حكاية الضغوط العربية على القيادة الفلسطينية

حكاية الضغوط العربية على القيادة الفلسطينية

المغرب اليوم -

حكاية الضغوط العربية على القيادة الفلسطينية

بقلم - عريب الرنتاوي

في الأنباء، أو بالأحرى “التسريبات” الفلسطينية، أن قادة عرب يمارسون ضغوطاً مكثفة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاستئناف المفاوضات ومعاودة التنسيق الأمني بأعلى وتائره مع إسرائيل ... وفي التصريحات العلنية من هناك وهناك، يربط قادة استئناف المفاوضات من جهة، بحل الدولتين والمبادرة العربية للسلام من جهة ثانية، ولا بأس من إضافة من الحديث بين فينة وأخرى، عن جداول زمنية، ومفاوضات جادة وجدية، وغير ذلك من توصيفات و”اشتراطات”، يُراد بها الإجابة مسبقاً على أسئلة “جدوى العودة للمفاوضات”، قبل أن يتجرأ أحدٌ على طرحها.
لم يقل أي مسؤول عربي إن إسرائيل قبلت بمبادرة السلام العربية، التي أعلنت قبل خمسة عشر عاماً من اليوم ... وليس في مستطاع أي منهم، أن يجزم بأن في إسرائيل قوة نافذة واحدة، ترغب أو تستطيع إن رغبت، في تمرير “حل الدولتين” على الرأي العام الإسرائيلي السادر في تطرفه الديني والقومي.
وأكاد أجزم، بأن معظم، حتى لا أقول جميع القادة العرب، قد باتوا على قناعة بأن “حل الدولتين” أصبح خلف ظهورهم وليس أمامهم، أو بانتظار شعب فلسطين الرازح تحت نير الاحتلال .
لكنهم، وهم الذين قرروا منذ سنوات طوال، أن السلام خيارهم الاستراتيجي الوحيد، وأن المفاوضات، والمزيد منها، هي طريقهم ذي الاتجاه الواحد، لتحقيق مبدأ “الأرض مقابل السلام”، لم تعد لديهم الحيلة والوسيلة، لابتداع أشكال جديدة من الضغط والتهديد لسلطات الاحتلال والداعمين لها، ولم تعد لديهم “خطة ب” للتعامل مع مرحلة ما بعد انهيار مسار السلام والمفاوضات.
في صراعهم مع إسرائيل، أسقط العرب خيار القوة، بما فيها “القوة الناعمة، وانتقلوا من سياسة التهديد بالقوة والتلويح ببعض أشكالها، إلى سياسة تقديم الإغراءات والإغواءات ، وهذا هو جوهر التحول في قمة بيروت عام 2002 ... عرضوا صلحاً وتطبيعاً على إسرائيل باسم 22 دولة عربية، لتشجيعها على إنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية والعربية، ثم قاموا بـ”أسلمة” هذا العرض، وتحدثوا باسم 57 دولة إسلامية، ستقبل بفتح عواصمها أمام سفارات إسرائيل وراياتها، ولكن من دون جدوى.
وفي كل مرة كانت فيها محاولات “إغواء إسرائيل وإغرائها” تفشل في تحقيق مبتغاها، بفعل الشهية النهمة لدولة الاحتلال والعنصرية، كان العرب يجدون مخارج لهم بالضغط على الجانب الأضعف في المعادلة: الفلسطينيين ... بدءاً من وضع تصور لحل مشكلة اللاجئين يسقط القرار 194 ويمكن إسرائيل من “حق الفيتو” على أي تصور للحل، مروراً بفكرة تبادل الأراضي وانتقاص السيادة و”المرحلية غير المحددة بزمن” وغير ذلك من تنازلات كانت تُفرض على الفلسطينيين وتُنتزع منهم، لتسيهل عملية “تبليع” الإسرائيليين للحل، ولكن من دون جدوى.
أدركت القيادة الفلسطينية متأخرة، وهي من صنف القيادات والمسؤولين العرب ، لولا أنها صاحبة الحق ويدها في النار بخلافهم، بأن وظيفة المفاوضات من المنظور الإسرائيلي، هي التغطية على التوسع الاستيطاني الزاحف ومشاريع “الأسرلة” و”التهويد”، فقررت وقفها رسمياً، من دون إقفال قنواتها الجانبية والخلفية، على أمل أن تأتي اللحظة التي يمكنها فيها الانخراط بمفاوضات ذات مغزى، وبجدول أعمال محددة، وجدولة زمنية قصيرة نسبياً.
لم يرتضِ العرب بهذه النتيجة، وجرت آخر جولة من الضغوط على “أبو مازن” لاستئناف التفاوض مع نتنياهو، في العام 2014، وبرعاية من الوزير الأمريكي جون كيري، لم يكن الجانب الفلسطيني متحمساً لاستئناف المفاوضات، ولكنه كان مصمماً على عدم إغضاب الأردن او استثارة حنق الولايات المتحدة، فكان أن استجاب وبقية القصة معروفة: مفاوضات عقيمة، لا طائل من فوقها أو تحتها، سرعان ما انهارت وصارت نسياً منسياً.
اليوم، ونحن بانتظار الكشف عن “صفقة القرن”، تُستأنف الضغوط لاستئناف المفاوضات وتشتد، من دون أن يكون لدى أي عاصمة عربية ضمانة، أو حتى أي فكرة من أي نوع، عن نتيجتها ومآلاتها ... المهم أن تكون هناك “عملية سلمية”، حتى وإن لم تنته إلى نتائج، فمن المحظور أن يقال أن عملية السلام قد ماتت وآن أوان مواراتها الثرى ... وإن لم يكن السلام ممكناً، فلا بأس من التشبث بـ “وهم السلام”، فمنذا الذي يمتلك الوقت والجرأة والترف للتفكير بخيارات أخرى أو بـ “خطة ب”؟
كنا نظن أن العرب يتطوعون لممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني للانضباط في صفوف “معسكر السلام” والتزام خيار التفاوض، لأهداف تتعلق بإحساسهم بأن هذا الطريق لم يقفل بعد ... جديد عملية السلام اليوم، أن العرب يضغطون وهم يعرفون النتيجة سلفاً.
جديد هذه الجولة من الضغوط، أنها أخطر مما سبقها، فهي تتعلق بجوهر وصميم حقوق شعب فلسطين الوطنية المشروعه، وببرنامجه الوطني وثوابته الأساسية ... والفلسطينيون هذه المرة، لا يمتلكون ترف “المسايرة” و”المجاملة”، فيما بعض القادة العرب، ليسوا على استعداد لسماع عبارة “شكر الله سعيكم”، أو “حلّوا عنّا” حسب التعبير الفلسطيني الدارج، فإدارة ترامب لم تترك لهم هامشاً للمناورة، وعليهم المشاركة في إحياء مسار التفاوض وتعبيد الطريق لمبادرة الرئيس الرئيس الأمريكي، ولكن من بوابة واحدة فقط: الضغط على الفلسطينيين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية الضغوط العربية على القيادة الفلسطينية حكاية الضغوط العربية على القيادة الفلسطينية



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya