الأردن والمصالحة وما بعدها

الأردن والمصالحة وما بعدها

المغرب اليوم -

الأردن والمصالحة وما بعدها

بقلم - عريب الرنتاوي

يأخذ كثيرون على الأردن إحجامه عن القيام بأي دور لرأب الصدع الفلسطيني وتسهيل الحوار والتوسط للمصالحة بين طرفي الانقسام، وهذا صحيح ... أما سبب الإحجام فيعود لأمرين اثنين: الأول- تحسب الأردن من تداعيات الدخول على “ملاعب” بعض الحلفاء العرب الفاعلين، تحديداً مصر ... والثاني- علاقته المتوترة عموماً مع أحد طرفي الانقسام (حماس) وضعف تأثيره على الحركة وآلية صنع القرار فيها.
لكن الاستناد إلى ذلك، للاستنتاج بأن الأردن قد بات خارج المشهد الفلسطيني، وأنه تحول إلى “لاعب ثانوي” على هامش المسرح الفلسطيني، فذاك تحليل في غير محله، ولا يعكس حقائق الأمر كما هي ... إذ حتى لو قرر الأردن “النأي بالنفس” عن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فإن دكتاتورية الجغرافيا و”عبقريتها” فضلاً عن ثقل الديموغرافيا، سسجعلان خياراً كهذا متعذراً، إن لم نقل مستحيلاً ... فلا مجال لفك الارتباط بين الأردن والمستقبل الفلسطيني، حتى وإن ذهبنا في قرار فك الارتباط الشهير، من “القوننة” إلى “الدسترة”.
الأردن مشتبك مع مختلف جوانب وميادين الحل النهائي للقضية الفلسطينية، من الأمن والحدود، إلى المياه والسيادة، مروراً بالمال والأعمال، وليس انتهاء بالقدس والأقصى والمقدسات و”الرعاية” ... تلكم قضايا، يمكن بحثها بمعزل عن الأردن، لكن القرار النهائي بشأنها، متعذر من دون أن يكون الأردن حاضراً على مائدة التفاوض، وكل حديث بخلاف ذلك، ضربٌ من الترف غير المتاح في حسابات السياسة والإستراتيجية.
ولا يستطيع الأردن أن يقف متأملاً حيال ما يجري من حوله من تفاعلات، وما تتطاير إلى جانبه من سيناريوهات لحل المسألة الفلسطينية... في هذه الفترة بالذات، وبانتظار “صفقة القرن” الترامبية، تشهد المنطقة “عجقة” سيناريوهات، تبدأ بحل الدولتين ولا تنتهي بالدولة الواحدة، مروراً بصيغ ومشاريع تراوح ما بين استمرار “الستاتيكو” وحتى الإطار الإقليمي للحل، الموحي بشكل من أشكال الاستعادة لمشروع جيورا آيدلاند، وإن بطبعة أكثر قبحاً، وأكثر إجحافاً للفلسطينيين.
وأي حل لا يشتمل على تمكين الفلسطينيين من عناصر السيادة والقابلية للحياة والعيش الكريم والاستقلال في كيان خاص بهم، سيفتح الباب شئنا أم أبينا، أمام حلول وخيارات، تستوجب وتستدعي دوراً أردنيا مباشراً ... وعلينا أن نتحضر تماماً لمواجهة مختلف السيناريوهات المتطايرة، بدءأ بأسوئها، طالما أن حل الدولتين، الذي عوّل الأردن عليه طويلاً وكثيراً، لم يعد قائماً بعد أن جرى تدميره على نحو منهجي ومنظم من قبل سلطة الاحتلال.
من وجهة نظر إسرائيلية، لا يبدو أن “حل الدولتين” أو “الدولة الواحدة متساوية الحقوق”، خياراً قابلاً للبحث والتفاوض ... وفي ظني أن إسرائيل تتداول بخيارين من بين جملة الخيارات قيد البحث: الأول، التعويل على الإطار الإقليمي للحل، بوصفها وعاءً لحل القضية الفلسطينية، الأمر هنا يحتمل تبادلاً إقليمياً للأرض، لتسهيل و”تشريع” ابتلاع مساحة واسعة من الضفة الغربية ... الأردن في هذه المقايضة الإقليمية، ليس مطروحاً كطرف، لكن دوره في الإسهام في تمرير المشروع وضمان استقرار الحل، سيكون أكثر من ضروري.
أما الخيار الثاني، فهو الحفاظ على “الستاتيكو” القائم حالياً، لكن إسرائيل لن تقف “ساكنة”، بلا حراك، في ظل سيناريو كهذا ... فهي ستسرع الاستيطان وتعمل على زيادة أعداد المستوطنين، وستواصل الاستيلاء على الأرض والحقوق والمقدسات ... مثل هذا السيناريو يبدو محتملاً إن لم يكن مرجحاً في ظل تفاقم المد اليميني، الديني والقومي، في إسرائيل، ورغبة الترويكا الحاكمة في “شراء” المزيد من الوقت الذي تعتبره ضرورياً للاستيلاء على المزيد من الأرض بأقل عدد من السكان.
الخيار الأول، ربما كان خيار من تبقى “عقلاء” في إسرائيل، إن جاز لنا أن نسميهم كذلك، وهم قلة على أي حال، مع أنه خيار مجحف بحق الفلسطينيين، لكنه يوفر لإسرائيل فرصة نادرة للخلاص من خمسة ملايين فلسطيني على الأقل في الضفة والقطاع ... أما الخيار الثاني، فهو خيار المتطرفين في إسرائيل، الذين يراهنون على استمرار تردي الحالة الفلسطينية والعربية، على أمل الحصول على “عروض” أفضل، لا تستبعد طرد السكان توطئة لابتلاع الأرض.
طالما أن إسرائيل تمارس احتلالاً غير مكلف، وطالما أن العرب غارقون في بحور من انقساماتهم وحروبهم الداخلية، وطالما أن كثيرًا من الأنظمة العربية، تتسابق لكسب ود واشنطن، من البوابة الإسرائيلية، فإن “الستاتيكو” سيظل خياراً مرجحاً ... وحده دخول ترامب على خط حل المسألة الفلسطينية، ورغبته الجامحة في أن يسجل حلاً كهذا في إرثه الشخصي، والرجل مسكون بصورته ورغبته في ظهوره كرئيس غير مسبوق، يمكن ان يدفع إسرائيل إلى الذهاب إلى الخيار الأول، والبحث عن تسويات ومقايضات إقليمية تقوم على تبادل إقليمي للأراضي، وإشراك كل من مصر والأردن في التسويات النهائية.
هذه الخيارات وما سبقها كذلك، ليست قدراً نهائياً، لا مندوحة أمام الشعب الفلسطيني سوى القبول بها والاستسلام لها ... لكن الأمر بحاجة لتطوير إستراتيجية جديدة في القلب من أهدافها، رفع كلفة الاحتلال الإسرائيلي، وجعل قرار الانسحاب أقل كلفة من قرار إدامة الاحتلال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن والمصالحة وما بعدها الأردن والمصالحة وما بعدها



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 17:49 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

GMT 19:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الدلو

GMT 19:31 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مناقشة رواية "غيوم فرنسية" في معرض الكتاب

GMT 04:30 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

باتاكي ترتدي بكيني أحمر متوهج وتتباهى بجسدها

GMT 06:55 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية معرفة الفرق بين الألماس الحقيقي والصناعي

GMT 02:40 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الأعمال الفنية الحديثة تخلو من الراقصة الممثلة الموهوبة

GMT 02:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

استكمال جمال سليمان ومنة فضالي وياسر فرج "أفراح إبليس2"

GMT 13:55 2016 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

استنفار أمني في زايو بعد العثور على فتاة مقيدة

GMT 23:33 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ريم مصطفى تنضم إلى فريق عمل "اللهم إني صائم"

GMT 22:37 2017 الإثنين ,16 كانون الثاني / يناير

"بنات خارقات" يجمع شيري ويسرا وريهام على MBC مصر

GMT 23:37 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

"سابع جار" للممثلة هيدي كرم قريبًا على CBC
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya