مراجعات حماس يوسف إذ يعمّق مشعل

مراجعات حماس... يوسف إذ يعمّق مشعل

المغرب اليوم -

مراجعات حماس يوسف إذ يعمّق مشعل

بقلم : عريب الرنتاوي

عد اعترافات خالد مشعل بأخطاء قارفتها حركة حماس خلال السنوات العشر الفائتة في كلمته من على منصة مؤتمر مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة، تأتي المراجعات النقدية التي قدمها رجل حماس “الإشكالي” أحمد يوسف لـ “دنيا الوطن”، لـ “تعمّق” اعترافات مشعل، وتتوسع في تجربة “النقد الذاتي” غير المألوفة من أحزابنا وحركاتنا وفصائلنا، على اختلاف مرجعياتها وتوجهاتها الفكرية، وهذا أمرٌ، يحسب للحركة لا عليها، لكن “ النقد الذاتي” سيصبح “سلاحاً جباراً”، كما يقول الماركسيون، إن اقترنت الأقوال بالأفعال، وتبنت الحركة مساراً جديداً يستلهم دروس التجربة السابقة، ويقوّم المسار والمسيرة.
مشعل، ويوسف من بعده ومن قبله، قالا بأن الحركة “استسهلت” فكرة الانفراد بالحكم، والحقيقة أننا من موقعنا، نعرف ذلك تماماً، ونعرفه مبكراً، ويعرفه واقعاً معاشاً ما يقرب من مليوني مواطن فلسطيني في غزة... وأحسب أنه ما كان يتعين على الحركة أن تنتظر كل هذه السنوات، لتصل إلى هذا الاستنتاج، لكن أن تصل إليه متأخرة، خيرٌ من ألا تصل إليه، إذ يفتح هذا الاعتراف المتأخر، الباب رحباً، لتصحيح المسار، واختيار طريق الشراكة وبناء التوافقات والتحالفات من مختلف المكونات والكيانات الوطنية الفلسطينية، نظرياً على الأقل.
سيجادل البعض منّا، بأن المسألة هنا، لا تتعلق بضعف الخبرة أو نقص المعلومة، كما حاول رئيس المكتب السياسي للحركة أن يعزو ويفسر أو يبرر بعض أخطاء حركته... وأن الحركة ذهبت في الانفراد والتفرد عن سابق وعي وإصرار، وأنها تشجعت بتحالفاتها الإقليمية و”استكبرت” وأصابها الغرور في سني الربيع العربي الأولى، وأن كل ما يجري من مراجعات الآن، إنما هي “انحناءة تكتيكية” أمام “عاصفة الغضب” التي تصب حممها على رؤوس إخوان المنطقة ومن ضمنهم حماس... ولأنها انحناءة تكتيكية، فهي مؤقتة بحكم طبيعتها، وليست نهائية إن لم ترتبط بتغيير جذري في الخطاب والبرنامج والممارسة، إلى غير ما هناك من تحفظات وشكوك تحيط بمراجعات حماس واعترافات قادتها.
كل ما سبق يمكن أن يكون صحيحاً، لكن في السياسية لا يمكن محاكمة المواقف والسياسات بالنوايا، فالاختبار الحقيقي لجدية هذه التحولات التي تتزامن مع تحولات أوسع وأشمل تمر بها الحركات الإسلامية في المنطقة، إنما يتمثل في إخضاعها لامتحان التجربة والممارسة، وسيحكم الشعب الفلسطيني على سلوك حماس ونواياها، من خلالها استجابتها لنداءات المصالحة والشراكة، حتى لا  نقول من خلال مبادرتها لإطلاق مشروع المصالحة والشراكة والوحدة الوطنية من جديد ... العبرة هنا، بالأفعال، وبالأفعال فقط، لكن الأقوال الطيبة، تمهد لأفعال طيبة، أو على الأقل ترفع منسوب التفاؤل بالجديد القادم.
أما عن “استعجال” حماس في إصدار بيانات “نعي فتح”، فتلكم قضية أخرى ... ما أسأت حماس تقديره، هو قوة “السلطة” وليس قوة فتح ... في ظني أن فتح التي نعرف، مفجرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وراعية الكيانية الوطنية الفلسطينية والعمود الفقري لحركة التحرر الوطني الفلسطينية، قد غابت أو غُيّبت بالأحرى، عن المشهد الفلسطيني، ومن المرجح ألا تعود، بعد أن تحوّلت وتماهت في كيان السلطة، وأخذت تعتمد ادواتها ووسائلها في البقاء وحفظ الذات والدور والسطوة والنفوذ، والسلطة متطلب ضروري إقليمي ودولي أكثر من كونها متطلباً وجودياً فلسطينياً، لذا فهي “باقية حتى وإن لم تتمدد”، وبوجودها ستظل فتح، حتى إشعار آخر، قائمة وفاعلة، ولكننا نتحدث هنا عن “طبعة جديدة” من فتح.
وما ينطبق على فتح، ينطبق بدرجة أقل على حماس، بعد عشر سنوات، من التماثل والتماهي مع سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، واعتمادها أدوات السلطة ووسائلها ومحاذيرها وأولوياتها في إدارة شؤون القطاع، وفي تقرير مستقبل المقاومة كذلك، وإن استمرت الحال على هذا المنوال، فإننا سنكون أمام طبعة ثانية من حماس، غير مزيدة وغير منقحة عن فتح في طبعتها الثانية ... إنها “لعنة” السلطة، أو بالأحرى، الديناميكيات المترتبة على الانفراد بممارستها، من دون حسيب أو رقيب، ولسنوات طوال، ومن دون أي تجديد أو تغير... إنها “لعنة” تصيب حركات التحرر التي تتحول إلى “سلطة” قبل أن تتمكن من بناء الدولة، فلا تعود قادرة على استكمال مهام التحرر الوطني، ولا هي قادرة على التصرف كسلطة، كامنة تحت إبط الاحتلال وجلده.
ما الذي قصده خالد مشعل بحديثه عن “ضعف الخبرة ونقص المعلومات” في تعامل الحركة مع بعض الدول والملفات؟ ... هل هناك، من خدع الحركة بشأن السلطة، أم أن هناك من خدعها بشأن سوريا وربما مصر، هل هناك من استمهلها السير على طريق المصالحة، إلى أن تعود إلى دمشق مع “الفاتحين”، بعد أسابيع أو أشهر معدودات، أم أن هناك من أقنعها بأن الدكتور محمد مرسي عائدٌ إلى كرسي الرئاسة بعد أن يرد الله غيبته ويعجل فرجه الشريف، كما يقول إخوتنا الشيعة عن الإمام الغائب؟ ... هنا تبدو المراجعة، ناقصة ومبتورة، بل وكأنها لم تكن، إن لم يقترن هذا الاعتراف، بإعادة قراءة مواقف الحركة من الملفات الكبرى، وما الذي دفعها لاتخاذ مواقف وسياسات، تعتقد اليوم أنها أخطأت بشأنها.
أحمد يوسف، القيادي والمفكر الحمساوي، الذي عوّدنا “التفكير من خارج العلبة”، يذهب أبعد من مشعل في مراجعاته، ويعبر عن ضيقه بـ “التفكير المحلي” الذي يستحوذ على تفكير النخبة من قادة حماس وغيرها في غزة، ممن أجبروا على البقاء داخل أسوار القطاع المحاصر ... وهو يتحدث عن الشراكة والمصالحة بوصفها قضية وجود أو عدم، وإذ لا يسقط خيار المقاومة، فإنه يعطيه بعداً دفاعياً عن القطاع، ويدعو لمقاومة شعبية – سلمية، تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية، وتخرج حماس من الدائرة الضيقة المحشورة فيها، جراء تصنيفها الجائر كحركة إرهابية ... وقد أبدى الرجل حرصاً على وحدة فتح ونهضتها وترتيب بيتها الداخلي، لا يبديه كثير من الفتحاويين أنفسهم، بل ولم يتردد عن توجيه بعضٍ من قصائد الغزل بالعقيد المنشق محمد الدحلان ... ينظر إلى مختلف هذه العناوين بعين المصلحة الوطنية، المتجاوزة للحزبية الضيقة ومكاسبها الأنانية الضيقة، هذا على الأقل، ما يُستشف من مراجعاته.
لتبقى الأسئلة والتساؤلات بعد هذا الفيض من المراجعات والاعترافات: إلى أي حد تعبر هذه المواقف الجديدة عن مواقف حماس كحركة، هل هذه المواقف والمراجعات مقرة من مؤسساتها، أو أنها تعبر عن آراء تيار بداخلها، وهل هو تيار أغلبي أو تيار أقلوي حتى الآن، هل هي مراجعات عميقة ونهائية، أو تكتيكية ومؤقتة، وهل سنرى ترجمات لها في مواقف الحركة وممارساتها فلسطينياً وإقليمياً؟ ... أسئلة وتساؤلات برسم المستقبل، بانتظار أن تُبدي لك الأيام ما كانت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مراجعات حماس يوسف إذ يعمّق مشعل مراجعات حماس يوسف إذ يعمّق مشعل



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya