من فلسطين إلى لبنان الديبلوماسية المصـرية فــــي دور «الإطفــائــي»

من فلسطين إلى لبنان: الديبلوماسية المصـرية فــــي دور «الإطفــائــي»

المغرب اليوم -

من فلسطين إلى لبنان الديبلوماسية المصـرية فــــي دور «الإطفــائــي»

الرباط - المغرب اليوم

نشطت الديبلوماسية المصرية على خطي لبنان وفلسطين خلال الأيام والأسابيع القليلة الفائتة، وعلى كلا الخطين، لعبت هذه الديبلوماسية دور “الإطفائي” الذي يسعى في منع الحرائق قبل اشتعالها، وفي أقل تقدير، احتواء تداعياتها، وربما من على قاعدة “لا أسألك رد القضاء وإنما اللطف فيه”. 
بوساطة مصرية، تستمر جهود استعادة المصالحة الفلسطينية، واجتماعات القاهرة جرت خلال اليومين الفائتين، وفقاً للرزنامة المقررة سلفاً، على الرغم من التحديات التي تجابه هذه العملية، ومنها تدخلات الخارج الضارة والمسئية ... من محاولات تأليب حماس على المصالحة انتصاراً لخط “المقاومة والممانعة”، إلى مساعي تأليب “الجميع” على حماس بدعوى أنها “دمية” إيرانية، وأنها تبطن خلاف ما تظهر، وأن زيارات قادتها لطهران والضاحية الجنوبية تفسد المشروع برمته.
ولأن الوسيط والراعي للمصالحة، هي مصر، بما تمثل ومن تمثل، وبالرغم من كل ما قيل ويمكن أن يقال، عن تراجع ثقلها السياسي أو انكماش دورها الإقليمي ... فقد أمكن التصدي لهذه “الريح السموم”، وها هو قطار المصالحة يمضي وإن بتعثر وبطء شديدين.
وللحقيقة، فإن تعثر المصالحة وتباطوئها لا يعودان فقط لتدخلات الإقليم من حول فلسطين فحسب، فثمة أسباب داخلية من العيار الثقيل، تفسر هذا التعثر والتباطؤ، فخلال أحد عشر عاماً لم يترك “أخوة يوسف” من وسيلة لتقطيع الصلات، وبناء منظومات من المصالح التي نمت وتشعبت على جذع الانقسام، حتى باتت معالجة نتائج الانقسام وذيوله، أشد صعوبة وتعيداً من “حلحلة” الأسباب والعقد التي وقفت وراء حدوثه.
لا نعرف إلى أي مدى ستذهب مصر في حمل أعباء الوساطة ومسؤولياتها، وما إذا كان الجهد المصري مرتبطاً بمبادرة ترامب ومقتضياتها، أم أنها حاجة تقتضيها نظرية الأمن القومي المصري في سيناء، أو أنها “منذورة خالصة” لصالح الفلسطينيين ومستقبل كفاحهم الوطني من أجل الحرية والاستقلال ... وزن كل عامل من هذه العوامل في تحريك الوساطة المصرية، هو ما سيقرر المدى والشوط الذي ستقطعه القاهرة كوسيط بين الفلسطينيين ... وفي مطلق الأحوال، فإنه يسجل لمصر، أنها نجحت في الحد من غلواء وتهور بعض العرب والعجم، الذين سعوا في زج الساحة الفلسطينية في أتون حروب الزعامة والطوائف والمحاور والمذاهب، وتقديم “رأس قضيتهم الوطنية” قرباناً على مذبح التقرب من دونالد ترامب و”إطاره الإقليمي الجديد” الذي يضم إسرائيل لمواجهة إيران.
أما في لبنان، ومذ بدا أن هذا البلد يوشك على الانزلاق في أتون “المحرقة الإقليمية”، بعد سنوات سبع من التأرجح على حافة الهاوية، فقد تحركت الديبولماسية المصرية على هيئة “فريق إطفاء الأزمات”، فطاف رئيسها بالعواصم العربية ساعياً في تدوير الزوايا الحادة في لغة الخطاب ولوائح الشروط ... واحتضنت القاهرة رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل (المتريث في استقالته) بعد أن بدا أنه “معلقاً” بحبل دقيق يتأرجح بين خياري الاستقالة وفتح جبهة ضد الفريق الآخر، أو المضي في موقعه ومنصبه، متحدياً حلفائه في الداخل والخارج ... القاهرة، وبالتعاون مع باريس على وجه الخصوص، وفرت شبكة أمان للحريري، ليست صلبة بعد، ولكنها كافية لتمكينه من التقاط أنفاسه بعد رحلة مع المجهول استمرت لثلاثة أسابيع تقريباً.
على أن الأهم من وضع الحريري ومستقبله السياسي، هو مستقبل لبنان وسلمه الأهلي واستقراره، فقد أسهمت القاهرة في إعادة ترميم شبكة الأمان الإقليمية والدولية من حول هذا البلد، وهي الشبكة التي حمته ومكنته من اجتياز تجربة السنوات السبع العجاف في سوريا ... فما جرى منذ الاستقالة غير المألوفة، في الشكل والمكان، كان بمثابة “اعادة تصويت” للنأي بلبنان عن أزمات الإقليم، وفتح الباب رحباً أمام الديبولماسية الإقليمية والدولية لحمايته، مثلما فتح الباب لحوار وطني لبناني لإعادة تجديد “الصفقة / التسوية” في ضوء مستجدات الإقليم من حوله.
وبمقدور القاهرة أن تبني على صورتها كلاعب إقليمي وازن، إن هي حافظت  على “مسافة أمان” من المحاور والعواصم المصطرعة في الإقليم، وإن هي سعت في أن تكون قطباً ثالثاً بين القطبين المحتربين ... بمقدور القاهرة أن تكون مظلة (منصة) لا لجزء من المعارضة السورية فحسب، بل ولجزء من الشعب اللبنانيي، لا يريد أن يستجير من رمضاء هذا الفريق بنار الفريق الآخر، مستعيدة بذلك، صوراً من أدوار لعبتها في خمسينات القرن الفائت وستينياته، عندما كانت “أم الدنيا” لقطاع وازن من اللبنانيين، زمن سياسة الأحلاف والحرب الباردة وترجماتها في المنطقة.
نريد للقاهرة أن تستعيد دورها القيادي المستقل، ونريد لمركز الثقل في القرار العربي أن يعود إلى موطنه الأصلي، بعد أن تعرض للسبي والاختطاف من عواصم عربية وإقليمية عديدة طوال سنوات وعقود ... لكن لهذه العودة شروطها ومتطلباتها، في الداخل المصري، كما في محددات وضوابط السياسة الخارجية وأهدافها، والكرة في ملعب القاهرة لتقرر في أية وجهة تريد أن تسير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فلسطين إلى لبنان الديبلوماسية المصـرية فــــي دور «الإطفــائــي» من فلسطين إلى لبنان الديبلوماسية المصـرية فــــي دور «الإطفــائــي»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya