسير أحمد الطيبي لهذا الشعار.

لا أحد في إسرائيل، بمن في ذلك قوى اليسار ومعسكر السلام، يقبل بدولة فلسطينية على حدود 67 كاملة، أو بدولة تتمتع بالسيادة كبقية دول العالم ... ولا أحد في إسرائيل، بالأخص اليسار ومعسكر السلام، يقبل بدولة واحدة، تنهض على حقوق متساوية لجميع مواطنيها من العرب والإسرائيليين، هو هاجس “الديموغرافيا” الفلسطينية التي يجتهد الإسرائيليون في اجتراح الحلول لاحتوائه والخلاص منه.

مبادرة السلام العربية وفرت قبل خمسة عشر عاماً لإسرائيل، فرصة تاريخية للتطبيع مع 57 دولة عربية وإسلامية، دون أن تنجح في إثارة اهتمام تل أبيب، وإن صح أن نتنياهو رفض عروضاً مهمة في قمة رباعية سرية بحضور جون كيري، فإن الخلاصة التي ينتهي إليها المراقب، تصبح قطعية وغير قابلة للطعن: إسرائيل ليست بوارد إنهاء الاحتلال أو الانسحاب عن الأرض الفلسطينية، إسرائيل تريد الأمن والسلام والتطبيع، بل و”التحالف مع العرب” ضد التهديد الإيراني والإبقاء على الاحتلال والاستمرار في الضم والاستيطان، وتريد كل ذلك معاً وفي الوقت ذاته، والأهم من كل هذا وذاك وتلك، أنها تنجح واقعياً في تحقيق ما تريد، وبأقل التكاليف المتخيّلة، فلماذا تذهب إلى خيارات وبدائل أخرى؟

كلا “الحلين” المتداولين، يُنظر إليهما إسرائيلياً، كترتيب انتقالي – مؤقت، ربما لعقد أو عقدين من الزمان على أبعد تقدير، وربما أقل من ذلك بكثير ... فلا “حل الدولتين” يمكن أن يوفر وعاء لاحتواء الديموغرافيا الفلسطينية على المدى المتوسط والبعيد، ولا “الدولة الواحدة بنظامين” يمكن أن يستجيب لاحتياجات بقاء الفلسطينيين في أعلى درجات الانضباط والالتزام بالأمن والاستقرار، أمن الاحتلال واستقرار كيانه ... لا بد من خطط لمرحلة ما بعد هذه الحلول الانتقالية.

هنا نفتح قوسين، لنعرض لسلسلة من الأفكار التي يجري تداولها في الغرف الأمنية والسياسية الإسرائيلية، علناً أو على نحو مضمر: الحل الإقليمي، القائم على قذف الديموغرافيا الفلسطينية في أحضان مصر والأردن هو أحد هذه السيناريوهات ..

. الفوضى “الخلاقة” التي تمكن من الاحتلال من إطلاق موجات جديدة من الهجرة هو سيناريو آخر ... لكن الفوضى “الخلاقة” هذه لن توفر بدورها الحلول بعيدة المدى، إن ظلت محصورة بالجغرافيا الفلسطينية، لا بد والحالة كهذه، وفي مرحلة ما، من تعميم الفوضى على “الحواضن الجديدة” للديموغرافيا الفلسطينية... الأردن وسيناء هما الوعاءان المرشحان لهذه المهمة، فهل ما يجري من إفقار وتجويع للأردن هو نوع من التهيئة المتدرجة، طويلة الأمد لهذا السيناريو؟ ... وهل ما يجري في سيناريو كما تساءل ذات مرة، مسؤول رفيع سابق في المخابرات المصرية، هو ضرب آخر من ضروب التهيئة؟!

تبدو السيناريوهات إذ يجري تداولها مبكراً ضرباً من الخيال والفانتازيا، ولكن من قال إن التنبؤ بما يجري اليوم في العديد من الساحة العربية النازفة، لم يكن من قبل ضرباً من الخيال والسيناريوهات الافتراضية المثيرة للاستغراب والدهشة؟

المصدر: الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعددت الحلول والنتيجة واحدة تعددت الحلول والنتيجة واحدة



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:00 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجوزاء

GMT 16:57 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

المذيعة سماح عبد الرحمن تعلن عن عشقها للإعلام

GMT 14:49 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ليفربول يواصل سلسلسة انتصاراته وأرقامه المميزة

GMT 06:05 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

غارات إسرائيلية جوية على أهداف لـ"حماس" شمال غزة

GMT 14:56 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

الترجي التونسي يخوض 60 مباراة في موسم واحد

GMT 19:41 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

مصرع سبعة أشخاص في تفجيرين قرب القصر الرئاسي في الصومال

GMT 06:11 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

كتاب يكشف طقوس تساعد الإنسان على السعادة والاسترخاء

GMT 10:04 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ألوان مميزة تعزّز ديكور منزلك في صيف 2018

GMT 02:11 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مهندس يعيد بناء كوخ بعد أن دمره تمامًا

GMT 12:15 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سعر الدولار الأميركى مقابل دينار جزائري الإثنين

GMT 12:30 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

حسن أوغني يعود لتدريب فريق النادي القنيطري

GMT 03:41 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

فيلم "the shape of water" يقترب من حصد جوائز النقاد في 2018

GMT 00:42 2016 الثلاثاء ,12 تموز / يوليو

اكتشفي أسباب عدم بكاء الطفل حديث الولادة

GMT 04:18 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الملابس الصوفية عنوان المرأة العصرية لموضة هذا الشتاء

GMT 17:48 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

طوني ورد يطلق تشكية La Mariée الحصرية لفساتين الزفاف
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya