الشيعة العرب

الشيعة العرب

المغرب اليوم -

الشيعة العرب

بقلم - عريب الرنتاوي

ما كان لإيران أن تحظى بكل هذا النفوذ في أوساط الشيعة العرب، لو أن حكومات ما بعد الاستقلالات العربية، نجحت في بناء دولة المواطنة الفاعلة والمتساوية، دولة جميع أبنائها وبناتها، دولة جميع مكوناتها وكيانتها ... فشل الدولة الوطنية العربية الحديثة، كان سبباً رئيساً في تحوّل قطاعات واسعة من الشيعة العرب إلى “رؤوس جسور” للنفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة.
ما ينطبق على الشيعة العرب، ينطبق بقدر أكبر أو أقل، على مكونات أخرى، فلو أن أكراد المنطقة جرى إدماجهم في دولهم ومجتمعاتهم، على قاعدة الاعتراف بمواطنتهم وحقوقهم الوطنية كأقلية قومية، لأمكن توفير الكثير من الدماء والدمار في حروب عبثية، ولما تفاقم الميل الانفصالي عند غالبيتهم الساحقة، ولما تحول بعضهم إلى رأس جسر أيضاً للنفوذ الإقليمي في المنطقة، ولما تفاقمت الخشية من “إسرائيل ثانية” كما يردد البعض منّا محقاً أو متطيراً.
لا تستطيع حكومة أي دولة من دول الانتشار الشيعي في العالم العربي، أن تزعم بأن هذه الفئة من مواطنيها كانوا يعاملون بالسوية ذاتها مع بقية المكونات والمواطنين الآخرين ... فالمظلومية الشيعية أكبر من أن تغطى في ظل الحقائق التي استبطنتها مئات الأبحاث والتقارير وألوف التغطيات الصحفية، عن “المحرومين” في لبنان مثلا مروراً بعمليات العزل والإقصاء والسقوف الخفيضة التي ظل هؤلاء يمارسون حياتهم تحتها.
ولا يمكن القبول بنظرية أن “المستبد العادل” وزع استبداده بالقسطاس بين مختلف المكونات التي تشكل مجتمعاتنا، فالقول على سبيل المثال، إن صدام حسين على سبيل المثال، كان ديكتاتوراً على الجميع بلا استثناء، لا يلغي حقيقة أن حصة الشيعة العراقيين من جبروته، لا يعادلها سوى حصة الأكراد منه ... صحيح أن أهل السنة من عرب العراق، لم يسلموا من طغيانه واستبداده، لكن الصحيح كذلك أن حصة هذين المكونين من عقوباته الجماعية، كانت الأكبر والأفدح.
إلى أن وصلنا إلى الانقسام المذهبي الأخطر في المنطقة، أو “الشرخ القاريّ” الذي قسمها إلى شطرين متصارعين في سنوات العربي السبع الفائتة، هنا جرى الزج بمكونات اجتماعية إضافية للارتماء في الحضن الإيراني، من خطاب الكراهية ضد علويي سوريا، وانتهاء بحروب علي عبد الله صالح الست ضد الحوثيين.
اليوم، خرج “المارد الشيعي من قمقمه” على وقع الهزائم التي منيت بها الولايات المتحدة والفراغ الذي تركته في العراق من جهة، وتنامي نفوذ حزب الله في لبنان والإقليم بعد حرب التحرير في 2000 وعدوان تموز في 2006، فضلاً عن هزيمة المحور “السني” المدعوم أمريكياً في سوريا، و تطورات اليمن.
بعض رموز الشيعة العرب، أخذوا يتذمرون من النفوذ المهيمن للمدرسة الإيرانية، مدرسة ولاية الفقيه، في أوساطهم، رأينا حالات تمرد على الثنائي الشيعي في لبنان، ورأينا ميلاً استقلالياً جارفاً عند رجل السياسة والدين مقتدى الصدر، ورأينا انبثاق تيار الحكمة على حساب المجلس الأعلى، ونرى شروخاً داخل الدعوة بين المالكي والعبادي، ونستمع لأصوات من هنا وهناك، تعبر عن ضيقها بمصادرة الهوية الوطنية الخاصة للشيعة العرب، ومحاولة فرض مدرسة واحدة وقراءة واحدة عليهم جميعاً، هي المدرسة الإيرانية وقراءة الولي الفقيه... وهناك أصوات تخشى على مستقبل الشيعة من مسلسل الانتقام المتبادل الذي يطل برأسها من بين ثنايا التطورات والأحداث التي تشهدها دولنا ومجتمعاتنا بتسارع لافت.
مثل هذا الميل، يعيد التذكير بأن أصل التشيع، عربي بامتياز، وهو سابق لتحول إيران في عهدها الصفوي نحو هذا المذهب، ويعيد التذكير بالتباين حتى لا نقول بالانقسام، بين المدرسة العربية والمدرسة الفارسية في التشيع ... وهو تباين يتقلص كلما نظرت الحكومات والفاعلين الاجتماعيين للشيعة العرب بوصفهم رعايا لا مواطنين، وتتسع حدته كلما تكرس مفهوم المواطنة المتساوية ودولة المواطنة المدنية الديمقراطية في عالمنا العربي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيعة العرب الشيعة العرب



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya