لقاءات القاهرة وتفاهماتها

لقاءات القاهرة وتفاهماتها

المغرب اليوم -

لقاءات القاهرة وتفاهماتها

بقلم - عريب الرنتاوي

الغزل «غير العذري» بين حماس والدحلان، ليس جديداً... خلال العامين الفائتين، جرت لقاءات وأبرمت تفاهمات وعقدت صفقات ذات طبيعة محلية ومحدودة بين الجانبين، لم تكن مهمة بذاتها، بقدر ما كانت مفيدة لتوجيه رسائل ذات مغزى، وتحديداً إلى الرئيس عباس والسلطة في رام الله، ومن قبل الطرفين على حد سواء... حماس، أرادت اللعب بورقة الانقسام الفتحاوي في مواجهة الرئيس وسلطته، والدحلان «لا يكل ولا يمل» من البحث المضني عن معبر يعيده إلى القطاع.

لكن اللقاء الأخير بين الجانبين يكتسب مع ذلك، معاني ودلالات كثيرة، وربما أكثر من أي وقت مضى لجملة أسباب منها على سبيل المثال لا الحصر: (1) أن الفريق الحمساوي الذي التقى الدحلان في القاهرة برعاية مصرية، كان بقيادة أحد أبرز صقور الحركة وقادة ذراعها العسكري ورموز حركتها الأسيرة، يحي السنوار، ما يعني أن أي اتفاق سيبرمه الأسير المحرر مع العقيد المنشق، سيلقى قبولاً من قبل تيار الأغلبية في حماس، إن لم نقل إجماع الحركة، طالما أن تأييد التيار البراغماتي المعتدل لأي خطوة من هذا النوع، يبدو مضموناً مسبقاً... يبدو أن مأزق حماس في غزة والإقليم قد بدأ يحيل صقورها إلى حمائم.

(2) أن توقيت الاجتماعات والتفاهمات الجديدة، يبدو لافتاً للغاية كذلك، إذ يأتي في وقت تشتد فيه حملة «الرباعي العربي» ضد قطر ومن تحتضنهم من جماعات «إرهابية»، ولطالما جيء على ذكر حماس والإخوان المسلمين على ألسنة مسؤولين كبار في بعض دول «الرباعي العربي» بوصفهما جماعتين إرهابيتين، حتى أن صورة الشيخ تميم بن حمد ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، كانت تصاحب التقارير المتلفزة التي تبثها فضائيات هذه الدول عن رعاية قطر للإرهاب... كيف يمكن للدحلان، المحسوب على دولتين من دول هذا «الرباعي» أن يذهب في الاتجاه المعاكس، وهل له أن يفعلها بمعزل عن الرعاية والتوجيه والضوء الأخضر؟... هل فعلها إنفاذاً لنظرية «حصان طروادة» واختراق القلعة من داخلها، انسجاماً مع استراتيجية استهداف الجماعة بكافة فروعها وأذرعتهاالمعتمدة من قبل هذا الفريق؟... هل يمكن الافتراض بأن بعض دول «الرباعي» تريد أن تنتزع من قطر وظيفتها «التاريخية» في تدوير الزوايا في خطاب وممارسة الجماعات الإسلامية المتشددة، ومن بينها حماس؟... ولأن حركة الدحلان تكاد تنحصر على محور القاهرة – أبو ظبي، هل يمكن الحديث عن أجندة مشتركة، أو ضوء أخضر مشترك، أم أن الرجل كان أقرب في خطوته الأخيرة للقاهرة منه إلى أبو ظبي؟... أسئلة وتساؤلات لا يمكن الجزم بأي منها، حتى الآن على الأقل.

(3) البعد الثالث للمسألة، يتعلق بتزامن لقاءات القاهرة وتفاهماتها، مع اشتداد حدة التوتر بين رام الله وغزة، خصوصاً بعد رزمة القرارات التي اتخذها الرئيس عباس ضد حماس، من الكهرباء حتى الرواتب... فهل أراد الدحلان اقتناص حماس وهي في أضعف حالاتها، وهل بلغ الضعف والضيق بحماس، حد التعلق بـ»قشة الدحلان»؟... هل ما زالنا في مرحلة «توجيه الرسائل» إم أن التدهور بلغ نقطة اللاعودة، التي تملي على الأفرقاء البحث عن حلفاء آخرين وخيارات بديلة؟

(4) البعد الرابع للمسألة ويتعلق بحصار قطر وتطويقها، الحليف العربي الموثوق الوحيد لحماس... هل استشعرت الحركة أن الغطاء سحب من فوقها أو أن البساط سحب من تحت أقدامها (لا فرق)، هل بدأت رحلة التكيف مع مرحلة «ما بعد الدوحة»، التي امتدت لخمس سنوات أعقبت مرحلة «ما بعد دمشق»... وهل الإقبال الدحلاني على الحركة، مرتبط بتوجه إقليمي لإبعاد الحركة عن إيران، وقطع الطريق على دعوات بعض قادتها، وجهود بعض الأطراف العربية، لوصل ما انقطع بين الحركة وطهران، كيف ستؤثر هذه التفاهمات على أية محاولات للتقارب مع «محور المقاومة والممانعة» وكيف ستتأثر هي بها؟... أسئلة وتساؤلات رهن بنتائج «المخاض الإقليمي» وتطورات الأزمة الخليجية التي تتجه نحو «الأقلمة» و»التدويل».

ثمة ما يشي بأن مياهاً كثيرة ستجري من تحت معبر رفح... التصريحات واعدة، والمحروقات المصرية لغزة ستصل قريباً (صفقة الخمسة ملايين دولار)، وثمة ما يشير إلى أن الدحلان عائد بأشكال ومستويات مختلفة إلى القطاع، هذا إن سارت الأمور على ما يرام، ولم يطرأ ما يعرقل صفو العلاقات الناشئة بين أصدقاء اليوم وأعداء الأمس... لكننا لا نعرف كيف يمكن لـ «زواج المتعة» هذا أن ينتهي، ولا نعرف شيئاً عن «المدة الشرعية» المتفق عليها بين الطرفين المتعاقدين.
ماذا عن السلطة؟.... ماذا عن إسرائيل؟

أخبار لقاءات القاهرة وتفاهماتها، تثير مشاعر مركبة لدى السلطة والرئاسة، وربما تفضي إلى ردود أفعال، معلنة ومضمرة، ذات طبيعة مزدوجة... فمن جهة أولى يتعين على السلطة أن تقلق إذ يجري التفاف من وراء ظهرها من قبل دول عربية وازنة، لم تعد ترى في رام الله، ممراً إلزامياً عندما تتناول الشأن الفلسطيني عموماً، وشأن غزة وقطاعها على نحو خاص... والفرحة التي غمرت السلطة بإحباط مخططات سابقة لفرض الدحلان على رام الله، ينغصها اليوم، محاولات جديدة لـ «تهريب» الدحلان إلى غزة، لكأننا أمام «طريق التفافي» من النوع الذي خبره الفلسطينيون، يجري شقه، من وراء ظهورهم.

لكن من جهة ثانية، لا نستبعد أن تثير هذه اللقاءات والتفاهمات، إحساساً مضمراً بالارتياح للتخلص من القطاع والخلاص من همومه، سيما بوجود قناعة لدى السلطة، بأن «زواج المتعة» هذا لن يدوم، وأن هموم القطاع أكبر من أن تحل بتفاهمات على هذا القدر من المحدودية، وأن أفق المنطقة برمتها، أخذ يضيق بحركات الإسلام السياسي والعنيف على حد سواء، وأن جبهة أعداء حماس والإخوان آخذة في الاتساع وليس بالانكماش.

أما إسرائيل، فإن لقاءات القاهرة وتفاهماتها، وقعت على المستويين السياسي والأمني فيها، وقعاً حسناً... فإن فُتح معبر رفح وتدفقت السلع والخدمات بانضباط من خلاله وعبره، تخففت من أعباء القطاع ومسؤولياته على المدى المباشر... أما على المدى الأبعد، فأي ترتيب من شأنه تكريس «انفصال» القطاع عن الضفة، وتقليص اعتماديته على إسرائيل، فهو موضع ترحيب من قبلها، حتى وإن بلغ الأمر حد إعلان الإمارة / الدولة الفلسطينية في قطاع غزة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاءات القاهرة وتفاهماتها لقاءات القاهرة وتفاهماتها



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya