عن المكالمة الهاتفية بين غزة وعمان

عن المكالمة الهاتفية بين غزة وعمان

المغرب اليوم -

عن المكالمة الهاتفية بين غزة وعمان

بقلم ـ عريب الرنتاوي

إن لم أكن مخطئاً، فإن الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية أمس الأول مع الملك عبدالله الثاني، هو الاتصال الأول بين الجانبين على هذا المستوى منذ نهاية العام 2012، أو مطلع العام 2013، حين زار خالد مشعل عمان أكثر من مرة، والتقى في أثنائها الملك وكبار المسؤولين... كان ذلك في ذروة «شهر العسل» القصير بين الأردن والحركة الإسلامية الفلسطينية.
من وجهة نظر حماس، فقد قدمت الحركة ما يكفي من التنازلات من أجل ترجيح خيار المصالحة الفلسطينية، وهي تسعى جاهدة من أجل «استثمار» هذا الموقف والبناء عليه لاستعادة علاقاتها مع دول عربية وتطوير علاقاتها القائمة مع دول أخرى... تدرك حماس أن المصالحة الوطنية مطلوبة من قبل عواصم عربية عدة، كونها متطلباً تمهيدياً مسبقاً لمبادرة ترامب لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهي تريد أن تبني على الشيء مقتضاه، وأن تقطف المزيد من الثمار التي دفعت ثمنها مسبقاً للرئيسين السيسي و»أبو مازن».
اتصال هنية يأتي من ضمن هذا السياق، وهو جزء من جولة علاقات عامة تولّاها «أبو العبد» شخصياً خلال الأسابيع التي أعقبت حوارات القاهرة وبدء عجلة الحوار والمصالحة الفلسطنيين بالدوران ... والأرجح أن الرجل سيواصل مهمته هذه مع عواصم أخرى، وقيادات عربية إضافية.
ومن وجهة نظر حماس أيضاً، ثمة حاجة للتخفيف من وقع الزيارة التي قام بها وفد كبير ورفيع من حماس إلى إيران، وبقيادة نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري، تلكم الزيارة التي استدعت الكثير من القلق والشك والانتقاد، ونظر إليها البعض بأنها «دخول» إيراني على خط المصالحة لتخريبها، ومحاولة من حماس للعب بكل الأوراق والرقص على كل الحبال ... هنية باتصالاته مع عواصم»الاعتدال العربي» يريد أن يبدد أية آثار سلبية لزيارة طهران على وضع الحركة ومكاسبها والنظرة المستجدة لها في هذه العواصم.
أما من وجهة نظر أردنية، فإن الاستجابة الملكية للاتصال الهاتفي، تعبر عن دعم أردني للمصالحة الفلسطينية والوساطة المصرية، والأردن سبق وأن رحب بالمصالحة وثمن دور الوسيط ... والموقف الأردني بهذا الشأن يتساوق مع مواقف عواصم «الاعتدال» العربية، التي خفت للتوسط من أجل المصالحة ودعمها وتبريكها، وفي أدنى الأحوال، عدم عرقلتها ... رأينا عواصم تبتلع تحفظاتها على حماس برغم «إخوانيتها»، ورأينا إرجاءً لمحاولات فرض العقيد محمد الدحلان على القيادة الفلسطينية، وتاجيلاً لمحاولات إعادته إلى الساحة الفلسطينية من نافذة غزة بعد أن أُخرج منها من بوابة الضفة الغربية ... جميع الأطراف مشغولة بما يحضر له ترامب من تسويات وصفقات، وجميع العواصم معنية بتيسير طريقه وتسهيل مهمته، ومن المؤكد أن هذه المهمة تستوجب شكلاً ما من أشكال المصالحة، أو بمعنى مد سلطة رام الله من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، وهنا يكمن المغزى أو السر في الحماسة المصرية  للوساطة، وبهذا يمكن تفسير الترحيب العربي بالمصالحة الفلسطينية والوساطة المصرية.
لا أظن أن استجابة الملك لاتصال هنية الهاتفي، يعني تغييراً في الموقف الأردني من حماس، والمؤكد أنه لن يؤسس لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين، وهي العلاقة التي ساءت منذ العام 1999، وما أعقب ذلك من قرارات بإغلاق مكاتب حماس وإبعاد قادتها عن الأردن، ليظل الحال على هذا المنوال، حتى العام 2012، عندما تبدّى للأردن أن دولاً عدة ومساحات واسعة من العالم العربي ستحكم من قبل الإخوان المسلمين، ففتح الباب أمام «أبو الوليد» الذي عرض مساعيه الحميدة مع نظام محمد مرسي وحكومة تونس ، بل وتبرع القيام بدور لإقناع «إخوان» الأردن بالمشاركة في انتخابات 2013، وبقية القصة معروفة.
ألارجح أن يتعامل الأردن مع حماس من ضمن الأطر الرسمية والشرعية للحكومة والسلطة والمنظمة لا أكثر، أما على المستوى الثنائي، فقد «تطيّرت» كثير من وسائل الإعلام المحلية والإقليمية عندما روجت لفكرة «الاختراق» في العلاقة بين عمان والحركة، وصولاً حد التنبؤ بقرب عودة مكاتب الحركة للعمل من العاصمة الأردنية، مثل هذا السيناريو أجده مستبعداً إن لم نقل مستحيلاً في الأفق المرئي والمنظور.
المكالمة الهاتفية من الجانب الأردني، تعبير عن دعم للمصالحة أكثر منها تعبيراً عن رغبة في تجديد العلاقات مع حماس، والأهم من هذا وذاك، أنها تعبر عن القناعة بضرورة تذليل العقبات أمام مهمة ترامب حيث يُنْظَر أردنياً إلى مبادرة الرئيس الأمريكي بوصفها آخر فرصة لاستنقاذ «حل الدولتين»،  وفي ظني أن التوجه الأردني في هذا المجال، يتكامل ويتساوق مع جهود محور «الرباعية العربية» التي تضم إلى جانبه كلا من مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المكالمة الهاتفية بين غزة وعمان عن المكالمة الهاتفية بين غزة وعمان



GMT 16:46 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

سقف الأسابيع الخمسة!

GMT 09:18 2019 السبت ,20 إبريل / نيسان

انتخابات بيرزيت: حين يأتي الفوز بطعم الهزيمة

GMT 08:15 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

عن «التجمع الديمقراطي».. شيء من التاريخ (2-2)

GMT 15:05 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

حماس تدعو عباس لزيارة غزة.. لِمَ لا!!

GMT 09:30 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

اسرائيل تقتل واميركا تريد إدانة حماس

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya