خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي

خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي؟

المغرب اليوم -

خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي

بقلم - عريب الرنتاوي

موضوعياً، تقف الولايات المتحدة (واستتباعاً) إسرائيل، على النقيض من مصالح مروحة واسعة ومتناقضة من دول المنطقة وعواصمها ... وموضوعياً كذلك، تتهدد سياسات الولايات المتحدة الشرق أوسطية، أمن واستقرار، ووحدة وسيادة هذه الدول، دع عنك ما يمكن أن يترتب على هذه السياسات من تهديد لمستقبل عدد من الأنظمة السياسية فيها، ووجودها.
أقصد بمروحة الدولة المستهدفة، الواسعة والمتناقضة، كلا من إيران وتركيا وسوريا بالدرجة الأولى، ويمكن ببعض الحذر، إضافة كل من الأردن والسلطة الفلسطينية والعراق إلى القائمة القصيرة الأولى ...وليس مستبعداً أن تتسع القائمة لأكثر من ذلك إن اعتمدنا مقياساً أقل تزمتا لاحتساب العداوة أو «الخصومة».
من بين جميع هذه الدول، لا تخفي واشنطن عدائها الشديد لإيران وسوريا، ومن خلفهما قوى وحركات «لا دولاتية» مثل حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي وحماس وغيرها ... لكن تركيا في المقابل، ليست بعيدة عن دائرة الاستهداف الأمريكي، برغم ما يقال عن «تحالف استراتيجي» وعضوية مشتركة في «حلف الناتو» ... لم يخطر بالبال يوماً، إدراج الأردن أو السلطة الفلسطينية، في دائرة الاستهداف الأمريكي، بالذات الأردن وفي هذا الوقت تحديداً، حيث أصبحت الولايات المتحدة الداعم الأكبر للأردن، اقتصادياً ومادياً وعسكرياً، بيد أن انحيازها الأعمى المطلق لليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفاً، يدفعها لاتخاذ مواقف وسياسات، تهدد على نحو لا تخطئوه العين، أعمق مصالح الأردن وأمنه واستقراره وهويته الكيانية، وتضع السلطة الفلسطينية في مأزق «وجودي» محكوم» في إطار حكم ذاتي، هو مبتدأ مشروعها وخبرها.
الأطراف المذكورة، يمكنها أن تشكل محوراً لا رادّ له ولا «معادل موضوعياً» له على الإطلاق ... وهي قادرة إن هي أحسنت احتواء خلافاتها وتنظيمها، أن تطيح بسياسات اليمين الأمريكي والإسرائيلي رأساً على عقب، وأن تدفع واشنطن وتل أبيب رغماً عن أنفيهما، لمراجعة حساباتهما المرة تلو المرة.
نقطة البدء في بلورة هذا الإطار الإقليمي الجديد، تنطلق من إيران وتركيا، مروراً بسوريا والعراق، وفي ظني أن قضايا الخلاف بين هذه الأطراف يمكن حلها، بل أكاد أجزم بأن علاقات طبيعية بينها، يمكن أن توفر فرصاً عظيمة لمواجهة تحديات مشتركة، وتحديداً تلك التي تتعلق بسلامة وحدتها الترابية، وتمكينها مجتمعة من مجابهة طوفان الضغوط والعقوبات والتهديدات التي يكاد لا ينجو منها بلد واحد.
قليل من «العقلانية» والتفكير بعقل بارد، يدفع على الاعتقاد بان خياراً كهذا يبدو ممكناً، بل وقد يصبح شرطاً لازماً لتفادي السيناريوهات الأسوأ ...وفي ظني أن أكبر عقدة تحول دون تنظيم العلاقات بين أطراف هذا «المربع الإقليمي» هو التناقض التركي – السوري، وهنا يتعين على أنقرة بالذات، أن تبادر لاتخاذ الخطوة الأولى، وأن تبعث من الإشارات ما يكفي لبث الطمأنينة في دمشق ولدى حلفائها، وأن تسارع للعمل اللصيق مع إيران وروسيا لإغلاق ملفات الشمال السوري، بدءاً بإدلب وانتهاء بشمال شرق سوريا.
هذا ليس بكثير، إذا ما نظرنا إلى ما يمكن أن تجنيه الأطراف من تقاربها، سيما بعد أن تأكد لها، أن إدارة ترامب، تضرب يميناً وشمالاً غير مكترثة بمصالح حلفائها وأصدقائها، وهي التي هددت بالأمس فقط، بتدمير الاقتصاد التركي، وهي التي تلوح بسيف العقوبات ضد العراق إن لم يلتزم بعقوباتها ضد إيران، وهي التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في العام 2016 واستهداف الليرة التركية، أقله هذا ما تقوله تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان.
إن تحقق تقارب من هذا النوع، فإن التحاق دول به من مثل: الأردن، السلطة، لبنان، وربما غيرها، يصبح من باب تحصيل الحاصل ... وسيجد هذا المحور في موسكو حليفاً محتملاً، أو مرغماً على مد يد التعاون والتنسيق، فروسيا ذاتها ليست بعيدة عن «المهداف» الأمريكي في نهاية المطاف.
إطار إقليمي كهذا، يمكن أن «يحلحل» عقداً ويفكك استعصاء أزمات عدة:: من حرب المحاور والهويات، إلى استعادة التوازن الاستراتيجي في الإقليم، وستجد أطراف عربية عديدة نفسها مرغمة على «تبريد» رؤوسها الحامية، والهبوط بسقف توقعاتها، وسيجد المتهافتون العرب المهرولون صوب إسرائيل، صعوبة في المضي في طريقهم المفضي إلى التهلكة.
واشنطن في عهد ترامب، لم تعد تكترث بالقانون والشرعية الدوليين، ولا هي ملزمة بكل ما وقعه رؤساء أمريكا المتعاقبون، ومبدأ ترامب في السياسة الخارجية يقوم على «السلام المبني على القوة، وجواز الاحتفاظ بأراضي الغير المحتلة بالقوة الغاشمة»، وإسرائيل تنتابها موجة جنون وتطرف، وإحساس عميق بفائض القوة، وهي اليوم تستهدف دول الجوار القريب، وليس مستبعداً أبداً أن تستهدف غدا دول الجوار البعيد، ما بعد العراق وما بعد سوريا، وهي في كل الأحوال، تصنف هذه الدول وحكوماتها، على أنها أنظمة عدوة ودول معادية.
مثل هذا الإطار، يمكن أن ينهض على أسس قوية صوب منظومة إقليمية للأمن والتعاون، تحفظ لكل الأطراف مصالحها من دون افتئات على مصالح الآخرين، وتخلق أطراً وآليات لفض النزاعات، وتشكل سوقاً مشتركة، يصعب على أي مركز دولي أن يتجاوزه، فهل تخطو المنطقة صوب هذا الخيار، مرغمة تحت وقع التهديدات والعقوبات والانتهاكات الأمريكية لحقوق شعوبها ومصالحها، أم أنها ستؤثر انتحارها الجماعي؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya