الفرصة من رحم الكارثة

الفرصة من رحم الكارثة

المغرب اليوم -

الفرصة من رحم الكارثة

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

ثمة ما يشي بإمكانية «إعادة الارتباط» بين نضال الشعوب العربية من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية، وكفاحها من أجل استكمال مهام مرحلة التحرر الوطني ... «صفقة القرن»، التي ربما تكون «صدمة القرن» للشعوب العربية، قد تكون فاتحة هذا الطريق، والفرصة التي تنبثق من رحم الكارثة.

فالقضية الفلسطينية تبرهن من جديد، أنها عابرة للشعوب والطوائف والأقوام والأحزاب والطبقات، ويزداد التضامن الشعبي العربي معها، كلما «نأى الفلسطينيون بأنفسهم» على الصراعات البينية التي تتفاعل وتتفاقم في غير بلد وغير عاصمة ... أليس أمراً ذا دلالة، أن يأتي بيان خارجية «الشرعية اليمنية» محمّلاً بالمضامين التضامنية ذاتها، على اختلاف اللغة والمفردات، التي صدرت عن صنعاء وحكومتها وقيادتها الحوثية؟ ... أليس لافتاً أن يقف الدكتور سمير جعجع والرئيس سليم الحص ومختلف الأطراف اللبنانية، الموقف ذاته حيال صفقة القرن، وإن تعددت المفردات والمرجعيات وأشكال التعبير؟
تونس، أول الثورات، وأول الانتقال، كانت خلال الأيام القليلة الفائتة، مختبراً يمكن مراقبته لمعرفة مفاعيل ارتباط وانفصال مساري النضال من أجل التحرر الوطني والاستقلال من جهة والانتقال الديمقراطي من جهة ثانية ... من الرئيس المستقل قيس بن سعيّد إلى الاتحاد التونسي للشغل، مروراً بالعوائل السياسية التونسية الرئيسة الثلاث: الإسلاميين، اليسارين و»الدستوريين/البورقيبين»، ثمة إجماع على أن الكفاح من أجل تونس حرة وديمقراطية، مندمج أشد الاندماج بالنضال من أجل التحرر الوطني وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ثمة إجماع بأن قضية تونس وقضية فلسطين، هما وجهان لعملة واحدة، وميدانين لخوض الكفاح ذاته.
أتى زمن بدا فيه أن الإصلاحيين والليبراليين والديمقراطيين العرب، بل وحتى بعض يسارهم وإسلامييهم، قد انفصلوا بشعاراتهم الإصلاحية ونضالهم المطلبي والديمقراطي / الحقوقي، عن قضية الكفاح ضد الاستعمار والإمبريالية ... اليوم، يبدو أن «صدمة القرن» قد نجحت في «كي الوعي العربي»، وأن وعياً جديداً ينشأ اليوم، من شأنه أن يدمج في مسار واحد، قضايا الكفاح ضد الاستعمار والامبريالية والصهيونية، بقضايا النضال من أجل الحريات والحقوق والانتقال الديمقراطي.
الشعوب العربية التي انتصرت على أنظمة «الطاغوت»، عبّرت بقوة ووعي، وبأعداد غفيرة، عن مواقف مساندة للنضال الفلسطيني، وفي مواجهة مباشرة مع صفقة القرن، المحمّلة بكل المعاني العنصرية والدلالات الاستعمارية ... هذا يسقط نظرية «الثورات الملونة» التي استخدمها البعض للهجوم على ثورات الربيع وانتفاضاته، سيما حين مسّت بعض الأنظمة والحكومات ... هذا يسقط الاتهامات الجزافية السوداء، التي عبّر عنها نفرٌ من مخلفات يسارية وقومية مغلقة وضيقة الأفق.
 قد تفتح «صفقة القرن» الباب لمرحلة جديدة، يندمج فيها النضال من أجل الحرية والاستقلال وتقرير المصير، بالنضال من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية ... فلا تصبح «المقاومة والممانعة» حكراً على أنظمة وحركات شمولية، طائفية مغلقة في غالبيتها العظمى، ولا تبقى فيه القوى المدنية والديمقراطية في دائرة الاتهام بالاستتباع للغرب والعمالة لعواصمه... والكثير سيعتمد على قدرة الشعب الفلسطيني على تفجير انتفاضته الشعبية الثالثة، في وجه الاحتلال وداعميه والمتخاذلين عن مواجهته، والمتواطئين مع مؤامرة صفقة القرن.
من السابق لأوانه إطلاق التكهنات والتقديرات عمّا يمكن أن يترتب على «صدمة القرن»، لكن ثمة من الإرهاصات والبشائر، التي تدفع على الاعتقاد بأنه خلف الظلال الداكنة لحالة البؤس والهوان والتخاذل التي تهيم على سماء العرب، ثمة بارقة أمل وضوء في نهاية النفق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرصة من رحم الكارثة الفرصة من رحم الكارثة



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج

GMT 03:07 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

أفكار بسيطة تساعدك على تصميم حمام رئيسي رائع

GMT 00:55 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

حكومة أم حلبة ملاكمة لبنانية؟
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya