لا تسقطوا خيار التفاوض

لا تسقطوا خيار التفاوض

المغرب اليوم -

لا تسقطوا خيار التفاوض

بقلم - عريب الرنتاوي

في الوقت الذي تفترض فيه معظم التحليلات الصادرة عن عواصم المنطقة وبعض العواصم الدولية، أن العلاقة الأمريكية – الإيرانية تسير بخطى حثيثة نحو الاشتباك والمواجهة، ويذهب البعض ممن «تتلمذوا في صحف التابلويد»، إلى حد تحديد مواعيد محددة، لاندلاع «حرب الخليج الرابعة»، لا يفصلنا عنها سوى أيام قلائل، فإن ثمة من المؤشرات ما يكفي للدلالة إلى أن القيادة الإيرانية والإدارة الأمريكية، تسعيان قدر جهدها، لتفادي «سيناريو الصدام» ما أمكن لذلك سبيلاً، والبحث عن منافذ وقنوات، تمكنهما من النزول الآمن عن قمة الشجرة التي صعدتا إليها.

إيران تعرف أن الحرب مكلفة جداً عليها، وعلى اقتصادها المريض على نحو خاص، وهي كيّفت نفسها مع شروط الحصار والعقوبات الصعبة للغاية، وذات النتائج الكارثية ... أبعد من ذلك، فإنها على ما يبدو، مطمئنة إلى صعوبة «تصفير» الصادرات النفطية الإيرانية، أقله لبعض الدول العظمى (الصين مثلاً) حيث لا تمتلك واشنطن الكثير من أوراق القوة الناجعة لمعاقبة الصين، فالعقوبات على التنين الأصفر، ذات نتائج كارثية على الولايات المتحدة ذاتها، وليس على الصين فقط.

وإيران تراهن أن ترامب قد لا يصمد طويلاً في لعبة «ارتفاع أسعار النفط»، سيما وهو يستعد لخوض غمار حملة انتخابية قاسية، لا أوراق لديه فيها، كثير ما يمكن أن يعرضه من إنجازات اقتصادية على الناخب الأمريكي ... وهي إذ تفعل هذا، فإنها تعرف تمام المعرفة، أن دول الخليج العربية، لن يكون بمقدورها تعويض الصادرات النفطية الإيرانية والفنزويلية على حد سواء، مهما بلغ سخاء الوعود المقطوعة.

وإيران يحدوها الأمل، بأن ترامب قد لا يتمكن من الظفر بولاية ثانية، سيما في ظل الفوضى التي تطبع علاقات إدارته بحلفاء واشنطن وخصومها على حد سواء، ونمط القيادة غير المألوف الذي يعرضه على الأمريكيين، فالرجل غارق في مسلسل من الأكاذيب والمراوغات والفضائح، وهو وإن لم يقدم للمحاكمة بعد، فإن يفتقد للقيمة الأخلاقية التي تجعل الفوز مضموناً له في الانتخابات المقبلة.

في المقابل، ترامب كما أوباما، ليس بوارد حرب جديدة يزج بها الولايات المتحدة، وتثقل كاهل اقتصادها الذي يخضع لمنافسة شديدة، وترامب أعطى غير إشارة إلى نيته الانسحاب من سوريا، ومن يريد أن يقاتل إيران، لا ينسحب من سوريا ... وترامب يعرف أن حرباً دخوله في حرب ثالثة بعد العراق وأفغانستان، لن يجعل أمريكا في وضع أفضل، سيما وأن نتائج الحربين السابقتين، لم تأت بما تشتهي سفن الولايات المتحدة.

إيران لم تغلق باب المفاوضات، وثمة «تمهيد» لخوض غمار مفاوضات ثنائية تحت عنوان «تبادل الأسرى»، وعلى الرغم من النبرة المرتفعة لتهديدات الحرس الثوري ووعيد بعض المسؤولين الإيرانيين، إلا أن طهران تستنكف عن فعل أي شيء على الأرض، يمكن أن يقود إلى تسريع المواجهة، بل أن تسعى في تحميل «جناح الصقور» في الإدارة الأمريكية مسؤولية التأزم في علاقاتها مع واشنطن، وتتهم دولاً عربية وإقليمية  بالسعي لجر واشنطن لحرب عليها، وبما يبقي الباب مفتوحاً دائماً لخيار التفاوض... إيران اكتوت بنار العقوبات، وهي تبحث عن مخرج مشرف وليس عن حرب ضروس، ستأكل الأخضر واليابس.

وفي المقابل، لا يبدو أن واشنطن بصدد الشروع في حرب على إيران أو حتى التمهيد لها ... حالة التأزم والتوتير القائمة حالياً تفيد واشنطن في استجلاب الكثير من المال، وإبرام صفقات تسلح فلكية، وليس مستبعداً أن يقوم باستدارة كبرى، حين يدرك أن المال قد استنفد، وأن قدرة هذه الدول على الانفاق، لم تعد كما كانت ... ترامب، وأركان إدارته، حتى الصقور منهم، ما زالوا يتحدثون عن تغيير سياسة إيران وليس تغيير نظامها، وهي عبارة قد تكون مضللة وخادعة، بيد أنها الوصف الأقرب للدقة، أقله حتى الآن.

خلاصة القول، أن التصعيد بين البلدين ينذر باحتمالات الانزلاق إلى مواجهات لا يرغبها أحد، حتى عن طريق الخطأ أو الصدفة، بيد أن التفكير العقلاني في كلا البلدين، ما زال يرجح خيار التفاوض، وما يجري اليوم من تصعيد اقتصادي ودبلوماسي وحروب إعلامية واستعراضات للقوة والعضلات، ربما يكون المقصود به، تحسين شروط التفاوض، وليس التمهيد لحرب جديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تسقطوا خيار التفاوض لا تسقطوا خيار التفاوض



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور

GMT 02:13 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

الصين تكشف عن دورات مياه جديدة ذات تقنية عالية

GMT 09:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

"المرسيدس" من أغرب الفنادق في ألمانيا

GMT 04:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

وائل جسار يستقبل العام الجديد بأغنية "سنين الذكريات"

GMT 17:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

إيران تواجه الجزائر استعدادًا لمباراة المغرب

GMT 05:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

بغداد صباح الجمعة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya