عن الاشتباك الفلسطيني  الأمريكي

عن الاشتباك الفلسطيني - الأمريكي

المغرب اليوم -

عن الاشتباك الفلسطيني  الأمريكي

بقلم - عريب الرنتاوي

في إدارتها لملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، تسجل إدارة الرئيس دونالد ترامب “نقلة نوعية” جديدة تميزها عمّا سبقها من إدارات ديمقراطية وجمهورية متعاقبة ... واشنطن تنتقل من دور “الوسيط غير النزيه” إلى سياسة “فرض الإملاءات” ... والرئيس ترامب أخذ على عاتقه شخصياً، مهمة الضغط على الفلسطينيين سلطة ورئاسة وشعباً، للرضوخ لهذه الإملاءات ... في “دافوس” بلغ السيل الزبى، وخرج ترامب مهدداً متوعداً الفلسطينيين والرئيس عباس بالويل والثبور وعظائم الأمور: لا مكان للقدس على جدول أعمال مفاوضات الحل النهائي.
إذا أضفنا إلى ذلك “تسريبات صائب عريقات” التي تشير كافة الدلائل إلى أنها “صائبة”، فإن الخطوة التالية التي بدأت إرهاصاتها بقرار تقليص الدعم للاونروا، ستتمثل في سحب ملف اللاجئين من مفاوضات الحل النهائي، لا عودة ولا تعويض كما قلنا في مقال سابق، لتبقى قضية تبادل الأراضي محكومة بالشهية التوسعية لبنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي، لتقرر “نسبها المئوية” في ختام مفاوضات غير شاقة بين تل أبيب وواشنطن، وليس بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الاشتباك الان، ينتقل من كونه فلسطينياً – إسرائيلياً، إلى كونه فلسطينياً – امريكياً ... الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يتعرض لضغوط قد لا يكون واجه مثلها من قبل في حياته السياسية ... وسط موقف عربي وإقليمي، يراوح ما بين “الفرجة” و”التخلي” والتواطؤ”... البعض  ينخرط بنشاط في الترويج لمشروع ترامب، وهو لا يدخر جهداً في ممارسة شتى صنوف الترغيب والترهيب على القيادة الفلسطينية ... الرئيس عباس يسعى جاهداً في الإفلات من قبضة هؤلاء، وإن كنا لا نعرف إلى متى سيستطيع الوقوف في وجه “تسونامي” الضغوط .
البعض الآخر، قرر على ما يبدو، رسم حدود للاشتباك مع هذه الإدارة، لم يغير موقفه من قضية القدس، بل يعيد التأكيد على ثوابتها، ولكنه لن يجعل منها سبباً لتعكير صفو علاقاته ومصالحه مع الولايات المتحدة، 
البعض الثالث، ارتأى أن يقف على مقاعد المتفرجين، يكتفي بالبيانات الرسمية التي تصدرها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، يصوت إلى جانب فلسطين في المنتديات الدولية، ويعبر عن تعاطفه بين فينة وأخرى، يسمح بتظاهرة هنا واجتماع تضامني هناك، وهذا أقصى ما يمكن أن يكون إسهامه في نصرة الفلسطينيين ودعم نضالهم من أجل القدس وبقية حقوقهم الوطنية المشروعة والمعرفة دولياً.
لم تعد فكرة “المفاوضات” فكرة جذابة لواشنطن على ما يبدو، فالرئيس ترامب، يريد حفلاً للمصادقة على أفكاره ورؤيته للحل النهائي، وكلما تعذر عليه التوفيق بين مطالب ومصالح الفريقين المصطرعين، يقرر بخفة، تبني المطالب الإسرائيلية، وإخراج القضية موضع البحث، من أجندة المفاوضات، باعتبارها قضية منتهية من جانب واحد.
قد يتفهم الفلسطينيون عجز بعض العرب وتقصيرهم وضعفهم في مواجهة إدارة جامحة، ورئيس يعتقد كثيرون من العقلاء في العالم، أنه بات خطراً على السلم العالمي، دع عنك الولايات المتحدة ذاتها، ولكن الفلسطينيين، لن يتفهموا أبداً ولن يغفروا يوماً، محاولات البعض الانضمام إلى واشنطن في مسعاها لفرض إملاءاتها على الفلسطينيين ... ، لأن ذلك يعني ببساطة، دعوتهم للتوقيع على صك “تصفية” قضيتهم الوطنية، وهذا ليس خياراً أبداً، ولن يقبل به فلسطيني واحد.
ليتدبر الأشقاء شؤونهم مع الولايات المتحدة وعلاقاتهم ومصالحهم مع رئيسها الجامح، وليدعوا الفلسطينيين وشأنهم، أو كما قال الرئيس عباس ذاته، “حلو عنا” ... وجل ما هو مطلوب منهم إن يقاوموا الضغوط الامريكية الهادفة زجهم في محاولات تطويع الفلسطينيين وتركيعهم ... نعلم أنها مهمة صعبة في هذا الزمن الرديء، ولكننا نرى أنها مهمة ليست عصية على الإنجاز.
لا أحد من الفلسطينيين ينتظر الجيوش العربية على أبواب القدس أو أريحا أو غزة ... هذه حقبة تبدو غابرة في التاريخ العربي، وحتى عندما احتشدت الجيوش في حربي 48 و 67، لم تكن النتيجة سوى ضياع فلسطين التاريخية، وفوقها مساحات واسعة من الأراضي العربية ... .
الفلسطينيون لا يريدون من إيران وحلفائها سوى التزام الهدوء والصمت حيال قضيتهم، فلا حشد شعبياً يمكن أن ينشأ على الأرض الفلسطينية، ولا رام الله قادرة على “تخزين” مائة ألف صاروخ متعدد المديات ... الفلسطينيون تحت الحصار، ولا يريدون لحصارهم أن يستتبع بالحصار المضروب من حول دول “المقاومة والممانعة” وأطرافها ... دعوا الفلسطينيين يتدبرون شؤونهم، ومن يريد تقديم الدعم لهم، عليه أن يستشيرهم بداية حول أي نوع من الدعم يريدون، وما الذي يحتاجونه فهم أهل مكة،الأدرى بشعابها.
لقد أظهرت السلطة الفلسطينية الهشة، التي لا سلطة لها، أنها قادرة على قول “لا” مدوية لسيد البيت الأبيض، وهي “لا” في محلها تماماً، طالما أن البيت الأبيض قرر الانخراط إلى جانب حكومة اليمين في السطو على حقوق الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم، وليس لدي ما يدفعني للاعتقاد بأنها ستتراجع عن هذه الـ “لا” إن لم ينضم بعض العرب إلى قائمة الضاغطين والمحاصرين للسلطة وشعبها ... دعوا الموقف الفلسطيني يتفاعل ويتطور بمعزل عن ضغوطكم، فلا أحد يراهن على “العمل العربي المشترك”، ولا أحد سيحملكم وزر القرارات والخيارات الفلسطينية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الاشتباك الفلسطيني  الأمريكي عن الاشتباك الفلسطيني  الأمريكي



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء

GMT 01:05 2012 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حناج عيين با بنيه - نقوش بحرينية يتناول انواع نقوش الحناء

GMT 13:28 2015 الأربعاء ,18 شباط / فبراير

أفضل ستة فنادق في مراكش للاستمتاع بالرفاهية

GMT 03:24 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بالتعامل مع زملاء العمل

GMT 00:53 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد سعد يعود للغناء مرة أخرى بعد ثبوت صحة موقفه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya