واشنطن وبيونغ يانغ على طريق الانفراج ماذا عن طهران

واشنطن وبيونغ يانغ على طريق الانفراج... ماذا عن طهران؟

المغرب اليوم -

واشنطن وبيونغ يانغ على طريق الانفراج ماذا عن طهران

بقلم - عريب الرنتاوي

لا أحد أكثر من إيران يبدي اهتماماً بالانفراجة في العلاقة الأمريكية – الكورية الشمالية، ولا أحد مثلها معني بالتعرف على خبايا وتفاصيل المفاوضات الدائرة توطئة للقمة المنتظرة بين كيم جونغ أون ودونالد ترامب ... هنا، وهنا بالذات، سيجري اختبار صدقية النوايا وجدية التهديدات الأمريكية ... هنا، وهنا بالذات، سيجري تلمس الفواصل والتخوم بين خيوط واشنطن وخطوطها، الحمراء والخضراء والصفراء ... هنا، وهنا بالذات، سيجري اختبار “العقيدة النووية” لإدارة الرئيس ترامب، خصوصاً في الجوانب المتصلة بـ “منع الانتشار”.
لكن إيران، وهي تتلقف كل شاردة وواردة عن هذا المسار المستجد في العلاقة بين الخصمين اللدودين، تدرك من دون ريب، أن ما ينطبق على كوريا الشمالية، ينطبق عليها جزئياً فقط، فثمة سببين اثنين، وربما أكثر، تجعلان المسألة الإيرانية مختلفة نوعاً عن المسألة الكورية الشمالية من وجهة نظر واشنطن:
السبب الأول؛ ويتعلق بكون كوريا الشمالية دولة نووية بالفعل، انتجت القنبلة النووية والهيدروجينية، وتمتلك وسائل نقلها لمسافات بعيدة (الصواريخ بعيدة المدى)، فيما إيران التي تطور برنامجاً صاروخياً باليستياً واعداً، لم توفر بعد هذا السلاح، بل هي تعلن أنها لا تريد امتلاكه، وتحرّم السعي لامتلاكه من منظور ديني، هكذا على الأقل، يقول الخطاب الدعائي للجمهورية الإسلامية.
والسبب الثاني؛ أن كوريا الشمالية، بعيدة جداً عن إسرائيل، ولا برامج لديها لتدمير هذا “الشيطان الأصغر”، وهي لا تدعم أية مقاومة ضدها، ولا تنوي تعبيد طريق بري يربط قزوين بشرق المتوسط، وليس عندها “يوم القدس” أو “فيلق القدس” ... كوريا الشمالية خارج الرادار الإسرائيلي، مع أن مبيعاتها من الأسلحة والخبرات اللازمة لصنعها، لعدد من الدول العربية والإقليمية، ومن بينها إيران، كانت على الدوام مصدر قلق إسرائيلي ... فيما إيران، تحتل مكانة “البؤرة” في التفكير الأمني والاستراتيجي الإسرائيلي، وثمة إجماع في إسرائيل على اعتبارها الدولة العدو والتهديد الأخطر ورأس محور الشر ومحور امبراطورتيه.
ما يقلق إسرائيل، يقلق الولايات المتحدة بالقدر ذاته، ومع أن لواشنطن حلفاء كبارا يحيطون بكوريا الشمالية من جهات عديدة (كوريا الجنوبية واليابان) إلا أن درجة الاستنفار الأمريكي في كل ما يتعلق بأمن إسرائيل وتفوقها النوعي، تبلغ ذروتها في المعتاد، بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة لبقية الشركاء والحلفاء والأصدقاء.
في الأنباء، أن نقطة البدء في مسار الانفراج في العلاقات بين بيونغ يانغ وواشنطن، جاءت من مبادرة “سرية” منسوبة لروسيا والصين، عرضها الرئيس الكوري الجنوبي، على نظيريه الشمالي والأمريكي، وتتحدث عن “صفقة شاملة”، لم تَرقَ إلى مصاف “صفقة القرن” على أهميتها، تقوم على تنظيف شبه الجزيرة الكورية من أسلحة الدمار الشامل، نظير رفع العقوبات المضروبة بإحكام على الشطر الشمالي للجزيرة، ويتبع ذلك، ربما، مفاوضات جادة وجدية حول الجداول الزمنية والتجارب الصاروخية بعيدة المدى، وحجم القوات الأمريكية المرابطة في الجنوب، وكثير من الملفات الرئيسة والجانبية التي تحيط بالصراع على تلك الجبهة، وبين أفرقائه المختلفين.
مثل هذه “القاعدة” سبق وأن بُحت الأصوات العربية مطالبةً باعتمادها كمدخل لمعالجة ملف إيران النووي، بل وملف أسلحة الدمار الشامل في عموم الإقليم ... الولايات المتحدة، لم تصغ لكل المطالبات العربية والدولية بجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل على اختلاف أنواعها، والسبب أنها تريد لإسرائيل تفوقاً نووياً على بقية بلدان الإقليم، وليس تفوقاً تقليدياً فحسب ... واشنطن ترى العالم بأسره من منظور “نظرية الأمن الإسرائيلية”.
واشنطن تقيم الدنيا ولا تقعدها، ضد برنامج إيران النووي، الخاضع بالكامل لرقابة وكالة الطاقة النووية العالمية، وتتنكر لاتفاق المجتمع الدولي مع إيران، الذي زكّاه وصادق عليه، مجلس الأمن الدولي، كل ذلك، لأن في إسرائيل من لا يكتفي بتجريد إيران من أية إمكانية لتصنيع سلاح كاسر للتوازنات، بل ويتطلع لتدمير كل من له صلة في البرنامج، من بشر وشجر وحجر، بما في ذلك قتل العلماء وتصفيتهم.
مثل هذا السلوك العدواني حيال إيران، لا نرى مثيلاً له في التعامل مع برنامج كوريا الشمالية، فلم نسمع عن عمليات اغتيال علماء أو استهداف منشآت، رأينا عقوبات قاسية، على كوريا شبيهة بالعقوبات المفروضة على إيران قبل التوقيع على الاتفاق النووي، وبخلاف ذلك، لم نر كل هذا الاستنفار الأمني والمخابراتي وكل هذا الجهد المبذول لتدمير الاقتدار الإيراني ... والسبب ببساطة: إسرائيل.
سيُعطي المسار التفاوضي الأمريكي – الكوري الشمالي، وما سينجم عنه (أو لا ينجم عنه) من تفاهمات أو اتفاقات، دلالة تأشيرية على ما يمكن أن يكون عليه المسار التفاوضي الأمريكي – الإيراني، المباشر او عبر الوسطاء، الثنائي أو في الإطار الجماعي، لكنه لا يعطي صورة دقيقة عمّا ستكون عليه المواقف الأمريكية من برامج إيران النووية والصاروخية ... هنا، يتوفر لواشنطن حافز أكبر، للتشدد والتعنت، وهنا، قد تتطوع الولايات المتحدة للقيام بالمهمة بدلاً عن إسرائيل، مع أن كوريا الشمالية وليست إيران، هي من هددت “العمق الأمريكي” وتوعدت بضرب شواطئ الولايات المتحدة الأمريكية... إنهم إسرائيليون أكثر من الإسرائيليين أنفسهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وبيونغ يانغ على طريق الانفراج ماذا عن طهران واشنطن وبيونغ يانغ على طريق الانفراج ماذا عن طهران



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء

GMT 01:05 2012 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حناج عيين با بنيه - نقوش بحرينية يتناول انواع نقوش الحناء

GMT 13:28 2015 الأربعاء ,18 شباط / فبراير

أفضل ستة فنادق في مراكش للاستمتاع بالرفاهية

GMT 03:24 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بالتعامل مع زملاء العمل

GMT 00:53 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد سعد يعود للغناء مرة أخرى بعد ثبوت صحة موقفه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya