عن «صفقة» تل رفعت و«إعادة توجيه» المسلحين

عن «صفقة» تل رفعت و«إعادة توجيه» المسلحين

المغرب اليوم -

عن «صفقة» تل رفعت و«إعادة توجيه» المسلحين

بقلم - عريب الرنتاوي

سقطت مدينة تل رفعت السورية، الشمالية، في يد القوات التركية والميليشيات الحليفة لها، من دون قتال أو مقاومة ... الأنباء تحدثت مرة أخرى، عن صفقة تركية – روسية حول هذه المدينة، سيما وأن مصادر المسلحين تحدثت عن مفاوضات جرت بين الجانبين بخصوص مستقبل المدينة، وأدرجت انسحاب «الوحدة الروسية» المرابطة فيها قبيل وصول القوات التركية إلى مشارفها، في سياق اتفاق «مزعوم» بين أنقرة وموسكو.
مثل هذه المعلومات و»الأقاويل»، سبق وأن ترددت، ومن مصادر كردية كذلك، قبيل اجتياح القوات التركية لمدينة عفرين ... يومها قيل إن الجانبين الروسي والتركي توصلاً إلى صفقة مكنت الجيش التركي من دخول المدينة بأقل قدر من العنت والخسائر، مقابل دخول الجيش السوري إلى الغوطة الشرقية، بأقل قدر من العنت والخسائر أيضاً ... فإن صحت هذه الأنباء وتلك، وليس ثمة ما يدعو لعدم تصديقها، فإن السؤال الذي يقفز إلى الأذهان هو: ما المقابل الذي طلبته روسيا نظير تعبيد الطريق أمام الجيش التركي لدخول البلدة السورية الإستراتيجية؟
لكن قبل الغوص في بحر التكهنات والتقديرات للإجابة عن هذا السؤال، ثمة سؤال آخر، أكثر إلحاحاً، عن موقف الأمريكي، الحاضر الغائب، في الصفقتين معاً، وكيف تدار عمليات التفاوض مع الحليف الدولي الأقوى والأوثق لوحدات حماية الشعب الكردي وقوات «قسد»؟ ... في عفرين، التي لا وجود أمريكياً فيها، ولا في تل رفعت، قيل إن واشنطن رتبت انتقالاً آمناً لمسلحي الأكراد من البلدة إلى مناطق سيطرتها شرق الفرات ... فهل ستعمل واشنطن على استقبال «المنسحبين» من تل رفعت كذلك، ونقلهم إلى شرق الفرات كذلك؟ ... الأرجح أن خطوة أمريكية كهذه، لم تكن ممكنة لولا انخراط واشنطن في مفاوضات الصفقتين، وعبر القناتين الخلفيتين، التركية والروسية على حد سواء.
من يتأمل حراك الانسحابات والإخلاءات والإجلاءات في بعض المناطق السورية وعنها، يلحظ أننا أمام مشهد سريالي بالغ التعقيد، بل ومثير للاشمئزاز في غالب الأحيان، سيما حين يتصل الأمر، بمصائر المسلحين والمعارضات المسلحة ... النظام ينجح بالأمس في إجلاء مسلحي الغوطة الشرقية إلى إدلب، تماماً مثلما فعل من قبل في شرق حلب ... يأتي النظام التركي، ومن ضمن صفقات من تحت الطاولة كذلك، فيستقبل هؤلاء، و»يعيد توجيههم» للقتال في صفوف «غصن الزيتون» اليوم، كما في صفوف «درع الفرات» بالأمس.
واشنطن التي تراقب المشهد بكثير من الاهتمام وقليل من التدخل المباشر، تشترك في اللعبة ذاتها، لعبة «إعادة توجيه» المسلحين والميليشيات ... تستقبل الخارجين من عفرين بالأمس، وبعضهم لم يكن مضى على وصوله إليها من شرق الفرات، سوى بضعة أيام، لتعيد توظيفهم في حربها في البادية الشرقية علّها تصيب بحجرها الواحد، أكثر من عصفور في الوقت ذاته: الحرب على داعش، مضايقة النظام ومنع تمدد قواته، تحضيراً للهدف الأكبر: تقطيع أوصال الممرات البرية بين العراق وسوريا... ما فعلته واشنطن من قبل بالنسبة للخارجين من عفرين بعد قتال وصف بـ «الانسحابي»، ستفعله اليوم، وربما تكون أتمت فعله، بالنسبة للمقاتلين الأكراد الخارجين من تل رفعت من دون قتال من أي نوع.
ما الذي تريده موسكو، وما الذي يمكن أن تكون تحصلت عليه نظير سحب عناصرها من تل رفعت، وتسليم المدينة للسيد رجب طيب أردوغان؟
لا أحد يعرف بالضبط ما الذي جرى وكيف، وما هي عناصر الصفقة وشروطها، أقله كاتب هذه السطور لا يعرف ... فهل قدم الكرملين المشتبك في علاقة تناحرية مع واشنطن ولندن وبروكسيل والغرب عموماً، تل رفعت عربون صداقة لأردوغان لمنعه من المضي في سياسة التقرب من أوروبا (قمة صوفيا) وإدارة ترامب (أردوغان سعى في تبرئة ترامب مما يفعله البنتاغون في شمالي سوريا) ... هنا يكون الكرملين دفع من «كيس» حليفه السوري لفائدته الخاصة حصراً، وهذا احتمال وارد في مختلف الأحوال ... ما الذي يمكن أن تكون دمشق جنته من صفقة محتملة كهذه ... هل نشهد اختراقات على جبهة إدلب بعد أن دخلت جبهة دوما والغوطة الشرقية في ربع ساعتها الأخير؟ ... هل يسعى الحليفان الروسي والسوري، ومعهما إيران، في تقريب لحظة الصدام بين واشنطن وأنقرة في منبج وحولها... هل أرادا اختصار المسافة على أردوغان للانتقال من عفرين إلى منبج، عبر تل رفعت، رشيقاً متعافياً ومتخففاً من جراج المعارك ومتاعبها.
في كل مرة، انسحبت فيها «وحدات الشرطة العسكرية الروسية» من بلدة أو مدينة سورية عشية وصول الجيش التركي إليها، تكشفت التطورات اللاحقة عن صفقة من «عيار ما»، حدث ذلك في الباب وفي عفرين، وها هو يحدث اليوم في تل أبيض، وغداً سيأتينا بالأنباء من لم نزوّدِ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «صفقة» تل رفعت و«إعادة توجيه» المسلحين عن «صفقة» تل رفعت و«إعادة توجيه» المسلحين



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya