عن الأردن في «المرحلة الاستثنائية»

عن الأردن في «المرحلة الاستثنائية»

المغرب اليوم -

عن الأردن في «المرحلة الاستثنائية»

بقلم - عريب الرنتاوي

بات “الملف الفلسطيني” بكل تشعباته وأوراقه، أحد أهم مصادر القلق والتهديد والتحسب، لصانع القرار الأردني، بعد أن طغى ملف “محاربة الإرهاب” على جل اهتماماته وأولوياته خلال السنوات الأربع أو الخمس الفائتة، وهذا أمر طبيعي يمليه التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا، ولطالما نبهنا إلى أن التهديد الأكبر للأردن، أمناً واستقراراً وكياناً وهوية، إنما يأتي من “الغرب” وليس من الشمال أو الشرق، وأن احتلال “الحرب على الإرهاب” مكان الصدارة على جدول أعمالنا، لا يجب أن يصرفنا عن التفكير بحسابات مواجهة قادمة مع إسرائيل على أكثر من “خط من تماس”، ليست “الرعاية الهاشمية” للمقدسات، سوى واحد منها.
وإن كان ما ذهبنا إلى صحيحاً، فأحسب أن هذه “الأولوية” ستعلب دوراً مقرراً في رسم خرائط التحالفات ودوائر التحرك الأردني في المرحلة المقبلة، سيما بعد “انكشاف” تضارب الأولويات بين عواصم الإقليم ومحاوره ... وأحسب أن بعض من اعتبرناهم “ذخراً” للأردن وسنداً لمواقفه المصطدمة مع أجندة اليمين الديني والقومي في إسرائيل، يتجهون اليوم للانقلاب علينا، وفي أحسن السيناريوهات وأقلها ضرراً، يديرون ظهورهم لنا، وعلى أكثر من صعيد.
من سياسة غض الطرف عن المأزق الاقتصادي الذي يعتصر الأردن والأردنيين، إلى محاولات التحرش بقطاع الأعمال والمصارف الأردني، وصولاً إلى محاولة التخلي عن “الدعم التقليدي” للدور الأردني التاريخي في رعاية المقدسات المقدسية، تبدو ملامح “انقلاب المشهد” في طريقها للتشكل، وإن استمر الحال على هذا المنوال، فليس مستبعداً أبداً، أن نؤتى من مأمنا، وأن تشرع الريح الصفراء بالهبوب على بلادنا، من حيث لا نحتسب ولا نتوقع.
من آيات ذلك، الحديث المتزايد، تلميحاً وتصريحاً، إلى “أسلمة” الرعاية المقدسات، وهي دعوة “مشبوهة” في توقيتها ودلالاتها، بل وفي ارتباطها بقرار ترامب الأخير، والاستعدادات والتحضيرات لاستقبال “صفقة القرن” ... “الأسلمة” في سياقها الراهن، قد تفتح باب “التدويل”، وهذا “أبغض الحلال”، أما السيناريو الأكثر احتمالاً و”سوداوية”، فيفضي إلى “الأسرلة” تحت مظلة “شرعية” زائفة، بوجود رايات إسلامية، تغطي الراية الوحيدة التي يُراد رفعها في “زهرة المدائن”، وأعني بها الراية الإسلامية.
الديبلوماسية الأردنية في وضع صعب، مشكلتها الرئيسة مع بعض حلفائها التقليديين، ، وليس مع خصومها التاريخيين ... وهي لم تعتد العمل والتحرك خارج خرائط تحالفاتها المستقرة منذ قيام الإمارة وحتى يومنا هذا، برغم التقلبات التكتيكية التي كانت تقع بين الحين والآخر ... مشكلة الديبلوماسية أن كلفة الانتقال باهظة للغاية من جهة، وأن “المحطة البديلة” لا يمكن الوثوق بها أبداً، وهي ذاتها تعاني العزلة والحصار.
لا يستطيع الأردن التخلي عن دورٍ متوارث تاريخياً في القدس، وفي هذه اللحظة بالذات، وهو يعرف تمام المعرفة، كلفة تحول من هذا النوع وبهذا الحجم ... لكن استمرار هذا الدور، بات أكثر كلفة وصعوبة مما كان عليه في أي وقت مضى ... وهنا يتعين الاستعداد لشتى الاحتمالات والبدائل، بما فيها تنويع دائرة خطوط التحرك وتوسيع دائرة التحالفات، واعتماد مبدأ واحد قبل الانخراط في أي تحالف أو محور: أين يقع “الملف الفلسطيني” في سلم أولويات هذا التحالف/المحور، وماذا عن دور الأردن في هذا الملف، من منظور القوى المحركة والقائدة لهذا التحالف أو المحور؟.
وأحسب أن الدائرة الأولى في دوائر التحرك الأردني، يتعين أن تنطلق من المثلث الأردني – المصري – الفلسطيني، فإن أمكن الحفاظ على رؤية مشتركة وخطة تحرك متوافق عليها، لن يكون بمقدور أحد القفز من فوق مواقف ومصالح هذه الأطراف ... فهي صاحبة القضية والحلقة الأقرب إليها، وأي حل من أي نوع، لا بد أن يمر من هنا، ومن هنا حصراً، وبمقدور هذه الأطراف أن تلعب مجتمعة بأورق قوة، لا تتوفر لكل واحد منها على حدة، وبمعزل عن الفريقين الآخرين.
بعد ذلك، وبعد ذلك فقط، يمكن التوسع في رسم خرائط الحركة، من دون القفز في المجهول، إذ شتان بين الاستفادة من الموقف التركي الداعم للرعاية الهاشمية والرافض بشدة لقرارات ترامب من جهة، والانزلاق إلى عضوية محور تركي إخواني ... وشتان ما بين “تطبيع” العلاقات مع إيران، أو الانزلاق إلى “محور المقاومة والممانعة” ... توسيع دائرة التحرك، وتنويع العلاقات ومصادر الدعم وأشكاله، وفتح آفاق جديدة للتبادل مع دول الجوار الإقليمي والعالم، يبدو أنه بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى.
ليس هناك خيار سهل واحد أمام الأردن، جميع خياراتنا صعبة، ولكنها ليست مغلقة ولا مستحيلة، وعلينا الخروج من “شرنقة” المسلمات التي نهضت عليها تحالفات ومحاور تحركنا في السنوات الفائتة، والتفكير بالتوسيع والتنويع، وقد نجد أنفسنا مرغمين على تجريب “الاشتباك” السياسي والديبلوماسي مع من ظننا أنهم العون والعمق والسند، وهذا أمر يتطلب جبهة داخلية صلبة، وإجراءات تساعد في تمكين البلاد من اجتياز هذا “القطوع” الأخطر، بما في ذلك، التفكير بأنماط جديدة من الحكومات والسياسات الداخلية، فالمرحلة الاستثنائية ستحتاج لأدوات استثنائية كذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الأردن في «المرحلة الاستثنائية» عن الأردن في «المرحلة الاستثنائية»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:00 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجوزاء

GMT 16:57 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

المذيعة سماح عبد الرحمن تعلن عن عشقها للإعلام

GMT 14:49 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ليفربول يواصل سلسلسة انتصاراته وأرقامه المميزة

GMT 06:05 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

غارات إسرائيلية جوية على أهداف لـ"حماس" شمال غزة

GMT 14:56 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

الترجي التونسي يخوض 60 مباراة في موسم واحد

GMT 19:41 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

مصرع سبعة أشخاص في تفجيرين قرب القصر الرئاسي في الصومال

GMT 06:11 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

كتاب يكشف طقوس تساعد الإنسان على السعادة والاسترخاء

GMT 10:04 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ألوان مميزة تعزّز ديكور منزلك في صيف 2018

GMT 02:11 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مهندس يعيد بناء كوخ بعد أن دمره تمامًا

GMT 12:15 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سعر الدولار الأميركى مقابل دينار جزائري الإثنين

GMT 12:30 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

حسن أوغني يعود لتدريب فريق النادي القنيطري

GMT 03:41 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

فيلم "the shape of water" يقترب من حصد جوائز النقاد في 2018

GMT 00:42 2016 الثلاثاء ,12 تموز / يوليو

اكتشفي أسباب عدم بكاء الطفل حديث الولادة

GMT 04:18 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الملابس الصوفية عنوان المرأة العصرية لموضة هذا الشتاء

GMT 17:48 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

طوني ورد يطلق تشكية La Mariée الحصرية لفساتين الزفاف
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya