بعد ترامب و«البريكست»… هل تنتقل ماري لوبن إلى الإليزيه

بعد ترامب و«البريكست»… هل تنتقل ماري لوبن إلى الإليزيه؟!

المغرب اليوم -

بعد ترامب و«البريكست»… هل تنتقل ماري لوبن إلى الإليزيه

بقلم : عريب الرنتاوي

بعد وصول المرشح الرئاسي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بات كل شيء ممكناً، بما في ذلك نجاح زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف ماري لوبن في الوصول إلى الإليزيه … هي افتتحت مقرها الانتخابي على مقربة من القصر الجمهوري، وقالت في خطاب الافتتاح أنها تتطلع للإقامة في “نهاية الشارع” … قبلها كان حزب الاستقلال البريطاني (المغمور)، وزعيمه نايجل فاراج، يقود بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، فكان “التسونامي الأول” في القارة الأوروبية، الذي قاد لـ “تسونامي” ثاني في القارة الأمريكية، ويبدو أن الباب لم يغلق بإحكام بعد في وجه المزيد من الهزات والزلازل.
هو “انتصار الشعب على النخبة”، هكذا قالت لوبن في معرض تعليقها على نتائج “البريكست” وفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية … والمؤكد أنها قصدت بذلك، أن الشعب الفرنسي سينتصر على نخبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو في ترجمة أخرى لأقوالها: أنها ستكون الفائز الأول في تلك الانتخابات، معبرة عن صوت الشعب وإرادته … وهي نتيجة لم يستبعدها رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، بل رجّح أن تخوض لوبن “الجولة الثانية” من المنافسة (على الأرجح في مواجهة آلان جوبيه)، ما يعني أنها ستحتل المرتبة على أقل تقدير، وربما ليس بفارق كبير، وهذا ربما يكون “السيناريو المتفائل” لنتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، أما السيناريو المتشائم، فسيتحقق مع وصول ترامب إلى الإليزيه لتهنئة لوبن بمنصبها الرئاسي الجديد.
لم تقل السيدة لوبن، وما كان لها أن تقول، أن الذي انتصر في حالتي البريكست وترامب، هو الخطاب الشعوبي، ورغبة “العامة” من الناس، في معاقبة نخبهم السياسية والحزبية الحاكمة، والتعبير بطريقة “متطرفة” عن رفضهم للنظام السياسي الشائخ في عدد من الديمقراطيات، والذي بات بحاجة ربما لجرعات كبرى من الإصلاح والتحديث، وهذا ما يدور بصدده لغط كبير في العواصم الغربية.
لم تقل السيدة لوبن، أن حظوظها المتزايدة في كسب الانتخابات، ومن قبلها مفاجأتي البريكست وترامب، إنما جاءت ثمرة لنمو التيارات اليمنية الإقصائية المتطرفة، العنصرية في كثير من الأحيان، رداً على اجتياحات اللاجئين والمهاجرين المتكررة للقارة العجوز، وتفاقم خطر التهديدات الإرهابية، وتراجع نوعية ومستوى الخدمات المقدمة، وتفاقم التحديات الاقتصادية في تعانيها بعض الاقتصادات العالمية، الغربية على نحو خاص.
لكن لوبن، وهنا تمكن المفارقة التي يتعين على بعضنا أن يصغي إليها جيداً، عبرت عن الموقف/ الظاهرة بلغة إيديولوجية، حين عزت تعاظم فرصها للفوز وفسرت نتائج البريكست والانتخابات الأمريكية، بتنامي “الحركة العالمية المعادية للعولمة غير المراقبة” والرافضة لـ “الليبرالية المفرطة الهدامة” والمناهضة لـ “القضاء على الدولة القومية واختفاء الحدود”.
وأنا أقرأ عبارات لوبن تلك، تذكرت عبارة لطالما كنا نرددها زمن الصعود اليساري في المنطقة، حين كنا نرى مواقف “أقصى اليمين” تلتقي على الدوام مع مواقف “أقصى اليسار”، إلى الحد الذي جعلنا ننظر إليهما بوصفهما وجهان لعملة واحدة، أو أقله، هكذا كان ينظر للأمر بطريقة لا تخلو من البساطة والتبسيط، وأذكر مقالاً كتبته في مجلة “الهدف” الفلسطينية ذات يوم، ولاقى انتشاراً واسعاً، تحت عنوان “اليمين واليمين معكوساً”، حمل المضامين ذاتها تقريباً.
اليوم، أنظر إلى خطاب بعض اليسار وبعض القوميين في بلادنا، فأراه يفرط في هجاء “العولمة غير المراقبة” كما تفعل السيدة لوبن، وأراه يثخن التجريح في “الليبرالية المفرطة والهدامة”، إلى الحد الذي يرقى إلى التكفير والتخوين، وهو ما زال مستمسكاً بنظريات بالية عن “السيادة” و”الدولة القومية” و”الحدود” … فهل هذه هي مساحات التقاء جديدة، بين أقصى اليمين عندهم، وأقصى اليسار عندنا؟
أياً يكن من أمر، إن صحت التكهنات المتشائمة بشأن نتائج الانتخابات الفرنسية المقبلة، فلن يكون مستبعداً أن نرى ماري لوبن في الإليزيه كما قال فالس، وسيكون لهذا الزلزال الفرنسي، حال حدوثه، ارتدادات قوية في بقية عواصم القارة، ولن يكون مستبعداً أن ُيُتبع نايجل فاراج مفاجأته الأولى زمن “البريكست” بمفاجأة ثانية، في 10 داوننغ ستريت … سيما وهو العائد منتشياً من لقائه “المُستعجل” مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في بيته الأصفر، قبل أن ينتقل إلى بيته الأبيض.
يبدو أن الديمقراطيات الغربية، بصدد أن تأتي بأسوأ ما لديها من خيارات وبدائل، ومن قال بالأصل، أن الديمقراطية ستأتي بالأفضل دائماً … لكن ما يميز الديمقراطية عن غيرها من نظم ديكتاتورية وبالأخص شمولية، أنها تمتلك آليات تصحيح مسارها وإعادة التوازن إلى آليات عملها ونتائجها … وهذا ما تنعقد الرهانات حوله، بعد أن تنقضي بضع سنوات عجاف أو أزيد قليلاً، ستكون بلا شك، شهر عسل لقوى اليمين واليمين المتطرف في الغرب عموماً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد ترامب و«البريكست»… هل تنتقل ماري لوبن إلى الإليزيه بعد ترامب و«البريكست»… هل تنتقل ماري لوبن إلى الإليزيه



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya