الفلسطينيون والاختبارات القادمة

الفلسطينيون والاختبارات القادمة

المغرب اليوم -

الفلسطينيون والاختبارات القادمة

بقلم - عريب الرنتاوي

الاختبار الأول للموقف الفلسطيني القائل بانتهاء دور الولايات المتحدة كراع ووسيط في عملية السلام، هو مصير اللقاء المقرر بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونائب الرئيس الأمريكي مايكل بينس... السلطة “سرّبت” أن اللقاء قد تم إلغاؤه، وواشنطن حذرت من مغبة ذلك وتداعياته ... أول رسالة فلسطينية صلبة لواشنطن، تتمثل في رفض اللقاء، واستقبال بينس بما يليق به من تظاهرات واحتجاجات.
أما ثاني اختبار لجدية الموقف الفلسطيني، فيتمثل في رفض استقبال موفدي ترامب ومبعوثيه لعملية السلام، والإصرار على مطلب توسيع الرباعية الدولية وتفعيلها، أو استنساخ صيغة شبيهة بصيغة “5+1” في المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي ... لا يجب تحت أي ظرف الاستسلام لواقع “الوكالة الحصرية” للرعاية والوصاية التي تمتعت بها واشنطن طوال ربع قرن ... كسر الاحتكار الأمريكي لهذه العملية، أمرٌ ضروري، حتى وإن أفضى ذلك إلى تعطيل المسار التفاوضي لسنوات عدة قادمة.
ثالث هذه الاختبارات، وربما أهمها جميعها على الإطلاق، يتجلى في تحويل تظاهرات الغضب والاحتجاج وتصعيدها إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة، وتهيئة البيئة الملائمة لانطلاقتها، بدءاً ببناء توافق حول أشكالها وأدواتها، وتشكيل لجان محلية وإقليمية لقيادتها، وجدولة انشطتها وفعالياتها، بما لا يؤثر على صمود الفلسطينيين فوق ترابهم الوطني... البيئة الشعبية ناضجة تماماً لإطلاق انتفاضة ثالثة، وما ينقصها فقط هو انخراط السلطة والفصائل الرئيسة في فعالياتها، وتحمل مسؤولية قيادتها، وتصعيد جيل شاب جديد يتولى زمامها في مخلتف القرى والبلدات والمدن والمخيمات الفلسطينية.
الاختبار الرابع، ويتعلق بمراجعة اتفاق أوسلو، وتحديداً في جانبه الأمني وما يرتبه من التزامات ثقيلة على السلطة ... إسرائيل قتلت أوسلو وترامب أهال التراب على جثته، وسحب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، طالما أنها لا تعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس.... ووقف التنسيق الأمني بات متطلباً حتى وإن أدى إلى إعادة بسط إسرائيل لسلطاتها الاحتلالية المباشرة على كل شبر من الضفة، وهي تفعل ذلك في مطلق الأحوال، وليست بحاجة من يدعوها أو يستدعيها.
أما الاختبار الخامس، فيتمثل في الشروع في حوارات وطنية، ضيقة وموسعة، جوهرية لا شكلية، ملزمة لا استعراضية ومن باب رفع العتب، بهدف الوصول إلى توافق حول استراتيجية جديدة، تستجيب لتحديات المرحلة الاستراتيجية الجديدة التي دخلتها قضية شعب فلسطين وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال ... وفي هذا السياق، سيكون مطلوباً إعادة النظر في الخيارات الاستراتيجية للحركة الوطنية الفلسطينية، فهل تمضي في مسار “حل الدولتين” وهل هذا المسار ما زال سالكاً؟ ... هل تذهب إلى خيار “الدولة الواحدة” ديمقراطية كانت أم عنصرية، وما الذي يقتضيه هذا الخيار حين يتعلق الأمر بمستقبل السلطة في الضفة، ومصائرها في القطاع؟ ... هل يمكن الذهاب إلى فكرة “الوصاية الدولية” على الأراضي الفلسطينية المحتلة، كيف وما هي الفرص، وعن أي أراض نتحدث، إلى ما هنالك من أسئلة وتساؤلات.
ندرك أن بناء توافق وطني عريض حول الاستراتيجية مهمة ستحتاج لوقت يطول أو يقصر تبعاً لدرجة تبلور الإرادة السياسية لذلك، لكن ثمة اختبارات أخرى، فورية وراهنة، لا يجب أن تتردد القيادة الفلسطينية في خوضها، أهمها على الإطلاق بذل كل جهد ممكن لرفع كلفة الاحتلال وجعل حياته صعبة للغاية، فكل خيار من الخيارات التي ورد ذكرها، سيحتاج إلى تعديل جوهري في موازين القوى على الأرض، ومن دون أن يسيل الكثير من “الأدرينالين” في عروق الاحتلال والاستيطان، سيتعذر على الفلسطيني الانتصار في أي اختبار من تلك التي أشرنا إليها.
نقول ذلك، ونحن نحذر من عواقب “تعليق” الخطوة الفلسطينية التالية على التوافق (الإجماع) العربي ... سيختلي القادة العرب بالرئيس عباس، وسيخبرونه بخلاف ما يتردد عبر أثير اذاعاتهم وتلفزيوناتهم، وسينصحونه بالتعقل و”التريث”، وتفادي إحراج أمريكا أو الاشتباك معها، وستأخذ النصائح شكل التهديدات، إن بدا أن الرئيس مُصراً على العزف خارج أوركسترا “الاعتدال العربي”.
نقول ذلك، وفي الذهن أيضاً، أن دونالد ترامب ما كان له أن يفعل ما فعله، لولا اطمئنانه لموقف عربي رسمي، يراوح ما بين “العجز” و”التواطؤ” ... ولا أمل يرتجى من العاجزين، الذين لا حول لهم ولا قوة، وتربطهم بواشنطن علاقة “اليد السفلى” بـ “اليد العليا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون والاختبارات القادمة الفلسطينيون والاختبارات القادمة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya